" يبلى الشباب ولا تبلى مشاعرنا "

شاخ زمان الوصل.. واستوطن السهد.. وتبدت مشاعر الحزن..وجئت الرياض.. وغدرت.. وما غادرت.. وتناسيت الصحب الذين يكنون لك كل حب وتقدير.. تناسيت من يفرشون أهداب أعينهم لتمشي.. وتجاهلت من أحبوك. لا طمعًا في مال.. ولا منصب أو جاه.. قد غادروا حياتك وما كلفوك همسة شفاعة.. أو طالبوك بزلفى عند أحد.

وغبت يا قمر.. وسألت.. ثم سألت.. فما خطر ببالي ولا ند في فكري.. أن يكون بين الرجال والقمر تلازمًا وعهدًا.

وطرحت تساؤلات كثيرة.. وقلت: عجيب هذا القمر.. يغيب حتى تظن أنه لن يطلع.. وفجأة يظهر.. ويظهر معه حب الخير والدعوة إليه.. وقد تعجب: كيف يدعو القمر إلى الخير؟!

وأقول: إن من سنن الصوم: صيام أيام البيض.. فهل هناك أفضل من دعوة لا يشوبها رياء ولا سمعة؟ يظهر.. ويظهر معه صفاء السريرة.. ونقاء القلب.. وطيب المعشر.. وتلك تتجلى كلها في أيام الإبدار.

هذه بعض أحاديث القمر.. ولو سردت عليك أخباره.. لملأت لك كراسات وطروسا..ولأعيتك قراءتها.. واستجلاء أبعادها.

فيا أخي:

لو أن البشر تعلموا من كل جزء من هذا الكون عبرة وعظة.. لما بقي محزون أو جائع.. أو " مشرد به خطيئة ".. لكن البشر في حياتهم.. أو قل: جلهم.. يلعبون مع بعضهم لعبة " الشطرنج " وهم لا يعلمون.

أخي:

ليست هذه الكلمات عتابًا.. ولا لومًا..

أخي:

لو سلخت جلدك كيما تنسى تاريخنا.. فلن تستطيع.. ونقول لك ما قاله الشاعر:

يبلى الشباب ولا تبلى مشاعرنا والجسم يخلقه في خطوه العمر

أخي:

مشاعرنا نحوك لن تبلى.. لأنها تأسست على التقوى.. وقامت على الخير.. وتجذرت في حبه.. وتحددت بمعالم: " الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ".