يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
آية الأبوة والبنوة من آيات الله الدالة على عظمته:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا، آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6) ﴾
(سورة التحريم)
أيها الأخوة، لابدّ من مقدمة تبين أن من آيات الله الدالة على عظمته، ومن آيات الله التي يمكن أن تسهم في أن نعرف الله، آية الأبوة والبنوة، قال تعالى:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) ﴾
(سورة البلد)
ارتباط الأب بابنه ارتباط بالتعبير المعاصر عضوي، ارتباط نفسك باليد ارتباط عضوي، فإذا جرحت تتألم، لا تستطيع بأي لحظة أن تتخلى عن يدك، جزء منك، علاقتها بك علاقة عضوية مرتبطة أوضح مثل، لو أن أباً استدعي إلى مركز شرطة ليتسلم ابنه، ومع ابنه هناك ابن أخيه ومع ابن أخيه هناك صديق ابن أخيه، تجد الأب يكاد يسحق، يصيبه ألم لا يعرفه إلا من ذاقه حينما يرى الإنسان أن ابنه قد سقط، انحرف، سرق، ارتكب فاحشة، ارتكب جريمة، هذا الارتباط العضوي يجعل شقاء الابن شقاء حكمي لوالديه، الدليل:
﴿ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ﴾
(سورة الأعراف)
الله يخاطب آدم وحواء، لم يقل فتشقيا، قال علماء التفسير: شقاء الزوج شقاء حكمي لزوجته، ويقاس على هذه الآية وشقاء الابن شقاء حكمي لوالديه.
أشقى الناس من جمع أكبر ثروة في الأرض و ابنه لم يكن كما يتمنى:
لذلك أنا أقول لو بلغت أعلى منصباً في العالم، وجمعت أكبر ثروة في العالم، وارتقيت إلى أعلى درجة علمية في العالم، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.
هذه المعاناة يشعر بها من آثر أن يبقى في بلاد الغرب، حياته ناعمة جداً، دخله فلكي، الأمور ميسرة، حقوق الإنسان موفورة، أما إذا ذكرت له ابنه يكاد يموت، لذلك مرة كنت في مؤتمر في أمريكا في ديترويت، قال أحد العلماء: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً لا ينبغي أن تبقى فيها.
عقد مؤتمر للأطباء المقيمين في ديترويت في دمشق، من ديترويت، أحد الأطباء زوج ابنته في هذه الفترة، ودعاني إلى عقد القران، ذكرت كلمة هذا العالم، لأنهم كلهم من أمريكا، قلت: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً لا يجوز أن تبقى في هذه البلاد، بعد أن انتهت كلمتي، تقدم مني طبيب مقيم هناك، والله الدمعة على خده، قلت: خير إن شاء الله ! قال لي: ألم تقل أنت إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك قال لي: أنا ابني ليس مسلماً، في بعض المؤتمرات ألقيت محاضرة في لوس أنجلوس، وتوجهت إلى غرفتي اقتربت مني امرأة محجبة، قالت لي: أنا أخت فلان، فلان صديقي قلت: أهلاً وسهلاً، فإذا هي تنفجر بالبكاء، قلت: خير إن شاء الله؟! قالت: ابنتي راقصة، و ابني ملحد.
أنا أقول لكم كلمة من أخطر الكلمات إن لم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، ولو جمعت أكبر ثروة في الأرض، أحياناً إنسان يسافر يهمل أولاده، يعود إلى بلده وقد شرد أولاده، يأتي الساعة الثانية تحكي معه يرفع صوته عليك، كل شيء جمعته من ثروة ليس له قيمة، هذا الذي جمعته و خسرت ابنك لا قيمة له إطلاقاً، فلذلك ارتباطك مع ابنك ارتباط عضوي.
