" أنواع الاستهزاء "
" أنواع الاستهزاء ":
1- الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله: ومن وقع منه هذا النوع فهو كافرٌ بنص الآية الكريمة التالية، سواءً قصد ذلك أم لم يقصده، أكان مازحًا أم جادًا، قال الله تعالى: " قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " [التوبة: 65، 66] وسبب نزول هذه ألآية ما رواه ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره، وابن أبي حاتم بإسناد لا بأس به، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رجل في غزوة تبوك، في مجلس: ما رأينا مثل قُرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن: قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته مُتعلِّقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنما كُنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ".
2- الاستهزاء بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولقد تفنن البعض من المستهزئين في هذا المجال، وتطاولوا على الصحابة الكرام، وقَدَحُوا في البعض منهم».
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-: «وبهذا يُعرف أن من يسبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كافر، لأن الطعن فيهم طعن في الله ورسوله وشريعته» (القول المفيد).
3- الاستهزاء بعباد الله المؤمنين: لتمسُّكِهِم بأحكام الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كإعفاء اللحية، ورفع الثوب فوق الكعبين.
قال الله تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " [المطففين: 29، 30].
فالاستهزاء بالمسلم لإسلامه: كفر، ولا يتأتَّى هذا من مسلمٍ أبدًا...، ومن هذا الباب -أيضًا- مُعاداتُه لأجل تدينه، وفتنه ليرجع عن دينه، وهذا كفر وصدٌّ عن سبيل الله تبارك وتعالى...»(الحد الفاصل بين الإيمان والكفر).
4- الاستهزاء بعموم الناس: سواءً المؤمن أو الفاسق، ونبزهم بالألقاب والسخرية بهم، ومحاكاة خلقتهم وأفعالهم.
قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ " [الحجرات: 11].
و قال صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»(رواه مسلم).
كما يُخشى على المستهزئ أن تعود عليه تلك الخصلةُ التي سخر من غيره بها، فيتصف بها ويُبتلى بفعلها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تُظهر الشماته لأخيك فيرحمه الله ويبتليك»(رواه الترمذي. وقال: حديث حسن).
وهذا الاستهزاء فيه نوع أذية، قال الله تعالى: " وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ... " [الأحزاب: 58] فالاستهزاء أمره عظيم للغاية، ولا يعني المحافظة على الواجبات ترك العنان للسان ليقول ما شاء، ويقع فيمن شاء؟ فكثير من الناس يرى المحافظة على الصلاة سببًا كافيًا للنجاة من عذاب الله – عز وجل -، وهذا الأمر جدُّ خطير يلزم تنبيه الناس إليه، فاللسان من أسباب دخول النار، وأكثر الجوارح جمعًا للخطايا، قال صلى الله عليه وسلم: «أكثر خطايا ابن آدم في لسانه»(صحيح الجامع)، ورأينا في آية التوبة السالفة الذكر كيف أثبت الله – عز وجل – للمستهزئين الإيمان قبل أن يُطلق عليهم الكفر، وذلك لكلمة يظنها البعض عابرة وأن أمرها ليس بالأمر العظيم.
مختارات