" البحث عن الشقاء "
" البحث عن الشقاء "
كل يوم تشرق فيه الشمس ترسل مع أشعتها إلى ذلك المنزل الصغير فيضًا من حنان ودفئًا من محبة..
إنه منزل ترفرف فيه السعادة وتنثر عطرها، فلا تسمع إلا ضحكات الصغار تختلط مع أصوات الأب والأم، في حياة أسرية مستقرة تظللها أغصان وارفة من المحبة، وتحوطها رعاية الله عز وجل، ويوثقها رباط المودة والرحمة.
رب المنزل زوج عليه سيما الوقار، قارب الخمسين من عمره، محافظ على أداء الواجبات، حديثه كحبات المطر الجميلة، وجل وقته يقضيه في القراءة؛ ولذا فهو يحن إلى منزله ومكتبته وأطفاله وزوجته، يجد السكن والاستقرار في هذه الدوحة الأسرية الصغيرة.
وربة المنزل امرأة متعلمة، تدير أعمال منزلها بنجاح، وهي كما يردد زوجها دائمًا: قرة عين.
ويناديها بين حين وآخر بالفراشة لخفتها وسرعة حركتها، ومع مرور الأيام اشتدت نظرات الناس إليهم، وتوالت الأسئلة على الزوجة في كل مجلس: أين الخادمة؟ كيف تعيشين بدونها؟ ومن يخدمك؟! لقد كثر أبناؤك وكبر منزلك ولا بد أن تستريحي بعد هذا المشوار الطويل !!
كثرت الضغوط في مجتمع لا يعرف إلا الخادمة؛ إما حاجة أو فخرًا أو عادة !!
عندها بدأت الزوجة تفكر في استقدام خادمة، رغم عدم الحاجة الملحة لذلك، ولكن لا بد من مسايرة الركب !!
في البداية تردد الزوج، وعندما كثر الطرق من كل جانب وافق على مضض.
وأسر في أذن زوجته:
أيتها الحبيبة: سنفقد الكثير من حريتنا وراحتنا في هذا العش الجميل !!
مرت شهور من المراجعة والوعود حتى أقبلت الخادمة وفي الأيام الأولى همست في أذن الزوجة: هل تريدين أن يحبك زوجك؟!
قالت بتعجب: هو يحبني !!
تفرست الخادمة في وجه الزوجة ثم قالت لها بلغة عربية مكسرة: أخشى أن يفكر في زوجة ثانية !! فأنت شابة وجميلة وأخشى أن يتزوج بأخرى أصغر منك وأجمل !!
تعجبت الزوجة في استغباء ظاهر وتساءلت: كيف؟!
عندها أجابت الخادمة في خبث: الأمر عندي، انتظري.
ثم نهضت الخادمة مسرعة إلى غرفتها في أعلى المنزل، وفي تلك اللحظات التفتت صاحبة المنزل يمنة ويسرة، ثم همهمت وهي تحدث نفسها وتبرر فعلها: الحمد لله، لم أذهب لساحر ولا لساحرة، هذه خادمتي وتخدمني في كل شيء.
شهور طويلة مرت، ولم يتزوج الرجل، ولكنه أصبح منهك الجسم، خائر القوى، مشتت التفكير.
وتحول البيت الجميل إلى ساحة أحزان وأطلال سعادة وبقايا إيمان !! ولم يأت وقت الحساب بعد.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو يعدد نواقض الإسلام:
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر.
والدليل قوله تعالى: " وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ " [البقرة: 102].
مختارات