الابن الصالح يدخل على قلب والديه من الطمأنينة والسرور لا يعرفه إلا من ذاقه:
أيها الأخوة، هناك شعور معاكس، شعور الأب الذي ابنه صالح، يدخل على قلبه من الطمأنينة والسرور ما لا يعرفه إلا من ذاقه، والدليل قوله تعالى:
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾
(سورة الفرقان)
أنت إذا رأيت ابنك يخاف الله، له سمعة طيبة، يحبه الناس، مستقيم، متزوج، بيته منضبط، زوجته منضبطة، له مكانة، وله دخل، مرتاح، تنام قرير العين، لذلك لأن ارتباطك بابنك ارتباطاً عضوياً ومصيرياً سعادتك بسعادته، وسلامتك بسلامته، وقرة عينك به، من هنا قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ (6) ﴾
(سورة التحريم)
عفواً لو أن شخصاً منا رأى فساداً يقول سبحان الله الزمن فسد، لكن لا يتأثر كما لو رأى ابنه فاسداً، أقسم لكم بالله تتصل بي أمهات وقد انحرف أولادهن، تكاد تموت من الألم، تكاد الأم تموت من الألم، كان يصلي وترك الصلاة له صويحبات، لا يتحرج من فعل معصية، تكاد الأم الملتزمة عندما ترى ابنها بهذا الوضع تموت من الألم، مرة ألقيت كلمة في أمريكا قلت لهم بلغتهم، وقتها كان كلينتون: لو بلغت منصباً ككلينتون، وثروة كأوناسيس، وعلماً كأينشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.
تربية الأولاد في الإسلام جزء من سعادتك و سلامتك و قرة عينك:
أحياناً يهاجر الإنسان إلى بلد غربي يتمتع بدخل فلكي، يتمتع بحياة ناعمة إلى درجة يصعب تصورها، أما الذي يطعنه في الصميم أن ابنه لا علاقة له بأمته إطلاقاً، لا بأمته ولا بدينه، لذلك إذا أردت إنفاذ أمر تدبر عاقبته، أعقل أب هو الذي يهتم بابنه في السنوات الأولى، زارنا أحد كبار العلماء وهو متخصص بصناعة القائد، القيادة أن تقود معملاً، أن تقود مؤسسة، أن تقود مستشفى، أن تقود أي مجموعة من الناس، تحتاج إلى مهارات معينة، فهناك علم الآن اسمه علم صناعة القائد، هذا العلم يؤكد أنه ما لم تنتبه إلى ابنك من الشهر الثالث وحتى السنة السابعة فقدت أكبر مرحلة يمكن أن يتربى بها ابنك كما تتمنى، فقدت أخطر مرحلة، فبالتعبير الوطني عندهم بعد السنة السابعة العوض بسلامتك، تجد الأب مشغولاً، يُفاجأ أن ابنه يكذب باستمرار، يتكلم كلاماً فاحشاً، ابنه لا يتورع عن عمل قبيح، معه حاجات ليست له، فلذلك مثلاً أحدث ما قرأت بعلم النفس لما ابنك في الشهر السادس تطعمه وتنظفه ويبكي إذا حملته أخطأت، الآن يأنف أن يتفنن بإزعاجكم، يبكي دعه يبكي، ما دام أكل فشبع، وثيابه نظيفة، ومرتاح، دعه يبكي.
أنا أتمنى أن يقتني أي أب دروس متعلقة بتربية الأولاد في الإسلام، أنا ألقي درساً في جامع سعد كل يوم سبت قبل رمضان وبعد رمضان إن شاء الله في تربية الأولاد في الإسلام، وهناك سلسلة سابقة 60 درساً في تربية الأولاد في الإسلام، سبحان الله لاقت رواجاً عجيباً، أذيعت في الإذاعات عشر مرات تقريباً، تربية الأولاد في الإسلام جزء من سعادتك، جزء من سلامتك، جزء من قرة عينك:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6) ﴾
(سورة التحريم)
الطامة الكبرى من اهتم بدراسة ابنه و لم يهتم بدينه:
الآية المتعلقة بهذا الموضوع:
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) ﴾
(سورة الأنفال)
الإنسان يفتن بابنه، أحياناً يهتم فقط بدراسته ولا يعبأ بدينه هنا الطامة الكبرى، يهتم بتحصيله ولا يعبأ بعقيدته، يهتم بصحته ولا يعبأ بصلاته، يهتم بمكانته الاجتماعية ولا يهتم بمكانته عند الله، يعني الأولاد أحياناً مفخرة، ابني طبيب، الثاني مهندس، عندي ثلاثة أطباء أيضاً يكشر، طول بالك، يهتم بمكانته الاجتماعية ولا يهتم بمكانته عند الله:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا (6) ﴾
