" كثرة ذكر الله عز وجل "
" كثرة ذكر الله عز وجل "
من صفات أهل الفلاح كثرة ذكر الله عز وجل لقوله تعالى: " فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [الجمعة: 10].
وذكر الله تعالى هو الغنيمة الباردة التي توصل إلى الجنة بغير تعب ولا مشقة، بل إن أهل ذكر الله عز وجل، يشعرون بلذة ومتعة وهم في حال الذكر، لا يشعر بها صاحب الوتر والقينة مع وتره وقينته ! ولذلك كان أحد السلف يقول: لو يعلم الملوك ما نحن عليه من النعيم واللذة لجالدونا عليها بالسيوف !
قال تعالى: " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " [الرعد: 28].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت»[رواه البخاري].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات» [رواه مسلم].
وعن عبد الله بن بسر، رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله ! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله» [رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح].
وانظر أخي إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: سبحان الله وبحمده؛ غرست له نخلة في الجنة» [رواه الترمذي وحسنه] تعرف كم نحن مضيعون نسأل الله العفو والعافية.
شكا رجل إلى الحسن قساوة قلبه فقال له: ادنه من الذكر.
بذكر الله ترتاح القلوب ودنيانا بذكراه تطيب
وفي مجلس الذكر تنزل الرحمة، وتغشى السكينة، وتحف الملائكة، ويذكر الله أهلها فيمن عنده، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، فر بما رحم معهم من جلس إليهم وإن كان مذنبًا.
" أحوال الذاكرين "
قال ابن الجوزي: واعلم أن الذاكرين تختلف أحوالهم، فمنهم من يؤثر قراءة القرآن ويقدمه على كل ذكر.
ومنهم من أكثر ذكره التهليل والتسبيح والتحميد.
قال محمد بن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت، فقلت: يا أبت ! قل لا إله إلا الله، فقال: يا بني ! خل عني فإني في وردي السادس أو السابع !!
ومن الذاكرين من غلب على قلبه حب المذكور، فلا يزال في الذكر والتعبد.
ومن الذاكرين من صار الذكر له إلفًا عن كل كلفة فماله هم غيره، فهو يذكر أبدًا على جهة الحضور.
قال مجمش الجلاب: صحبت أبا حفص النيسابوري اثنين وعشرين سنة، فما رأيته ذكر الله، تعالى، على حد الغفلة والانبساط، ما كان يذكر الله تعالى إلا على سبيل الحضور والحرمة والتعظيم.
وشغلت عن فهم الحديث سوى ما كان منك وعندكم شغلي
وأديــم نحــو محدثــي نظــري أن قد فهمت وعندكم عقلي
" أفضل الذكر وأنفعه "
قال ابن القيم: من الذاكرين من يبتدئ بذكر اللسان، وإن كان على غفلة، ثم لا يزال فيه حتى يحضر قلبه، فيتواطآ على الذكر.
ومنهم من لا يرى ذلك، ولا يبتدئ على غفلة، بل يسكن حتى يحضر قلبه، فيشرع بالذكر بقلبه، فإذا قوي استتبع لسانه فتواطآ جميعًا.
فالأول: ينتقل الذكر من لسانه إلى قلبه.
والثاني: ينتقل من قلبه إلى لسانه من غير أن يخلو قلبه منه، بل يسكن أولا حتى يحس بظهور الناطق فيه، فإذا أحس بذلك نطق قلبه، ثم انتقل النطق القلبي إلى الذكر اللساني، ثم يستغرق في ذلك حتى يجد كل شيء منه ذكرًا.
وأفضل الذكر وأنفعه: ما واطأ فيه القلب اللسان، وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذاكر معانيه ومقاصده (الفوائد).
مختارات