" حتى لا تكون الخلة حسرة "
" حتى لا تكون الخلة حسرة "
أخي المغترب:
الغربة توجب الخلطة.. والمرء فيها يبحث عن قرين.. يقاسمه شكواه.. ويبوح له بسره.. ويشاركه حزنه.. ويشاطره فرحه.. فاستأجر لقلبك القوي الأمين.. انتقِ الناصح.. الذي يقيل العثرة.. ويستر الزلة.. ويجبر الهفوة.. ويعين على الحق.. فإنك إن لم تفعل تكُن الصحبة حسرة وندامة.. وتكُن الخلة بغضًا وعداوة.. وتكُن العشرة بعدًا وفرقة.
اعلم ـ يا رعاك الله ـ أن صحبة السوء من أعظم مفسدات القلوب.. واربأ بنفسك أن تكون ممن يعض على يديه: " يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي... ".
ثم اعلم أن الإنسان ليس ملكًا مبرأً.. أو نبيًا معصومًا، والشيطان يجري منك مجرى الدم.. والوقوع في الذنب سنة أجراها الله على خلقه.. ليمحص بها عباده.. وحتى يتوبوا إليه ويستغفروه.. ولو لم نذنب لجاء الله بقوم يذنبون.. فيستغفرونه فيغفر لهم.
لكن الإحساس بالخطيئة.. والشعور بالذنب.. والندم على العثرة.. والحسرة على الزلة.. والعزم على مفارقة السيئة.. هي أول مراتب الهداية.. وهي مفتاح محاسبة الذات.. وإيقاع العقوبة على النفس الأمارة بالسوء.. وتأنيبها.. وتقريعها. ومعناها بداية لزوم عتبة العبادة.
ودوام تذكرك لعثرتك هو طارقٌ لقلبك.. يحرك فيه مشاعر الخوف.. ويوقظ فيه معاني الرجاء.. ويغرس فيه بذور الخشية.. فيكون بذلك معلقًا بين الخوف والرجاء.
مختارات