(سورة التحريم)
والله الذي لا إله إلا هو لا يستطيع أكبر كاتب في الأرض أن يصف المشاعر الرائعة التي تنتاب الأب حينما يرى ابنه كما يتمنى، لا يقدر أي كاتب يصور مشاعر الأب الذي ربى ابنه كما ينبغي:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (6) ﴾
(سورة التحريم)
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) ﴾
(سورة الأنفال)
كل إنسان ممتحن بابنه:
الإنسان قد يفتن بابنه، يمتحن بابنه ينجح أو يرسب، أي بلغوه أنه يجب تقوية اللغة لابنك، ببساطة بسذاجة بعثته لوحده إلى لندن، شاب في ريعان الشباب والفتن هناك أي اقتراف الفاحشة كشربة الماء، أنا مع اللغة، مع تقويته باللغة لكن هناك ضوابط، لك قريب في لندن يشرف عليه، هل ضممته إلى جماعة مؤمنة تعينه على دينه؟ عاد زانياً وجد أن ديننا كله دين تعقيد، ودين تخلف، ودين جهل، نحن أمة متخلفة وهذه الحياة، رجع إنساناً آخر لا ينتمي لهذه الأمة إطلاقاً، هذا شيء وأنا لا أتكلم من فراغ، أتكلم من معاناة يعانيها الأخوة الكرام، والله الذي بقي في بلده وخدمة أمته وضمن زوجته وأولاده والله أكبر رابح لو كان يعاني ما يعاني ضمن زوجته وأولاده، مرة قال لي شخص تزوج امرأة أميركية قال أول يوم سهرت معي، ثاني يوم تزينت، قال: أين؟ قالت: عندي موعد مع صديقي، فخرج من جلده، ثالث يوم كذلك، رابع يوم كذلك، لها مجموعة أصدقاء بالعدل، يوم له وثلاثة أيام لغيره بالعدل تمشي، قال لي طلقتها وتزوجت امرأة مؤمنة طاهرة من بلدي، هي نائمة من شدة فرحي يقول لها الله يخلي لي إياكِ أنت كلك لي، تلك له ربعها فقط، له يوم من أربعة.
لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
أيها الأخوة، الأب الذي اعتنى بتربية أولاده يدخل على قلبه من الفرح والسرور ما لا يوصف، لا تقل لي سافرت وغبت عنهم أربع سنوات وأحضرت ثمن بيت فخم، خسرت أولادك، كن معهم بدخل محدود وربهم على القيم والمبادئ وكن مشرفاً عليهم:
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) ﴾
(سورة الأنفال)
﴿ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) ﴾
(سورة الممتحنة)
لو عندك ثماني أولاد بأعلى درجة دينية لكن ليس فيك دين إطلاقاً:
﴿ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) ﴾
(سورة الممتحنة)
من أذهب القيم من حياة ابنه فقد قتله:
أيها الأخوة:
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ﴾
(سورة الأنعام الآية: 151)
يعني هناك فرصة عمل لكن فيها فسق وفجور، البيئة فاسقة من أجل أن تُؤمّن له عملاً، ودخلاً، لن تعبأ بهذه البيئة السيئة، هذه البيئة أذهبت له حياءه ودينه، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ﴾
(سورة الأنعام الآية: 151)
أنت قتلته بهذا العمل، قتلت له دينه، أذهبت القيم من حياته، هذا المعنى الواسع طبعاً، هناك قتل في المعنى الضيق من فقره قتل ابنته بمعنى أنه وضعها في الرمال وأهال عليها التراب، وهناك قتل أوسع من ذلك من أجل أن يؤمن له دخلاً عالياً وضعه في بيئة فاسدة، فسد، أنا أضرب مثلاً لكن صارخ، إنسان دخله محدود وبيته واسع، أجّر غرفة لشخص غريب في البيت صار هناك شخص أجنبي، هذا الغريب خانه بزوجته، يا ترى هذا الدخل الإضافي الذي جاءه هل يوازي أن زوجته خانته؟ لا يوازي، أحياناً الإنسان هكذا يفعل من أجل مكسب مادي محدود يضيع القيم والمبادئ:
