مقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين الشهيد ابن أمير المؤمنين
مقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين الشهيد ابن أمير المؤمنين:
الإمام الشريف الكامل، سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا، ومحبوبه، أبو عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين، أبي الحسن، علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي، حدَّث عن جده.
عن أنس بن مالك: استأذن ملِكُ القَطْرِ ربَّه أن يزورَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأذِن له فكان في يومِ أمِّ سلمةَ.. فبينا هي على الباب إذ دخل الحُسينُ بنُ عليٍّ... فجعل يتوثَّبُ على ظهرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وجعل النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يتلَثَّمُه ويُقبِّلُه فقال له الملكُ: تُحبُّه قال: نعم قال: أما إنَّ أُمَّتُك ستقتُلُه إن شئتَ أَريتُك المكانَ الذي يُقتَلُ فيه قال: نعم فقبض قبضةً من المكانِ الذي يُقتلُ فيه فأراه إياه فجاء سهلةٌ أو ترابٌ أحمرُ فأخذَتْه أمُّ سلمةَ فجعلتْها في ثوبِها قال ثابتٌ: كنا نقول إنها كربِلاءُ.
بلغنا أن الحسين لم يعجبه ما عمل أخوه الحسن، من تسليم الخلافة إلى معاوية، بل كان رأيه القتال، ولكنه كظم، وأطاع أخاه، وبايع وكان يقبل جوائز معاوية، ومعاوية يرى له، ويحترمه، ويجله، فلما أن فعل معاوية ما فعل بعد وفاة السيد الحسن من العهد بالخلافة إلى ولده يزيد تألم الحسين (بايع الحسن معاوية على أن جعل له العهد بالخلافة من بعده، انظر نزهة الفضلاء)، وحق له، وامتنع هو وابن أبي بكر، وابن الزبير عن المبايعة، حتى قهرهم معاوية، وأخذ بيعتهم مكرهين، وغلبوا، وعجزوا عن سلطان الوقت، فلما مات معاوية، تسلم الخلافة يزيد وبايعه أكثر الناس، ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين، وأنفوا من ذلك، ورام كل واحد منهما الأمر لنفسه، وسارا في الليل من المدينة إلى مكة، ونزل الحسين بمكة دار العباس، ولزم عبد الله الحِجر، وجعل يحرض على بني أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول: هم شيعتكم. وكان ابن عباس ينهاه، وقال له أبو سعيد: اتق الله والزم بيتك. وكلمه جابر، وأبو واقد الليثي، وأبى الحسين على كل من أشار عليه، إلا المسير إلى العراق.
وروى ابن سعد بأسانيده: قالوا: وأخذ الحسين طريق العذيب حتى نزل قصر أبي مقاتل، فخفق خفقة، ثم استرجع، وقال: رأيت كأن فارسا يسايرنا، ويقول: القوم يسيرون، والمنايا تسري إليهم، ثم نزل كربلاء، فسار إليه عمر بن سعد كالمكره، إلى أن قال: وقتل أصحابه حوله، وكانوا خمسين، وتحول إليه من أولئك عشرون، وبقي عامة نهاره لا يقدم عليه أحد، وأحاطت به الرَّجَّالة، وكان يشد عليهم، فيهزمهم وهم يكرهون الإقدام عليه، فصرخ بهم شمر! ثكلتكم أمهاتكم، ماذا تنتظرون به؟ وطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثم طعنه في صدره فخر، واحتز رأسه خولي الأصبحي ـ لا رضي الله عنهما، قال: ووجد بالحسين ثلاث وثلاثون جراحة.
ولم يفلت من أهل بيت الحسين سوى ولده علي الأصغر، فالحسينية من ذريته، كان مريضا، وحسن بن حسن بن علي وله ذرية، وأخوه عمرو، ولا عقب له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمد بن عقيل، فقدم بهم وبزينب وفاطمة بنتي علي، وفاطمة وسكينة بنتي الحسين، وزوجته الرباب الكلبية والدة سكينة، وأم محمد بنت الحسن بن علي، وعبيد وإماء لهم.
وورد البشير على يزيد، فلما أخبره، دمعت عيناه، وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. وقالت سكينة: يا يزيد، أبنات رسول الله سبايا؟ قال: يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليك، أقسمت ولو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه، ولكن فرقت بينه وبينه سمية، فرحم الله حسينا.
عجل عليه ابن زياد، أما والله لو كنت صاحبه ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري، لأحببت أن أدفعه عنه ولو وددت أن أتيت به سلما.
ثم أقبل على علي بن الحسين، فقال: أبوك قطع رحمي، ونازعني سلطاني، فقام رجل فقال: إن سباءهم لنا حلال، قال علي: كذبت إلا أن تخرج من ملتنا، فأطرق يزيد، وأمر بالنساء، فأدخلن على نسائه وأمر نساء آل أبي سفيان، فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام، إلى أن قال: وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر، فقال يزيد وهو زوجها: حق لها أن تعول على كبير قريش وسيدها، فجهزهم وحملهم إلى المدينة.
عن ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في النوم نصف النهار، أشعث أغبر، وبيده قارورة فيها دم، قلت: يا رسول الله ما هذا؟ قال: «هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل منذ اليوم ألتقطه». فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ (تخريج مشكاة المصابيح).
* وممن قتل مع الحسين إخوته الأربعة، جعفر وعتيق، ومحمد، والعباس الأكبر، وابنه الكبير علي، وابنه عبد الله، وكان ابنه علي زين العابدين مريضا، فسلم، وكان يزيد يكرمه ويرعاه.
وقتل مع الحسين، ابن أخيه القاسم بن الحسن، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب، ومحمد وعون ابنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
فأولاد الحسين هم: علي الأكبر الذي قتل مع أبيه، وعلي زين العابدين، وذريته عدد كثير، وجعفر، وعبد الله ولم يعقبا.
فولد لزين العابدين الحسن والحسين ماتا صغيرين، ومحمد الباقر وعبد الله، وزيد وعمر، وعلي، ومحمد الأوسط ولم يعقب، وعبد الله وحسين الصغير، والقاسم ولم يعقب.
مختارات