" درس في الإيثار "
" درس في الإيثار "
ذكر عن الواقدي أنه قال: أضقت إضاقة شديدة وهجم شهر رمضان، وأنا بغير نفقة، فضاق ذرعي بذلك، فكتبتُ إلى صديق لي علوي، أسأله أن يقرضني ألف درهم، فبعث إليَّ بها في كيس مختوم فتركتها عندي، فلما كان عشي ذلك اليوم، وردت علي رقعة صديق لي يسألني إسعافه لنفقة شهر رمضان بألف درهم، فوجهت إليه بالكيس بخاتمه، فلما كان في الغد جاءني صديقي الذي اقترض مني، والعلوي الذي اقترضت منه، فسألني العلوي عن خبر الدراهم فقلت: صرفتها في مهم.
فأخرج الكيس بختمه وضحك وقال: والله قد قرب هذا الشهر، وما عندي إلا هذه الدراهم، فلما كتبت إليَّ، وجهت بها إليك، وكتبت إلى صديقنا هذا أقترض منه ألف درهم، فوجه إليَّ بالكيس فسألته عن القصة فشرحها، وقد جئناك لنقتسمها وإلى أن ننفقها يأتي الله بالفرج.
قال الواقدي: فقلت لهما: لست أدري أيّنا أكرم، فقسمناها ودخل شهر رمضان، فأنفقت أكثر ما حصل منها وضاق صدري وجعلت أفكر في أمري، فبينما أنا كذلك إذ بعث إليَّ يحيى بن خالد البرمكي في سحرة يوم فصرت إليه، فقال: يا واقدي رأيتك البارحة فيما يرى النائم وأنت على حال دلتني على أنك في غمٍّ شديد وأذى فاشرح لي أمرك فشرحته، إلى أن بلغت حديث العلوي وصديقي والألف درهم، فقال: ما أدري أيكم أكرم وَأَمَرَ لي بثلاثين ألف درهم، ولهما بعشرين، وقَلَّدَني القضاء (نظر الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي).
مختارات