اسم الله الشافي 2
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الشافي) :
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا في اسم " الشافي " فالنبي عليه الصلاة و السلام كان إذا عاد مريضاً يقول له : " اذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً " .
العلامات من تمام رحمة الله بنا :
الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى جلّت حكمته لولا أن جعل للأمراض أعراضاً لما أمكن الشفاء منها ، وقال تعالى : " وَعَلامَاتٍ " [النجم:16] .
هذه آية واسعة جداً ، لولا الأعراض لما اهتدى الإنسان إلى مرضه .
لذلك تعد أخطر الأمراض الآن الأمراض التي لا أعراض لها ، كالأورام أحياناً فلذلك رحمنا الله عز وجل أن للأمراض أعراضاً ، وهذا طريق إلى الشفاء منها ، وهذه واحدة .
لو توسعنا قليلاً في فهم العلامات ، نضج الفواكه لها علامات ، وأي شيء في الأرض له علامات ، وأي حدث في الأرض له علامات ، فالعلامات من تمام رحمة الله بنا .
التوحد في بنية الإنسان التشريحية :
شيء آخر : الإنسان له بنية موحدة ، أي إنسان في أي زمان ومكان بنيته التشريحية واحدة ، فقد يدرس الطبيب الطب في أمريكا ، و يعالج المرضي في الصين ، مكان الشريان ، مكان العصب ، بنية الأجهزة ، البنية التشريحية للإنسان في أدق أدق التفاصيل واحدة ، أماكن الأوعية ، أماكن الأعصاب ، أماكن الأجهزة ، النسج كلها موحدة ولولا هذا التوحد في بنية الإنسان التشريحية لما أمكن أن نتابع الطب في بلد ، وأن نعالج المرضى في بلد، وأن نصنع الدواء في بلد ، وأن نستخدمه في بلد ، هذا كله ينضوي تحت اسم " الشافي " .
التئام النسج من آيات الله الدالة على عظمته :
شيء آخر : ثبات قوانين الجسم ، الجسم له قوانين دقيقة جداً ، فلولا هذا التوحد في الخلق لما أمكن أن يكون الشفاء للإنسان .
ذلك لأن الله سبحانه وتعالى كما بينت في لقاء سابق أن هذا المرض أحد الوسائل التي تكون ناجعة في تأديب الإنسان ، وفي تربيته ، وفي تقريبه من الله عز وجل .
شيء آخر : هناك قوانين دقيقة في الجسم ، هذه القوانين أساسها أن النسج تلتئم إذا تمزقت ، من قنن هذا القانون أن النسيج يلتئم إذا تمزق أحياناً ؟ ذلك أن بعض النسج في جسم الإنسان التي تؤكد عفة الفتاة لا تلتئم أبداً ، فالتئام النسج من رحمة الله بنا ، يكون الجرح يأتي الطبيب ويخيط هذا الجرح بعد حين يلتئم الجرح ، جميع النسج تلتئم بسبب أن الله قنن هذا القانون فهو " الشافي " .
العظم يلتئم ، الخلية العظمية قد تنام ستين عاماً ، فإذا صار كسر تستيقظ هذه الخلايا وتلتئم ، ما دور الطبيب العظمي ؟ يضع العظمة على العظمة فقط، وانتهى دوره ، و تأتي هذه الخلايا ويستيقظ وتسهم في التئام الجروح والكسور .
قضايا دقيقة جداً ، ولقطات مؤثرة جداً نكتشفها حينما نقول أن الله سبحانه وتعالى هو " الشافي " فالتئام النسج من آيات الله الدالة على عظمته ، ألا يوجد إنسان عنده مركبة وتصاب بكسر في بعض أجزائها ، يقول لك الخبير في إصلاحها : دعها تلتئم وحدها ، هذا لا يكون في عالم المعادن إطلاقاً ، أما في عالم خلق الإنسان ، ولأن الله هو " الشافي " النسج تلتئم .
