أنماط: (36) نمط المُصدِّق لكل شيء!
والأخ المُصدِّق وهو النمط المناقض للأخ المتشكِّك..
وهذا النمط على عكس سابقه فاتح الباب على مصراعيه لأي خبر أو معلومة أو تحليل..
وليس هذا فحسب بل يُصِر أخونا المُصدِّق أن يتحوّل هو أيضًا إلى مصدر لما صدَّقه؛ فيقسم بأغلظ الأيمان أنه متأكد من كذا، وأنه خلال أيام سيحدث كذا، وأن حقيقة هذا الأمر كذا وكذا..!
وهكذا..
وفي دنيا التواصل المفتوح ما أسهل نشر الأكاذيب والترهات وما أيسر تعميم الشائعات بمجرّد ضغطة زر
شير.. شير.. شير.. شير.. شير.. شير..!
هكذا منهج أخينا المُصدِّق!
النشر بكل سهولة وثقة لأي شيء ولكل شيء طالما على هواه..!
ويتناسى هذا النمط تمامًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (رواه مسلم)، ويظن أنه بمنأى عن المسؤولية لمجرّد قوله سمعته من أخ ثقة أو قرأته على صفحة موثوقة وكم حدثت من مصائب وقطعت أواصر بسبب الأخ الثقة والصفحة الثقة منهم لله
وأحيانًا تجد درجات عجيبة من تصديق أشياء لا يمكن تصديقها، ونشر أنباء يستحيل صوابها ويحلو للبعض أن يعتبر هذا النمط (طيب) لأنه يُصدِّق كل ما يسمع! والحقيقة أن هذه ليست طيبة بل سذاجة؛ والمؤمن كيِّس فطن وليست طيبة القلب - البلاهة ثم تعميم تلك البلاهة بنشرها بين الخلق ومطالبتهم بتصديقها!
إن من أعظم خصال ديننا التبين والتثبت وبهذه القيمة بعد فضل الله حفظ الدين ودونت الأخبار وتمايز الصحيح من المكذوب، ولو كان أسلافنا تعاملوا أن هذا البله نوع من الطيبة لَمَا وجدنا تراثنا محفوظًا بهذه الدقة إلا أن يشاء الله سببًا آخر..
ولصديقي المصدق على طول الخط أقول:
أفِق..
ركِّز أرجوك..
مش كل حاجة لوك لوك.. لوك.. لوك.. وشير.. شير.. شير!
وإذا كنت ترى في تصديقك المستمر راحة لك فأنت حُر..
خليك مصدّق..
لكن أرجوك يا عزيزي! لا تكن ترسًا في ماكينة نشر ما تُصدِّقه دون تبيُّن وتثبت..!
وأُكرِّر عليك: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»..
مختارات