" مرحبًا بالموت "
" مرحبًا بالموت "
هذه إحدى الفتيات الصالحات، سلكت درب الهداية والخير، وراقبت الله تعالى في أقوالها وأفعالها، ثم يسر الله لها شابًا صالحًا مستقيمًا، فتزوجها، وعاشا معًا حياة هادئة طيبة، في ظل طاعة الله تعالى، والتزام أوامره.
ويقدر الله تعالى أن ينتقل عمل الزوج إلى مدينة صغيرة، فانتقلت الزوجة مع زوجها إلى تلك المدينة الصغيرة، وأقاما سويًا هناك، وحملت تلك المرأة الصالحة في تلك المدينة بمولودها الأول، ومرت عليها شهور الحمل بطيئة مملة، مصحوبة بعناء الحمل ومشاقه العسيرة، وحانت ساعة الولادة، واشتدت آلام المخاض على تلك الفتاة الصالحة، وتعسرت ولادتها كولادة طبيعية، فأسرع بها زوجها إلى المستشفى الوحيد في المدينة، لتتم ولادتها تحت إشراف طبيبة النساء والولادة في ذلك المستشفى المتواضع، ولكن المفاجأة كانت، أن طبيبة النساء تلك، كانت في إجازة اضطرارية ولن تعود إلى عملها إلا بعد أربعة أيام، ولا يوجد أحد يقوم بعمليات التوليد إلا طبيب رجل!! ووسط الآلام الرهيبة التي تعاني منها زوجته، رق قلبه لها، فوافق على أن يجري لها الطبيب الرجل عملية الولادة القيصرية، على اعتبار أن هذا من باب الضرورات، ثم عاد إلى زوجته التي تئن وتصرخ وتتلوى من شدة الألم، وأخبرها بهذا النبأ المؤلم، فما كان من الزوجة إلا أن صرخت بأعلى صوتها قائلة: والله لا يكون هذا أبدًا !! رجل يولدني !!، ليت أمي لم تلدني !! فبادرها زوجها قائلاً: زوجتي العزيزة: أرجوك افهميني !! أنا لست ممن نزعت الغيرة من قلوبهم، فأصبحوا يرضون بأن تتكشف نساؤهم ومحارمهم أمام الرجال الأجانب – حتى ولو كانوا أطباء -، ولكن مراعاة مني لحالتك الصحية، وافقت على ذلك، وأنا أخشى إن لم يقم الطبيب بإجراء عملية الولادة أن تموتي !! فقالت له والابتسامة تعلو محياها: مرحبًا بالموت !! كلنا سنموت !! ثم أنسيت قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المرأة تموت في نفاسها شهيد»، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه !! حاول الزوج أن يقنعها، ولكنها رفضت بكل إصرار، وبالفعل عاد بها إلى بيته !!، وما كادت تمضي ساعة على وصولها إلى البيت، حتى فرج الله عنها كربتها، وتمت ولادتها، وخرج المولود على خير حال، فالحمد لله أولاً وأخرًا.
فكانت بعد ذلك، تداعب زوجها وتقول له: ألم أقل لك: «من ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه» (نساء رباهن القرآن).
مختارات