" الفاجعـة "
" الفاجعـة "
غدًا أسافر إلى المدينة..انتبه لنفسك يا بني..لا عليك يا أمي.. سأدرس الطب لأقف بجانبك وأعالجك..الحمد لله.. كنت أنتظر هذا منذ مدة.. وها أنت ستبدأ الدراسة عما قريب.. لا تنسنا من الرسائل يا ولدي..
سأكتب لك دائما يا أمي..
.. ويصبح الصباح.. وتشرق الشمس في سماء القرية التي تجمع أهلها لوداع فلذات الأكباد.. عدد من الشباب سيغادرون القرية للدراسة في الجامعة..ويسافر خالد ولا يشغل باله إلا الدراسة..
سأبذل كل جهدي.. لن أتراجع إلى الوراء.. سأنال الشهادة وأعود طبيبا عظيما أعالج الناس في قريتي..ويصل المدينة ويبحث عن سكن.. يجد بيتا متواضعا يسكن فيه.. وتبدأ الدراسة.. ينكب خالد على دروسه وكأنما يلتهم العلم التهاما.. يتفوق في الاختبارات على أقرانه.. ينتبه زملاؤه لتقدمه.. ينال إعجاب الجميع..
عاش في جو الجامعة المتميز بالاختلاط.. كانت المغريات تحف به.. ولتفوقه كانت الفتيات تلاحقنه ويهرب منهن.. لم يفلت من شر الأشرار.. خطط له جماعة منهم ليوقعوه في حبالهم.. حاولوا مرارا وبكل الوسائل دون فائدة.. ثم نصبوا له بعد ذلك شرك المخدرات.. ووقع فيه بعد تناول حبة واحدة في حيلة خبيثة فعلها الأشقياء..
شعر باضطراب غريب.. أصابه الهيجان وتملكته العصبية.. بحث عن حل لما هو فيه.. قاده ذلك إليهم.. وغدا ذليلا بين أيديهم..بدأ يتخلف عن الدراسة في الجامعة.. هزل جسمه.. بدأ يتقبل فعل المنكرات.. لم يعد يتردد في ارتكاب المعاصي والآثام.. صار علما بارزا لعصابة المخدرات.. وقع في شرك الزنا.. وكان واحدا من أولئك الذين تفرغوا لاصطياد الفتيات وإيقاعهن في شباك الفسق والفجور.. واتفق معهم على اصطياد فتاة كل أسبوع.. وتناوب مع رفاق السوء في ارتكاب الفاحشة.. وظل على هذه الحال حتى غربت شمس ذلك اليوم.. جاء إليه أحد أصدقائه..
خالد.. خالد.. أتينا بفتاة جميلة..
حقا.. وأين هي؟
إنها تنتظرك.. فقد جاء دورك..
هل انتهيت أنت..؟
نعم.. هيا..
وينهض بخفة وقد تملكته البهجة والسرور.. ويتجه لباب الغرفة مقبلا على الفاحشة لا يردعه رادع، ولا يرده وازع..
يدخل ويغلق الباب.. يلتفت لينظر إلى الفتاة الجميلة.. آآه.. من..؟!!
.. ويجثو على ركبتيه..
لا.. لا.. ما الذي جاء بك إلى هنا..؟
.. شعر باختناق لهول الفاجعة.. أحس وكأن صاعقة أصابته وأحرقت قلبه.. إنها أخته.. تلك الفتاة التي جاءت للمدينة للبحث عنه ومعرفة أخباره.. ضلت الطريق ووقعت في شباك الأشقياء الفجرة لتدفع دَيْنًا باهظا على أخيها..!!.
مختارات