" الرصاصة العادلة "
" الرصاصة العادلة "
في أيام الصيف، وعلى ساحل البحر، تحدث مآسٍ وأحداث تعمل عملها المدمر في تخريب البيوت، وفي انهيار الأخلاق والفضيلة.
قبل خمسة أعوام ألحت عليه زوجه، وطالبته بالسفر إلى المصيف البحري: تستنشق نسيمه العليل، وتستحم في أمواجه وتخالط الغادين والرائحين عارية متهتكة متمتعة بحريتها الحمراء تقليدًا للغربيات دون رادع أو دين.
وكان مما هو معروف مألوف...!
تعرفت العائلة بعائلة أخرى، وكان في العائلة شاب مفتول العضل، جميل الطلعة، له هامة وقامة، ويملك سيارة فارهة.
وعرض الشاب خدماته وأريحيته من أجل الشيطان، فكان وعد ولقاء، وكان استحمام في البحر، وكان غزل بين الشاب والزوجة، وكان الرجل الزوج في شغل شاغل عن زوجه وولدها الطفل في رؤية لحوم البحر البشرية كاسية عارية، وكان له موعد ولقاء حرام...
كان الشاب يتطوع كل يوم لنقل العائلة: الزوج وزوجه وطفلهما بسيارته صباحًا ومساءً إلى البحر، وكانوا يستحمون جميعًا في مكان واحد، وكانت الزوجة لا تحسن السباحة، فتطوع صاحبنا لتعليمها السباحة وكان زوجها يبتعد عنهما ليلاقي من يلاقي بعيدًا عن أنظار زوجه، وكان ينشر شباكه متصيدًا أعراض الناس، تاركًا عرضه لذلك الشاب كما يترك الراعي الغنم للذئب.
وابتدأ الأمر بين الزوجة والشاب إعجابًا بالأريحية، ثم تطور الأمر إلى الإعجاب بالجسد، ونام الحارس فرتع اللص، فكان لا بد للنار أن تشتعل فتحرق الإخلاص الزوجي وتحرق الطهر والعفاف.
وكانت الزوجة تحب زوجها ولا تطيق عنه صبرًا، فأصبحت تكره لقاءه وتحسب الدقائق والساعات للقاء حبيبها الجديد.
وأراد الشاب أن يتخلص من الزوج نهائيًا، فبيت في نفسه أمرًا...أظهر إخلاصه وتفانيه للزوج، وأبدى إعجابه بمواهبه ورجولته، وكانت زوجه لا تنفك تطري شهامة الشاب وتحببه لزوجها، فوثق به الزوج وسلمه مقاليد أمره كله.
وفي يوم من الأيام تمارضت الزوجة، فعكفت في شقتها ومعها طفلها، فاستأذن الزوج أن يصاحب صديقه الشاب فجرًا ليستحم في البحر.
وعاد الشاب وحده بعد ساعتين ليعلن للزوجة أن زوجها قد غرق في البحر، وأنه حاول انتشاله فباءت محاولاته بالفشل.
لقد كان البحر خاليًا من الناس فجر ذلك اليوم، وكان البحر مائجًا صاخبًا، وكان الموج يرتفع كالجبال ويهبط كما تهبط الشهب من السماء، وكان الزوج لا يحسن السباحة، ولكن الشاب استدرجه إلى السباحة بعيدًا عن الشاطئ، ثم تركه طعمة للأمواج يستغيث فلا من مجيب، ثم ابتلعته الأمواج إلى الأبد.
كانت الزوجة يتيمة لا معيل لها، وكان الشاب وحيدًا في شقته بعيدًا عن أهله.
وعرض عليها الشاب بحنان ولهفة أن تشاركه شقته ومصيره وأبدى لها استعداده لاحتضان طفلها من أجلها ومن أجل حبهما غير المقدس ووعدها بالزواج.
واستكانت الزوجة للشاب، فآوت إلى شقته واستقرت فيها، وكان طفلها في الرابعة من عمره، يظن أن الشاب أبوه، فيناديه من كل قلبه: بابا.
وطالبته الزوجة بالزواج فماطل أولاً بلطف وتؤدة، ثم بقسوة وعنف، وبعد أشهر تبدل الشاب اللطيف إلى رجل خبيث، فأظهر تذمره منها ومن طفلها، وتعلق قلبه بغيرها من النساء، فأصبح في شقته حاضرًا كالغائب، يأوي إليها في الهزيع الأخير من الليل.
وفي ضحى يوم من أيام الشتاء، كان الشاب يتناول فطوره، وكانت تلك الزوجة تعاتبه وتطالبه بالزواج بها، فأظهر أنيابه السامة، وكشف عن حقيقته التي كان يسترها من قبل، وطالبها بالجلاء عن الشقة لأنه اعتزم الزواج والاستقرار.
وانهمرت دموعها غزيرة، وذكرته بالماضي الحلو الجميل، ولكنه كان كالصخرة الصماء قسوة وعنفًا.
وكان الطفل البريء لا يعرف للدموع معنى الدموع، ولا يفهم ما يدر حوله من أحداث.
وتوسلت الزوجة إلى الشاب طويلاً بدموعها وبذكرياتها دون جدوى.
وكان الطفل يلاعب مسدس الشاب الذي كان إلى جانبه، وكان الشاب في شغل شاغل عنه، وكان يعلم يقينًا أن المسدس خال من العتاد... لأنه كان قد أخرج منه عتاده بعد عودته إلى شقته في الهزيع الأخير من ليلة أمس.
ولكنه كان ثملاً لا يفرق بين النور والظلام، بعيدًا بعقله في تيار الخمر والرذيلة.
وفجأة انطلقت رصاصة من مسدسه واستقرت في الجزء الأسفل من قلب الشاب، فتلوى لحظات ثم سقط عن كرسيه فاقد الوعي.
في هذه اللحظات نطق الشاب بكلمات قليلة كانت آخر ما نطق في حياته، وكان الجيران قد تجمعوا حوله فور سماع إطلاق النار، فقال مخاطبًا الزوجة: «لقد أغرقت زوجك في البحر ليصفو الجو لي معك وحدي».
وجاء الطبيب على عجل، فوجد أن أمر الشاب قد انتهى وأنه فارق الحياة.
طلقة القدر، أطلقها بيد الطفل الصغير، الذي لا يعي، وسيرها مباشرة إلى قلب الشاب.
وما رمى الطفل، ولكن الله رمى... وأُسدل الستار على نهاية شاب مجرم ذهب ضحية أيام الصيف على ساحل البحر العباب، فكانت قصته عبرة لكل منحرف، ولكن هل من معتبر (عدالة السماء)؟!!!
مختارات