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151) ﴾
(سورة الأنعام الآية: 151)
على الإنسان ألا يقتل أولاده خشية إملاق لأن الله عز وجل يرزقه وإياهم:
الآية الثانية:
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ (31) ﴾
(سورة الإسراء)
يزوج ابنته يبحث لها عن وظيفة لكن لا تناسبها، هناك وظائف تناسب الأنثى لكن هناك وظائف لا تناسبها، يقول لعلها تطلقت، لم تزوجها بعد، يفكر بطلاق ابنته قبل أن تتزوج، يفرح بعمل فيه اختلاط، فيه فساد، فيه فتن مع الرجال يومياً:
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ (31) ﴾
(سورة الإسراء)
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151) ﴾
(سورة الأنعام الآية: 151)
واقع ولا خشية إملاق متوقع:
﴿ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) ﴾
(سورة الإسراء)
ابنك استمرار لك فعليك أن تحسن تربيته:
الله عز وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(9) ﴾
(سورة المنافقون)
أنا أضرب مثلاً دائماً لكن مؤلم ؛ شخص ترك ملايين مملينة توفي، رأى صديقه ابنه بعد موت صديقه، إلى أين أنت ذاهب يا فلان؟ قال أنا ذاهب أشرب خمر على روح والدي، ترك له أموالاً طائلة وهو جاهل، أقسم لي شخص أنه طلب كتاباً ثميناً جداً من صديقه الحميم، طلب أن يستعيره ليلة واحد ما قَبِل، كتاب ثمين جداً، قال لي: والله بعد وفاته وجدت الكتاب في الحاوية، إذا عندك مكتبة ربِّ ابنك أن يستفيد منها لا يضعها في الحاوية، البطولة أن تستمر حياتك بعد مماتك كما كنت في حياتك، إذا شخص ربى أولاده أنا أقول كأنه لا يموت، أنت مجبول على حبّ وجودك، وعلى حبّ سلامة وجودك، وعلى حبّ كمال وجودك، وعلى حبّ استمرار وجودك، سلامة وجودك بطاعة الله، وكمال وجودك بالعمل الصالح، واستمرار وجودك بتربية أولادك.
مرة توفي أحد علماء دمشق وكان العزاء في المسجد الأموي، في اليوم الثالث وقف ابنه وألقى كلمة رائعة جداً، أنا والله بكيت قلت إذاً لم يمت الأب، ما دام ترك ابناً عالماً معنى ذلك أن الأب لم يمت، إذا شخص ترك أولاداً صالحين فذكره مستمر.
على الآباء أن يحصنوا أولادهم من الداخل لانتشار الفتن المستعرة:
أنا أتمنى في هذا الزمان إذا كنت قبل خمسين سنة بحاجة إلى جهد بسيط لتربية أولادك، الآن بحاجة إلى مليون ضعف، كل شيء في الطريق وفي الدنيا يصرفهم عن الدين، قرص مدمج يبعده عن الدين كبعد الأرض عن السماء، يراه في الليل على الكومبيوتر، فتاة متبرجة كل مفاتنها ظاهرة تفسده، صديق سيء يفسده، فضائية متفلتة تفسده، موقع بالانترنيت يفسده، كل شيء حول الشاب يفسده، الآن أنت بحاجة إلى جهد كبير جداً كي تحصنه من الداخل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(9) ﴾
(سورة المنافقون)
من كان غنياً و بعيداً عن التدين فهم إنسان خاسر لا محالة:
أما إذا وجدت أولاداً بأعلى درجة من الغنى والأناقة والرقي، لكن بأدنى درجة من التدين، تفلت، شرب، واختلاط، يسمونه المجتمع المخملي هذه المصطلحات الحديثة الله عز وجل قال:
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) ﴾
(سورة التوبة)
لا تهتم بابن أنيق جداً ما فيه جنس الأدب، شخص أنيق جداً تكلم كلاماً بذيئاً قال له آخر إما أن ترتدي ثياباً ككلامك أو تتكلم كثيابك.
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) ﴾
(سورة التوبة)
والحمد لله رب العالمين
مختارات