القوانين التي أودعها الله في الإنسان كلها تؤكد اسم الشافي :
الذي يلفت النظر كما قلت قبل قليل : أن بعض النسج لا يلتئم أبداً ، لأن تمزقها دليل ، ولا يمكن أن يلغى هذا التمزق .
هناك أشياء كثيرة نستفيدها من اسم " الشافي " مثلاً : الاحتياط الذي جعله الله في بعض الأجهزة ، الكلية مثلاً فيها احتياط كبير ، يستطيع الإنسان أن يعيش بكلية واحدة والثانية احتياط كبير ، أنا أتمنى الإنسان حينما يدرس الطب يدرسه في ضوء الإيمان ، يجد أن هذه القوانين التي أودعها الله في الإنسان كلها تؤكد اسم " الشافي " .
من قال إن القلب إذا أردنا إصلاحه بعلمية جراحة وأوقفناه عن طريق التبريد وبعد انتهاء العملية يعطى القلب صعقة فيعود ويعمل ، لو أن القلب إذا توقف لا يعمل انتهى العمل الجراحي كله ، انتهي كل شيء اسمه عمليات القلب المفتوح ، عمليات القلب المفتوح لولا أن الله أعطى القلب هذا القانون أنه إذا توقف أو إذا أوقف بفعل التبريد فالله سبحانه و تعالى سمح له أن يعمل بعد أن تأتيه صعقة كهربائية ، لولا هذه القاعدة لألغي الطب في شأن جراحة القلب .
من تفكر في خلق السماوات و الأرض وصل إلى الله سبحانه و تعالى :
إذاً لو أردت أن تتفكر في خلق السماوات و الأرض لرأيت اسم " الشافي " واضحاً جداً في كل قانون قننه الله عز وجل ، و في كل نسيج صممه الله عز وجل ، وفي كل خصيصة لأي عضو من أعضاء الجسم أودع الله فيه هذه الخاصة .
يعني أحياناً يقول طبيب قلب جراح : إن في القلب شرياناً يبدو أنه لا فائدة منه لكن حينما تسد بعض الشرايين يؤخذ هذا الشريان وهو من أمتن الأوعية ، ويوضع مكان الشريان التالف ، وكأن الله سبحانه وتعالى وضع في جسم الإنسان بعض قطع الغيار ، وهذا من تمام خلق الله عز وجل ، تؤخذ بعض الشرايين من مكان وتوضع في مكان ، وحتى في الهيكل العظمي هناك أجزاء يمكن أن تستخدم كقطع غيار ، هذا الخلق الدقيق العظيم .
" لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " [التين:4] .
قال تعالى : " وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ " [الذاريات:21] .الإنسان لو تفكر في خلق السماوات والأرض وصل إلى الله ، وصل إلى الله معظماً ، مكبراً ، خاشعاً ، فإذا تفكر في جسمه فهو أقرب شيء إليه .
من رحمة الله بالإنسان أنه جعل لكل داء دواء :
والله يا أيها الأخوة ، لو أمضينا العمر كله في التدقيق في عجائب خلق الله في الإنسان لما اكتفى العمر للتفكر في خلق الإنسان ، والآية واضحة : " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " .
أحياناً من الذي جعل هذا الدواء يفعل فعله ؟ يعني الدواء من رحمة الله بنا أنه جعل لكل داء دواء ، والنبي عليه الصلاة والسلام حينما قال : " لكل داء دواء " [حديث صحيح رواه مسلم والإمام أحمد عن جابر] .
