الإنصاف
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم...
أما بعد...
فالأحبة في الله تعالى
أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية وتمام العافية والشكر على العافية، وأن يعافينا في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا، استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
الإخوة الكرام..
بدأنا من الأمس رحلة (كلنا يد واحدة) وهي دعوة للتغيير على منهاج المعادلة القرآنية بتغيير ما بالأنفس
وأول الخطوات كانت: الدعوة للتوافق على بساط الخلق الحسن
وأهم هذه الأخلاق: خلق الإنصاف
فالله تبارك وتعالى يقول: " ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى "
فالعدل والإنصاف يقتضي أن تزن الناس بميزان الحسنات والسيئات، لا ميزان الانتماءات والتصنيف، وإلقاء التهم وفق هذا التصنيف الحزبي أو الفكري، فدعوها فإنها حقًا (منتنة) وانفضوا غبارها فقد آن وقت الائتلاف
هل يمكن أن تقبلني كإنسان فتعطيني حقي من البر والإحسان؟
هل من الممكن أن نتعامل وفق أنني مسلم لي عليك حقوق ولك عليَّ واجبات؟
هل من الممكن ان ننفض الماضي العكر بكل صراعاته ومشاغباته ورواسبه؟
هل من الممكن أن نتمايز فنتكامل دون أن نطالب بالانصهار؟
يمكنني أن أرد على المخالفين لكن بأدب وحكمة ولا نوغر الصدور ونجعل الشيطان يحرش بيننا؟
ويمكنني ان أكون من أصحاب (ما بال بياض أسنانه) لما قالها عيسى للحواريين لما أمسكوا بأنوفهم لرؤية كلب متفسخ فكلهم رأى قذره، وتلمس هو أفضل ما فيه فشغل به عينه.
هل من الممكن أن تخف دعوات الشقاق وحملات الردود القاصمة للظهور وكلمات الانتصار للنفس والتشفي من الغير؟
هل من الممكن أن تستسيغ أيها السلفي قولا لأحد الإخوان؟ ويتسع صدرك أيها الإخواني لنصيحة السلفي؟
وهل من الممكن أن تزال عبارات التصنيف هذه من القاموس حتى نجتمع على نصرة الإسلام والعمل لدين الرحمن ونبتعد عن الظلال القاتمة لهذه التصنيفات فتسعنا دائرة الإسلام وأخلاقه أولا ثم دائرة أدب الخلاف ثانيًا ثم دائرة التناصح المهذب ثالثا ثم دائرة الاحترام المتبادل وإن اختلفت الرؤى رابعًا؟
عن سفيان بن حسين أنه قال: ذكرت رجلا بسوء عند إياس بن معاوية فنظر في وجهي وقال: أغزوت الروم؟ قلت: لا، قال: السند والهند والترك. قلت: لا، قال: أفيسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم؟
إنني لا أطالب أحدًا أن يتخلى عن رؤاه طالما قامت على أدلة صحيحة، ولكني أطالب بتغيير أساليب العرض وأساليب الحوار
فمن ينصف؟ ومن يعدل؟ ومن يتخلق بأخلاق المرحلة؟
الأخوة في الله..
إنها دعوة للتوبة العامة بين كل المتنازعين، وبين أصحاب الاتجاهات المختلفة، ففي الوسط الدعوي كوارث لابد من إزالة أنقاضها،ولا يتحقق ذلك إلا بهذه التوافقية على (أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي)
يا من ترى فيَّ القبيح هل لا تكفيك أنني أقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟
يا من أخطأت في حقي وقدحت فيَّ بغير بينة ولا برهان هل لا تكفيك أني أستغفر الله لك؟
يا من اغتبت هذا وخضت في أعراض المسلمين أما يكفيك أنها - والله -كبيرة
في سنن أبي داود وصححه الألباني عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.
أقولها لكل مسلم ومسلمة الآن للتصافي والتعافي
إن كنت اغتبتني فأستغفر الله لك، وإن كنت اغتبتك فأتوب إلى الله
وهكذا نبدأ في التوبة العامة للتقريب بين المسلمين وتعميق أواصر رابطة الإيمان
فإياكم والقدح في إخوانكم وفي أكابركم وعلمائكم
وإياكم ولحوم العلماء فإنها مسمومة
ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب فتستطيلون في أعراض الناس بغير حق؟
ولا تكونوا عون الشيطان على المسلمين، بل كونوا عباد الله المتسامحين
قولوها كما قالتها أمنا زينب في حادثة الإفك: أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا
بهذا تتآلفون، ولا تفتنون، وتراغمون الشياطين التي تنزغ بينكم
فمن يمد يده يبايع على هذه الخطوة؟؟
مختارات