المرء حيث يجعل نفسه
المرء حيث يجعل نفسه
كان كافور وصاحبه عبدين أسودين , فجيء بهما إلى قطائع ابن طولون حاضرة الديار المصرية وقتئذ ليباعا في أسواقها , فتمنى صاحبه أن يباع لطباخ حتى يملأ بطنه بما يشاء, وتمنى كافور أن يملك هذه المدينة , ليحكم وينهى ويأمر , وقد بلغ كل مناه , فبيع صاحب كافور لطباخ , وبيع كافور لأحد القواد المصريين , فأظهر كفاءة واقتدارا , ولما مات مولاه , قام مقامه , واشتهر بذكائه , وكمال فطنته , حتى صار رأس القواد , صاحب الكلمة عند الولاة , وما زال يجد ويجتهد حتى ملك مصر , والشام , والحرمين , ثم مر يوما بصاحبه , فرآه عند طباخ بحالة سيئة , فقال لمن معه : " لقد قعدت بهذا همته , فكان كما ترون , وطارت بي همتي , فكنت كما ترون , ولو جمعتني وإياه همة واحدة , لجمعنا عمل واحد " .
ولله در عمرو بن العاص حيث قال : " المرء حيث يجعل نفسه : إن رفعها ارتفعت , وإن وضعها اتضعت " . " المفرد العلم " لأحمد الهاشمي (ص77-78) .
ما خلا جسد من حسد
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" ما خلا جسد من حسد , ولكن الكريم يخفيه , واللئيم يبديه " . " الفتاوى " (10/124-125) .
الحذر من تصنيف العلماء بغير علم
قال ابن عقيل – رحمه الله - :
" ومن عجب ما سمعته عن هؤلاء الأحداث الجهال أنهم يقولون : أحمد ليس بفقيه , لكنه محدث " . وقال : وهذا غاية الجهل ؛ لأن له اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم , وربما زاد على كبارهم " .
قال الذهبي معلقا على هذا :
" أحسبهم يظنونه كان محدثا وبس , بل يتخيلونه من بابه محدثي زماننا , ووالله لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث , ومالك , والشافعي , وأبي يوسف , وفي الزهد والورع رتبة الفضيل , وإبراهيم بن أدهم , وفي الحفظ رتبة شعبة , ويحيى القطان , وابن المديني, ولكن الجهال لا يعلم رتبة نفسه , فكيف يعرف رتبة غيره ؟! " . " سير أعلام النبلاء " (11/321) .