" الأعمال المثقلة للميزان : العمل الرابع عشر : ذكر الله عز وجل "
" الأعمال المثقلة للميزان: العمل الرابع عشر: ذكر الله عز وجل "
فإن ذكر الله تعالى باختلاف أنواعه يثقل الميزان، وقد جاءت عدة أحاديث عن بعض الأذكار والتسبيحات التي لها ثقل في الميزان، ومن شفقته صلى الله عليه وسلم بنا أنه أخبرنا بهذه الأذكار السهلة كي نتشبث بها، ونرطب ألسنتنا بها، لتكثر حسناتنا، ويثقل ميزاننا، ويخف كربنا والتي منها:
[1] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» (البخاري ومسلم).
كثير من الناس يعرفون فضل هاتين الكلمتين، ولكن القليل منهم الذي يرددها ليثقل بها ميزانه، ولا يذكرها إلا إذا سئل عنها في مسابقة ثقافية أو غيرها.
[2] وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض... الحديث» (مسلم).
[3] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه» (مسلم).
[4] وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال دبر صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير مائة مرة، قبل أن يثني رجليه، كان يومئذ من أفضل أهل الأرض عملاً، إلا من قال مثل ما قال، أو زاد على ما قال» (حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
[5] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال في يوم مائتي مرة [مائة إذا أصبح، ومائة إذا أمسى]: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لم يسبقه أحد كان قبله، ولا يدركه أحد بعده، إلا من عمل أفضل من عمله» (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة).
[6] وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه» (صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
[7] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله، فإن السموات السبع، والأرضين السبع، لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله» (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة).
[8] وعن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: «ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟» قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن؛ سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» (مسلم).
وفي رواية عند ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «لقد قلت منذ قمت عنك أربع كلمات ثلاث مرات، وهي أكثر وأرجح أو أوزن مما قلت: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته».
[9] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له جُمْدَان، فقال: «سيروا هذا جُمْدَان، سبق المُفْرِدون» قالوا: وما المُفْرِدون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات»، وفي رواية للترمذي: قالوا يا رسول الله وما المُفْرِدون؟ قال: «المستهترون بذكر الله (المستهتر بذكر الله: المولع به المواظب عليه عن حب ورغبة فيه، ومعنى: (المفردون) لغة: الذين تفردوا بذكر الله تعالى، وقيل هم الذين هلك أترابهم من الناس (جامع الأصول لابن الأثير) يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون الله يوم القيامة خفافًا» (مسلم).
[10] قال موسى بن خلف: حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قال: قالت: مر بي ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني قد كبرت وضعفت، أو كما قالت، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال: «سبحي الله مائة تسبيحة، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبري الله مائة تكبيرة، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة، وهللي الله مائة تهليلة» قال ابن خلف: أحسبه قال: «تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك، إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به» (حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
ولهذا كان الحسن البصري رحمه الله تعالى كثيرًا ما يسبح الله تعالى إذا لم يحدث الناس أو لم يكن له شغل قائلاً: سبحان الله العظيم (جامع العلوم والحكم لابن رجب).
وتأمل في تعظيم العلماء لذكر الله عز وجل، فقد سمعت أحد المشايخ يقول: إنه اجتمع مجموعة من الأطباء عند الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى؛ وسألوه عن حكم نزع أجهزة الإنعاش عن المريض الذي مات دماغيًا نظرًا لارتفاع تكلفة هذه الأجهزة على أهل المريض، فسألهم إن كان ثبت أن أفاق أحد من المرضى من الموت الدماغي، فقالوا: نعم ولكن نادر جدا، فقال: بأنه لا يجوز نزعها من المريض؛ فلعل أحدهم يفيق فيقول: لا إله إلا الله ثم يموت فيثقل بها ميزانه فينجو.
مختارات