" من أنواع الظلم "
" من أنواع الظلم "
أنواع الظلم كثيرة لكن بعضها دون بعض وكلها شر وندامة ومنها:
أولا: ظلم الإنسان نفسه، بترك الطاعة واقتراف المعصية قال تعالى: " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ " [فاطر: 32].
وأعظم أنواع ظلم الإنسان لنفسه، الوقوع في الشرك بالله قال تعالى محذرا من ذلك: " وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " [لقمان: 13].
ثانيا: قتل النفس التي حرم الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " [رواه البخاري].
ثالثا: أكل مال اليتامى قال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " [النساء: 10].
وقال صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبع الموبقات " وذكر منها:... وأكل مال اليتيم [متفق عليه].
رابعا: أكل أموال الناس بالباطل، وقد كانت الزوجة من السلف الصالح تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله، اتق الله، وإياك والكسب الحرام، فإننا نصبر على الجوع والضر، ولا نصبر على النار.
وأكل أموال الناس بالباطل له صور شتى منها:
1- عدم الوفاء بسداد الدين: فالبعض يقترض الأموال ويحسن المسلمون الظن به، فيدفعون إليه أموالهم التي تعبوا في جمعها، ثم ها هو يسوف في التسديد ويتهرب عن إرجاع المال إلى من أحسن إليه، ولهؤلاء المفرطين أذكرهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: عن قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله، تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف قلت؟ " قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك " [رواه مسلم].
ومن أنواع الظلم أيضا عدم تسديد حقوق الناس التي تتم بها المعاملات، وقد قالصلى الله عليه وسلم: " مطلُ الغني ظلم " [رواه البخاري].
2- اغتصاب الأراضي والتعدي على حقوق المسلمين: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال " من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين " [متفق عليه].
3- الحلف كذبا لاغتصاب الحقوق:
عن أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة " فقال رجل: وإن كان شويئًا يسيرا يا رسول الله؟ فقال: " وإن قضيبا من أراك " [رواه مسلم].
4- الرشوة: وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي، وبعض الموظفين يعطل حاجات المسلمين ويهولها عليهم، ويصعب أمورها حتى يدفع له مبلغا من المال عمولة أو هدية وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا: عن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة " فقام إليه رجل أسود من الأنصار، كأني أنظر إليه، فقال: يا رسول الله أقبل عني عملك، قال: " وما لك؟ " قال: سمعتك تقول كذا وكذا، قال: " وأنا أقوله الآن: من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى " رواه مسلم.
وعن خولة بنت عامر الأنصارية، وهي امرأة حمزة رضي الله عنه وعنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " [رواه البخاري].
خامسًا: الأخذ من بيت مال المسلمين وأموالهم العامة: وتأمل في حال من خرج للجهاد وأين حاله وكيف مصيره،
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلا إن رأيته في النار، في بردة غلها أو عباءة " رواه مسلم.
وعن أبي حميد عبد الرحمن بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول هذا لكم، وهذا هدية أهديت إلي، أفلا جلس في بيت أبيه أو أمه حتى تأتيه إن كان صادقا، والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى، يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر " ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه فقال: " اللهم هل بلغت " ؟ ثلاثًا متفق عليه.
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لمن يسر أمور المسلمين ودعا على من شق عليهم فقال صلى الله عليه وسلم: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا، فشق عليهم فأشقق عليه، من ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به " رواه مسلم.
سادسًا: من أنواع الظلم: إفساد المرأة على زوجها عن طريق العلاقات المحرمة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من خبب خادما على أهله فليس منا، ومن أفسد امرأة على زوجها فليس منا " رواه أحمد.
وكذلك كما ورد في الحديث إفساد الخادم على سيده، وهذا منتشر بين التجار، فما أن يرى أحدهم موظفًا ناجحًا لدى شركة حتى يسارع إلى الاتصال به وإغراءه بالمال حتى يترك مكانه ويذهب إلى بلاده، ثم يعود لهذا الذي أفسده
سابعا: الحلف الكاذب لبيع السلعة والغش فيها: كما نرى في بعض المحلات أو معارض السيارات.
ثامنا: عدم الدقة والأمانة في العمل: فتجد الموظف أو الأجير يأخذ حقه كاملا ويؤدي حقه منقوصا وذلك ظلم، قال تعالى: " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " [الأحزاب: 72].
تاسعا: ظلم الطلبة والطالبات: وذلك بالتعدي عليهم، شتمًا وتجريحًا أو ضربًا في غير محله، أو إنقاصا لدرجاتهم، وزيادة من لا يستحقه، والكثير يقع في هذا الظلم حين ارتفاع حالة الغضب عنده، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك مرارا، فقد قال له رجل أوصني فقال صلى الله عليه وسلم: " لا تغضب " رددها مرارا.
عاشرًا: نقص المكاييل والموازين: وقد حذر الله عز وجل من ذلك فقال تعالى: " وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ " [المطففين: 1]
الحادي عشر: عدم تعليم الجاهل ونصحه: فمن حق الجاهل عليك وقد رزقك الله العلم الشرعي أن تعلمه وتدله وتهديه إلى طريق الرشاد.
الثاني عشر: عدم أمر من تحت يدك كالزوج والأبناء والخدم بالصلاة واجتناب المحرمات: فإنهم أمانة عنده ومسئول عنهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ".
مختارات