لماذا اتوب ؟
يظن البعض إنه طالما لا يقع في كبيرة من الكبائر كأن يسرق أو يزني،
فهو ليس بحاجة للتوبة!!
كيف وقد أمر الله تعالى جميع المؤمنين بالتوبة {..وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيّهَا المؤمِنونَ لَعَلَّكم تفلِحونَ} [النور: 31]
التوبة هي وظيفة العمر..
خطوة لا غنى عنها لأي أحد، سواءًا كان قد عرف الطريق إلى الله منذ سنوات أم مازال في البداية..
حتى إن أهل الجنة عند دخولهم الجنة يستغفرون ربهم، {.. يَومَ لَا يخزِي اللَّه النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنوا مَعَه نورهم يَسعَى بَينَ أَيدِيهِم وَبِأَيمَانِهِم يَقولونَ رَبَّنَا أَتمِم لَنَا نورَنَا وَاغفِر لَنَا إِنَّكَ عَلَى كلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8]... فبالتوبة والاستغفار ترفع درجاتهم.
والأنبياء كلهم يتوبون إلى الله ويستغفرونه..
رغم إنهم معصومون، فها هو حبيبك يقول " إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " [صحيح مسلم]..
وماذا عنك أنت؟ ألا تقع في أي ذنوب ومعاصي؟..
لا تنظر إلى صِغر الذنب ولكن انظر إلى عِظَم من أذنبت في حقه..
قال رسول الله " إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى جملوا ما أنضجوا به خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه " [رواه أحمد وصححه الألباني]
وهذه أمثلة لبعض الذنوب التى يقع فيها بعض الناس هذه الأيام دون أن يلقوا لها بالاً..
1) ذنوب السر..
قال " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " [صحيح الجامع (5028)].. هذا الذي يبدو من أهل الصلاح أمام الناس، وإذا ما أغلِق عليه الباب وقع في المعاصي.
2) ترك الصلاة أحيانًا، تهاونًا أو تكاسلاً..
قال رسول الله " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " [رواه أحمد وصححه الألباني].. أو ربما تأخيرها بسبب الانشغال، وقد قال " لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله " [رواه مسلم]، وفي رواية " لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار " [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
3) عدم مراعاة حق الله في مالك..
فبعض الناس لا يعرف الفرق بين الصدقة والزكاة، وإنه يجب أن يخرج الزكاة عن ماله الذي بلغ النصاب إذا ما مر عليه العام.. قال " مَا مِن صَاحِبِ كَنزٍ لاَ يؤَدِّى زَكَاتَه إِلاَّ أحمِىَ عَلَيهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَيجعَل صَفَائِحَ فَيكوَى بِهَا جَنبَاه وَجَبِينه حَتَّى يَحكمَ اللَّه بَينَ عِبَادِهِ فِى يَومٍ كَانَ مِقدَاره خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ ثمَّ يرَى سَبِيلَه إِمَّا إِلَى الجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ.. " [صحيح مسلم]
4) والذي يملك مالاً ولا يؤدي فريضة الحج في الحال..
رغم إنه قد يقضي العطلة الصيفية بالخارج، وقد قال " إن الله تعالى يقول إن عبدا أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم " [صحيح الجامع (1909)].. وقال " عجلوا الخروج إلى مكة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة " [حسنه الألباني في صحيح الجامع (3990)]
5) أو من لا يريد أن يُطَهِّر ماله من الحرام..
ويذهب للحج والعمرة بهذا المال ليرضي ضميره، قال رسول الله " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال { يَا أَيّهَا الرّسل كلوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ..} [المؤمنون: 51] وقال { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آَمَنوا كلوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكم..} [البقرة: 172]،
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ " [رواه مسلم]
6) التعامل بالربا..
ولا يعلم إنه عند الله أشد من الزنا، قال رسول الله " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية " [رواه أحمد وصححه الألباني].. وقال " الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه " [رواه الطبراني وصححه الألباني]
7) والمتنمصة..
التي تأخذ من حاجبيها، ولا تعلم إنها بذلك ملعونة مطرودة من رحمة الله.. قال الرسول " لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " [صحيح الجامع (5104)]
8) والمتبرجة..
التي لا تشعر إنها بتبرجها قد خانت ربها، الذي يريد لها الطهر والعفاف كي يحميها من أعين الذئاب..
قال رسول الله " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهم كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " [رواه مسلم]
ومع كل ما ذكرنا من الذنوب، لا تجعل اليأس يتسرب إلى نفسك..
قال الله تعالى {قل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفوا عَلَى أَنفسِهِم لَا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِر الذّنوبَ جَمِيعًا إِنَّه هوَ الغَفور الرَّحِيم} [الزمر: 53]..
فباب التوبة مفتوح وإن صدقت الله في توبتك، يستحيل أن تقبل عليه ويعرض عنك.. ولكن لابد أن تسارع بالتوبة من هذه اللحظة ولا تؤخرها، قبل أن يأتي الموت بغتة..
{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)} [الزمر]
مختارات