" هكذا تكون إغاثة الملهوف ! "
" هكذا تكون إغاثة الملهوف ! "
أخي المسلم: فلتعلم أن أرفع الناس درجة في إغاثة المحتاجين، هو: من تفقد أخاه المحتاج قبل أن يأتيه فيسأله؛ فعلى المسلم أن يتفقد حال إخوانه وجيرانه؛ ولا يكون مثل ذلك الغافل؛ الذي بات شبعان وجاره جائع !
بل إن المسلم الصادق يتفقد حال إخوانه المسلمين أينما كانوا؛ فيتألم لألمهم.. ويحزن لحزنهم.. فتجده مسارعًا إلى إعانتهم.. وتفريج كرباتهم..وتأمل في هذه القصة؛ والتي تخبرك عن همة الصادقين في إغاثة الملهوفين..
أتى رجل صديقًا له فدق عليه الباب، فخرج الصديق، وقال له: ما جاء بك؟ قال: علي أربعمائة درهم دين، فوزن له صديقه أربعمائة درهم، وأعطاه إياها، ثم عاد وهو يبكي ! فقالت له امرأته: لم أعطيته إذ شق عليك؟!
فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله حتى احتاج إلى مفاتحتي !!
فأين أنت أخي من هذه الأخلاق السامية؟!
فكم في مجتمعنا من أولئك المحتاجين الذين لا يسألون الناس، ولا يمدون أيديهم؛ عفة.. وحياءً..فحري بأمثال هؤلاء أن يتفقدهم الناس.. ويكفونهم ذل السؤال..
وما أحسن ما قاله معمر رحمه الله: (من أقبح المعروف أن تحوج السائل إلى أن يسأل وهو خجل منك، فلا يجئ معروفك قدر ما قاسى من الحياء وكان الأولى أن تتفقد حال أخيك وترسل إليه ما يحتاج ولا تحوجه إلى السؤال).
ثم أخي هل تعلم أن من عباد الله من حبب إليه تفريج الكربات؛ حتى يرى أن من سأله حاجة؛ فكأنما هو المحسن إليه ! لأن صاحب الحاجة؛ سبب في جلب الأجر والثواب إليك.. فهو محسن إليك من حيث لا تشعر !
عن الفضيل بن عياض قال: ذكروا أن رجلاً أتى رجلاً في حاجة له، فقال: خصصتني بحاجتك؛ جزاك الله خيرًا، وشكر له !.
وقيل لأبي عقيل البليغ: كيف رأيت مروان بن الحكم عند طلب الحاجة إليه؟ قال: رأيت رغبته في الإنعام فوق رغبته في الشكر ! وحاجته إلى قضاء الحاجة أشد من حاجة صاحب الحاجة !.
أخي المسلم: فليكن عونك للمحتاجين؛ غايتك منه: طلب ثواب الله تعالى والإحسان إلى أخيك المسلم.. وتفرج كربته..ولا تجعل همك: حب الشهرة.. أو طلب الشكر، وذكر الناس..وإذا أقدمت على فعل المعروف بهذه النية؛ رأيت الثمرات الطيبة لإحسانك في الدنيا قبل الآخرة..وإذا كان يوم القيامة؛ فما أعده الله تعالى من الثواب لأهل الإحسان أعظم.
مختارات