هذا الحديث إذا قرأه إنسان مريض بماذا يشعر ؟ يمتلئ قلبه أملاً بالشفاء و إلهنا وربنا من خلال نبيه ورسوله يقول : " لكل داء دواء " ولو سمع هذا الحديث طبيب ماذا يفعل ؟ يجب أن يجتهد و يبحث عن الدواء ، فإذا سمع هذا الحديث المريض امتلأ قلبه أملاً بالشفاء ، وإذا سمع الطبيب هذا الحديث شعر بتقصيره حينما لا يجد لهذا الداء دواء ، وقد خلق الله لكل داء دواء .حرص الإنسان على سلامة وجوده تقتضي أن يطبق تعليمات الصانع :
كما ذكرت من قبل الله عزّ وجل من خلال صحتنا يربينا ، يقربنا إليه ، الإنسان كما تعلمون حريصاً على وجوده ، وعلى سلامة وجوده ، وعلى استمرار وجوده ، وعلى كمال وجوده ، وقد بينت من قبل أن حرص الإنسان على وجوده يقتضي أن يحمي نفسه من الأخطار ، وأن حرصه على سلامة وجوده يقتضي أن يطبق تعليمات الصانع ، وأن حرص الإنسان على كمال وجوده يقتضي أن يقترب من الله عز وجل حتى يسعد بقربه ، وأن حرص الإنسان على استمرار وجوده يعني أن يربي أولاده ليكونوا استمراراً له بعد موته ، والله عز وجل حينما برمج الإنسان وفطره على حبّ وجوده ، وعلى حبّ كمال وجوده ، وعلى حبّ سلامة وجوده ، وعلى حبّ استمرار وجوده ، من أجل أن يكون الإنسان في أعلى درجة من السلامة والسعادة .
الطبيب المؤمن حينما يرى من آيات الله في خلق الإنسان يكاد يذوب خشوعاَ لله :
أيها الأخوة حدثني بعض الأخوة الأطباء : أنه أحياناً إذا سدّ شريان في القلب تنمو مجموعة شُريانات في مجموع أقطارها تساوي الشريان المسدود ، و أنت لا تشعر ، يوجد بالجسم آلية الشفاء الذاتي ، فحينما يضعف عضو ينمو عضو آخر ، حينما يضيق شريان ينمو شريان آخر ، وهذا من آيات الله الدالة على عظمته ، والطبيب المؤمن حينما يرى من آيات الله في خلق الإنسان يكاد يذوب خشوعاَ لله عز وجل .
شيء آخر : الكبد مثلاً ، الكبد يقوم بمئات الوظائف ، كل خلية من خلايا الكبد تقوم بكل وظائفه ، فلو تشمع الكبد وصل إلى ثلثي الكبد ، بل إلى أربعة أخماس الكبد وجاء الطبيب الجراح واستأصل أربعة أخماس الكبد ، الكبد يعيد بناء ذاته في ستة عشر أسبوعاً ، ذلك لأن كل خلية في الكبد تقوم بكل وظائف الكبد ، ولو تعطل كبد الإنسان لكان الموت محققاً لأنه المخبر ، والمعمل الكيماوي في الجسم .
إخوتنا الكرام ، التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق إلى الله وأوسع باب ندخل منه على الله ، وأنت حينما تتعرف إلى أسماء الله الحسنى ، تقول " الشافي " الشافي جسمك مصمم للشفاء ، الأمراض لها أعراض ، البنية التشريحية للإنسان واحدة بشكل عجيب ، الإنسان له شكل .
الله عز وجل منح الإنسان أحد صفاته وهي الفردية لكرامته عند الله :
يقول بعض العارفين بالله : والله يا رب لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع ، يوجد بالأرض ستة آلاف مليون إنسان لا يوجد إنسان يشبه الآخر ، الإنسان فرد ، وقد منح الله جلّ جلاله الإنسان أحد صفاته وهي الفردية لأن الإنسان كريم عليه ، لكرامة الإنسان عند الله ، فالإنسان فرد في شكل وجهه ، وفي قوامه ، وفي نمط حركته ، فرد في قزحية عينه ، لا يوجد قزحية عين في الأرض تشبه قزحية عين الآخر ، حتى إن بعض البلدان الآن تأخذ صورة قزحية العين وتضعها على الجواز ، ولا يمكن لهذا الجواز أن يزور ، بل إن بعض الأقفال التي صنعت لا تفتح إلا على قزحية العين ، ومعنى ذلك أن هذا القفل لا يفتح إلا من خلال صاحبه ، فقزحية العين هوية للإنسان .
