" وجوب تحري الحلال في طلب الرزق "
" وجوب تحري الحلال في طلب الرزق "
تقضي تعاليم الإسلام بأنه يجب على المسلم طلب الحلال وتحريه، ولا سيما في مجال الكسب، كي يسلم وينجو من عذاب الله تعالى، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " [البقرة: 168].
وقال تعالى: " وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا " [المائدة: 88] وقال أيضا: " فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا " [النحل: 114].
وقيل في قوله تعالى: " فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا " [الكهف: 19] يعني أحل طعاماً (الإمام البغوي: شرح السنة).
ففي الآيتين والحديث: الحث على طلب الحلال كسباً وتناولاً، على سبيل الوجوب، إذ هو مقتضى الأمر عند إطلاقه.
والكون كله بسمائه وأرضه وبحره، ميدان فسيح مسخر لهذا الحلال.
قال تعالى: " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الجاثية: 12-13].
وقال تعالى: " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ " [البقرة: 29].
وقال تعالى: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " [الملك: 15].
والحلال الطيب، مخلوق أصلاً للمؤمنين، ويشاركهم فيه غيرهم على وجه التبعية في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة، صار حقاً خالصاً للمؤمنين وحدهم، بدليل قوله تعالى: " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [الأعراف: 32].
ومطلوب من المسلم أن يطرق السبيل المشروع لتحصيل الرزق الحلال، وهو آت له بعد بذل السبب لا محالة.
قال تعالى: " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا " [هود: 6].
ولحرص الإنسان وهلعه أقسم رب العالمين على ضمانه، فقال: " وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ " [الذاريات: 22-23].
وتقوى الله تعالى والخوف منه سبب لفتح باب الرزق الحلال من حيث لا يتوقع المرء.
قال تعالى: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا " [الطلاق: 2-3].
وما عند الله تعالى من رزق حلال إنما يطلب بطاعة الله ؛ وهذا الذي يأخذ الرشوة أو يأكل الربا أو يظلم الناس، إنما يطلب الكسب بمعصية الله، ومن غير طرقه المشروعة، ولا يدرك ما عند الله إلا بطاعته.
عن حذيفة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن روح القدس نفث في روعي إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله عز وجل، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته» (انظر الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب حيث قال: رواه البزار، ورواته ثقات، إلا قدامة بن زائدة بن قدامة فإنه لم يحضرني فيه جرح ولا تعديل: ج4 ص12 رقم 2489 وهو في كشف الأستار عن زوائد البزار للهيثمي ج2 ص81-82 رقم 1253 مع اختلاف في اللفظ وليس فيه روح القدس وإنما جبريل).
وفي الحديث: «الرزق أشد طلباً للعبد من أجله» (انظر صحيح الجامع الصغير).
مختارات