" في طريق الضلال "
" في طريق الضلال "
وجوه شاحبة تلتف حوله.. ضحكات ساخرة تهزأ به.. تمتع بالحياة يا رجل..تعال معنا وستعرف معنى السعادة..
سهرة واحدة ستنسيك كل همك..دع حياة الانعزال هذه.. إنك تضيع عمرك بلا فائدة.. لو تعرف كم نحن سعداء بما نحن فيه..؟!
.. ويغريه الشيطان مع هؤلاء وسمعتهم السيئة في كل مكان.. إذا كنت تريد بعض المال سنعطيك..
خذ هذا المبلغ لتعرف مدى حبنا لك..
.. ويجد نفسه تنساق وراء إغرائهم وتزيينهم.. وتنزلق قدمه في مستنقعات رفاق السوء.. ويمضي قدما في مهاوي الردى.. وتتكرر السهرات الآثمة.. ويتمادى في الظلمات ويشعر بقلبه ينسلخ عنه الإيمان.. وتمر الأيام وهو يمضي إلى الهاوية..
ويرى أصحابه ينزلقون أكثر فأكثر.. وكلما وقعوا في مصيبة جروه إليها.. بدأ يضيق ذرعا بهذه الحال.. جعل يبتعد عنهم شيئا فشيئا.. ولكن إلى أين؟!!
الناس تعرف أنه منهم.. سمعته غدت في الطين..شعر بقلبه يتفطر على ما آل إليه من الضياع.. مشى تائها في الطرقات.. تلفت يمينا ويسارا.. لمح مئذنة مسجد تعانق السماء.. سمع جلجلة التكبير.. أحس بدقات قلبه تتسارع.. شعر بشيء يدفعه إلى المسجد دفعا..لابد أن الحل هناك.. يجب أن أذهب.. ولكن.. ماذا سيقول الناس إذا رأوني هناك؟.. هل يقبل الله توبتي..؟
دخل المسجد ورجلاه ترتجفان.. توجه لمكان الوضوء.. شعر ببرد الرحمة مع المياه على جسده.. صلى مع الناس.. جلس يستمع لحديث الإمام.. أنصت لكلماته وأطرق.. ماذا أسمع.. يا إلهي..
كان موضوع الدرس عن جريمة اللواط ورفاق السوء..
واستمع الشاب لتلك الموعظة.. واهتز قلبه وارتجف.. انزوى جانبا وجعل يبكي.. شعر بألم الذنب والمعصية مرّ به رجل من الصالحين.. رق لحاله..
ماذا أصابك.. ما لك تبكي؟
التفت إليه.. شعر براحة وهو يتأمل قسمات وجهه الوضيء..
حدثني عن شأنك لعلي أستطيع المساعدة..
ويبث له ما في قلبه.. ويتألم الرجل لحاله.. ويعزم على مساعدته وانتشاله من المستنقع الذي وقع فيه.. يرشده الشاب إلى المكان الذي يجتمع فيه أصحابه.. ينطلقا سويا لرؤية أولئك التائهين.. ويجتمع بهم ويخبرهم بأنه لا يريد سوى مصلحتهم ونفعهم.. ويجلس معهم ويبدأ الحديث.. تنساب كلماته لتخترق القلوب الميتة فتبعث فيها الحياة بإذن الله.. وتنشرح الصدور لكلمات الشيخ.. ويشعر كل منهم بأن باب التوبة مفتوح.. وتنهمر الدموع على الوجنات.. وينتحب الأصدقاء لتكون فاتحة الخير للجميع !!.
مختارات