رائحة جلده هوية له ، لا يوجد إنسان له رائحة جلد تشبه رائحة جلد إنسان آخر وعلى هذا الأساس يبنى عمل الكلاب البوليسية ، ولولا أن الإنسان يتميز برائحة خاصة لما استطعنا أن نستخدم الكلاب البوليسية التي تملك من حاسة الشم مليون ضعف عن حاسة شم الإنسان .
ونبرة الصوت هوية لك ، لا يوجد إنسان في الأرض تشبه نبرة صوته نبرة صوتك وهذا نستخدمه في الهاتف ، فلان تعرفه من نبرة صوته .
الآن بلازما الدم ، الزمرة النسيجية غير الزمرة الدموية ، لكل إنسان زمرته النسيجية ، هذا من تكريم الله للإنسان جعله فرداً ، فرد في قزحية عينه ، وفرد في شكل وجه ، وفرد في قوامه ، وفرد في رائحة جلده ، وفرد في نبرة صوته ، وفرد في زمرته النسيجية وفرد في بلازما الدم ، وفرد في بصمته ، واكتشف أخيراً أنه فرد بالنطفة التي يملكها ، لكل نطفة علامة يتميز بها ، عند الزوجة جهاز لاستقبال هذه العلامة ، فما دامت هذه العلامة تأتيها تباعاً فهذا زوجها ، فإذا جاءت علامة أخرى فهذا مؤشر لوجود مرض في الرحم إلا أن المرأة قادرة على أن تستقبل علامة أخرى بعد أربعة أشهر أي العدة .
الإنسان فرد متميز لا أحد يشبهه فالله عز وجل واحد و واسع :
إذاً أيها الأخوة الإنسان فرد ، أما من أجل أن نفهم اسم " الشافي " الآن هناك مفارقة ، هو فرد متميز لا أحد يشبهه ، وفي الوقت نفسه ستة آلاف مليون البنية التشريحية واحدة، مكان الشريان ، مكان العصب ، لولا أن الأعصاب لها أماكن محددة جداًً أي عملية جراحية في الوجه تعني الشلل أحياناً ، لكن معروف العصب هنا مكانه ، الطبيب الجراح عنده مهارة فائقة في معرفة أماكن الأعصاب ، وأماكن الأوعية والشرايين .
إذاً البنية التشريحية الواحدة تؤكد اسم " الشافي " .
الآن الوظائف الفيزيولوجية في الإنسان تؤكد اسم " الشافي " الآن استجابة الجسم للدواء ، الجسم عضو نبيل يستجيب للدواء إذاً الله شافٍ ، ما أوقع المرض فينا إلا أن يكون المرض أداة قرب من الله عز وجل ويأتي بعده الشفاء ، فالله عز وجل شافٍ ، أي هذه الأدوية من صمم هذه العشبة لتهدئة القلب ، هناك أدوية مبطئة للنظم ، هناك أدوية موسعة للشرايين ، هناك أدوية مقوية لعضلة القلب ، هناك أدوية تعطي الإنسان راحة نفسية ، هناك أدوية مهدئة ، هناك أدوية مسكنة ، أي علم الأدوية علم قائم بذاته .
إذاً اسم " الشافي " تراه من وحدة الإنسان في بنيته التشريحية ، ومن وحدة الإنسان في وظائفه الفيزيولوجية ، بينما لكل إنسان هوية ، هذا شيء دقيق جداً ، أي وحدة تشابه البنية التشريحية ، والوظائف الفيزيولوجية في الإنسان تؤكد أن الله واحد ، أن الخالق واحد ، وأما التفاوت في شكل الإنسان ، وفي خصائصه ، وفي هوياته ، تؤكد اسم " الواسع " فالله واحد وواسع .
