" لقاء مع السمك "
" لقاء مع السمك "
دخل رجل صالح السوق، فاشترى سمكا ووضعه في زنبيل، فأتاه غلام صغير فقال: يا عمي هل تريد أن أحمله وأوصله البيت، فقال الرجل: إنك لا تستطيع، فقال الغلام: إنني أقدر على حمله طالبا العون والمساعدة من الله، فقال الرجل: دونك هذا احمله، فحمله الغلام على رأسه، وسارا في الطريق، وفي أثناء سيرهما سأله الرجل: ما حملك على هذا العمل وأنت صغير؟
فقال الغلام: الحاجة يا عمي، وفي أثناء سيرهما أذن المؤذن مناديا لصلاة الظهر، فما كان من الغلام إلا أن اتجه إلى المسجد، ووضع السمك عند باب المسجد، فاستغرب الرجل من صنيعه، وسأله ماذا تريد هنا؟
فقال الغلام: ألم تسمع منادي الرحمن ينادى للصلاة؟
فقال الرجل: وكيف نصنع بالسمك؟ إنه سوف يؤخذ.
فقال الغلام: هون عليك، فلن يؤخذ بإذن الله تعالى.
وأضاف قائلا: هيا بنا نؤدي الفريضة وبعد ذلك نواصل المسير.
فما كان من الرجل إلا أن أجاب الغلام، ودخلا المسجد، وأديا صلاة الظهر في جماعة، وبعد انتهاء الصلاة خرجا، وإذا بالسمك مكانه لم يأخذه أحد، فقد حفظه الله تعالى بحفظ الغلام لله – احفظ الله يحفظك.
فحمل الغلام الزنبيل وسارا في الطريق متجهين إلى بيت الرجل، واستأنف الرجل الصالح حديثه معه مستغربا إجاباته، فهو صغير لكنه يتكلم بعقل كبير – فسبحان من خلق الإنسان وعلمه البيان – قائلا له: لعلك تتغدى معنا اليوم.
فقال الغلام: إني صائم.
فقال الرجل: إذًا تفطر عندنا.
فقال الغلام: إذا كان ولابد، فتأتون به إلى المسجد، فأنا موجود فيه وقت الإفطار.
فانظر أخي القارئ فائدة التربية الإيمانية من الصغر كيف تصنع؟ جعلت من الغلام رجلا في كلامه وفي قوته، وفي بحثه عن العمل والكسب، فما أكل أحد خيرًا من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده.
هذه الصورة النادرة لهذا الغلام أضعها أمام شبابنا الذين خيم عليهم الكسل وكثرة النوم، وضياع الوقت في اللعب واللهو، وفرطوا كثيرا في الفرائض والواجبات.
أقول لهؤلاء الشباب: إن كنتم تريدون القوة فعليكم بطاعة الله، وإن كنتم تريدون النجاح فعليكم بطاعة الله، ففيها والله الفلاح والنجاح، والسعادة والراحة النفسية، وفيها خيرَا الدنيا والآخرة.
مختارات