الله عز وجل قنن القوانين ليكون هناك أمل في شفاء الأمراض :
أيها الأخوة الكرام ، الدم له خصائص مذهلة ، يوضع هذا الدم في بنك باسم صاحبه ، بعد سنوات ، بعد عشر سنوات إذا تورمت بعض الخلايا أو تعطلت بعض الخلايا في مكان ، يوضع هذا الدم في المكان نفسه ، فإذا به يتشكل من الخلايا التالفة ، يعني إذا تعطلت خلايا نقي العظام المصنعة لكريات الدم الحمراء ، يوضع هذا الدم في نقي العظام ، وهذا الموضوع يمثل الخلايا الجذعية ، من أحدث الموضوعات ، أي مكان عندما استأصلنا بعض النسج وضعنا الدم مع الاستئصال تنمو خلايا من جنس الخلايا المحيطة بهذا الدم ، وهذا الدم له ثمن باهظ جداً ، والآن هناك بنوك للخلايا الجذعية .
إذاً الله عز وجل هو " الشافي " أي كل جهود الأطباء لولا أن الله قنن هذه القوانين ، أعطى هذه الخصائص لما كان من أمل في شفاء الأمراض ، إذاً الله عز وجل هو " الشافي " .
تقدم علم الطب نتيجة كرامة الإنسان عند الله :
لذلك الحديث : " إن لكل داء دواء " [حديث صحيح رواه مسلم والإمام أحمد عن جابر] .
يقرأ هذا الحديث المريض فيمتلئ ثقة بالشفاء ، يقرأ هذا الحديث الطبيب فيشعر بالتقصير تجاه البشر ، ينبغي أن نبحث عن شفاء لهذا المرض ، الآن فإذا أصيب دواء الداء معنى الطبيب حينما يصيب في تشخيص الداء قطع نصف المرحلة ، فإذا أصيب دواء الداء قال برئ بإذن الله .الطبيب له مهمتان ، المهمة الأولى : أن يصيب في تشخيص الداء ، وأن يصيب في وصف الدواء ، فإذا جاء التشخيص صحيحاً ، وجاء الدواء مناسباً برئ ، ولكن بإذن الله .
لذلك قال عليه الصلاة والسلام : " داووا مرضاكم بالصدقة " [رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود] .
أولاً أعطاك ثوابت ، أعطاك بنى تشريحية واحدة ، أعطاك وظائف فزيولوجية ، أعطاك أدوية لها فعل في الأمراض ، وهيأ أطباء ، والأطباء من رحمة الله بالإنسان ، وأنا أقول دائما أيها الأخوة إن تقدم علم الطب لكرامة الإنسان عند الله ، لأن الله هو الشافي إلا أن مرض الموت لا شفاء له ، هذا المرض لأنه بوابة الخروج ، الإنسان كيف يخرج ؟ يخرج بمرض الموت ، قد يكون في الكبد ، وقد يكون في الكلية ، وقد يكون في القلب ، وقد يكون في الدماغ ، وقد يكون بحادث ، تارة سكتة دماغية ، ومرة سكتة قلبية ، ومرة احتشاء ، هذه الأمراض التي هي أمراض الموت هي بوابة الخروج ، والإنسان حينما يرى أنه لابد من أن يخرج من الدنيا هذا من أعظم المواعظ والعبر .
على الإنسان أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء :
الآن " إن لكل داء دواء " فإذا أصيب دواء الداء برئ المريض بإذن الله ، إذاً ما الموقف الكامل حينما يصيب الإنسان المرض ؟ الموقف الكامل أن أبحث عن طبيب متفوق ، ولي مصطلح لطيف : ابحث عن طبيب مسلم حاذق ورع ، لأنه ينصح ، والدين النصيحة .
الآن هذا الطبيب يصيب في وصف تشخيص الداء ، ويصيب إن شاء الله في وصف الدواء ، ثم توجه إلى الله أن يسمح لهذا الدواء أن يفعل فعله في الداء ، هذا الموقف الكامل .
لذلك هذا ينقلنا إلى شيء مهم جداً في الإيمان ، أنت يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، هذه بطولة ، أن تذهب إلى أفضل طبيب ، أن تستخدم بدقة بالغة تعليمات الطبيب ، ثم تتوجه من أعماق أعماقك إلى الله ، يا رب اشفِ أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء من السهل جداً أن تأخذ بالأسباب ، وأن تعتمد عليها وتنسى الله ، وهذا واضح جداً في العالم الغربي ، ألهوا الأسباب ، يأخذون بالأسباب ويعتمدون عليها ، وينسون الواحد القهار ، لكن الله يقهرهم أحياناً ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
الأخذ بالأسباب من الدين :
الإنسان من ضعفه إذا أخذ بالأسباب يعتمد عليها وينسى الله ، ويوجد مسلمون مقصرون لا يأخذون بالأسباب ، وهم عصاة ، لذلك الطريق الأمثل هو طريق وادٍ سحيق و عن يساره وادٍ سحيق ، فالإنسان إذا أخذ بالأسباب واعتمد عليها وقع في وادي الشرك ، وإن لم يأخذ بالأسباب وقع في وادي المعصية ففي حنين قال الصحابة : " لن نغلب من قلة " [أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عباس] .
معهم بسبب الكثرة فقال تعالى : " وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ " [التوبة:25] .فالأخذ بالأسباب من الدين : " إن الله يلوم على العجز ، ولكن عليكم بالكيس ، فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل " [أبو داود وأحمد عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ] .
يجب أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، يجب أن تعالج عند الطبيب ، يجب أن تذهب إلى طبيب متفوق ، أن تستخدم الدواء بعناية بالغة ، وفي الوقت نفسه يجب أن يمتلئ القلب رجاء من الله عز وجل أن يسمح للدواء أن يفعل فعله .
الله تعالى إذا أخذ من المؤمن بعض صحته عوضه عليها أضعافا ًمن القرب منه :
فلذلك : " لكل داء دواء ، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله " [حديث صحيح رواه مسلم والإمام أحمد عن جابر] .
هذا الذي يقتضي الدعاء ، والتوسل إلى الله عز وجل ، ودفع الصدقات ، مع الأخذ بالأسباب هذا الموقف الكاملهناك مثل يقرب الحقيقة : عندك سفر ، راجعت المركبة مراجعة تامة ، راجعت كل شيء فيها ، وكلها جاهزة ، الآن أخذت بالأسباب ، الآن تتوجه بكل أعماقك إلى الله ، يا رب ، أنت الحافظ ، أنت الموفق ، أنت المسلم في هذا السفر ، أنت الرفيق في السفر ، هذا شأن المؤمن في كل شيء يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ويتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
شيء آخر الحديث القدسي الصحيح : " يا ابنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني ، قال : يارب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين ؟ قال : أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده " [أخرجه مسلم عن أبي هريرة] .
والله أيها الأخوة ، بالحديث ملمح يذيب محبة لله ، الله عز وجل إذا أخذ من المؤمن بعض صحته عوضه عليها أضعافاً مضاعفة من القرب من الله .
" أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده "
كل شيء في خلق الإنسان يؤكد اسم الشافي :
الحقيقة ماذا نستطيع أن نقول في اسم " الشافي " ؟ كل شيء في خلق الإنسان يؤكد اسم " الشافي " كل شيء حول الإنسان يؤكد اسم " الشافي " كل شيء في بنية الإنسان التشريحية يؤكد اسم " الشافي " كل شيء في وظائف الجسم يؤكد ، الفيزيولوجية تؤكد اسم "الشافي" كل دواء خلقه الله لهذا الإنسان يؤكد اسم "الشافي" .
والآن الأبحاث الطبية تؤكد هذه الحقيقة ، بعد حين يظهر دواء ناجح لبعض الأمراض المستعصية ، إذاً الله عز وجل شافٍ .
" الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ " [الشعراء:78-80] .
مختارات
-
ونبلوكم بالشر والخير فتنة
-
" الانطلاقة الثانية عشر "
-
" المطلب الثالث : العلم وصناعة الرجال "
-
" الستون عند أهل الأمم الأخرى "
-
اسم الله الرحيم 2
-
صيام شعبان ... ياعباد الرحمن
-
الم نهلك الأولين
-
بشارته بالجنة لقوم لم يبدلوا، خاتم النبوة، انشقاق القمر، عصم
-
النسمة العاشرة - حسن الحسنات - (3)
-
النسمة السابعة - واشوقاه رسول الله - (9)