لعلكم تتقون
سم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
أما بعد..
فاللهم حكمُك النافِذ، ومشيئتُك القاهِرة لم يترُكا لذِي مَقالٍ مقالاً، ولا لذِي حالٍ حالاً، فيا إلهي وَسِيلتي إليكَ أنعمُكَ عليّ، وشَفِيعي إليكَ إحْسانُك إليّ.
اللهُمّ إنّي أعُوذُ برِضاكَ مِن سَخَطِك، وبمُعافاتِك مِن عُقُوبتِك، وأعُوذُ بكَ مِنكَ لا أُحصِي ثناءً عليكَ، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِك.
أحبتي..
كان إبراهيم بن أدهم يقول: الهوى يردي وخوف الله يشفي، واعلم أنَّ ما يزيل عن قلبك هواك، إذا خفت من تعلم أنه يراك.
نعم هذا درس المراقبة، ، أن توقن بأنه ينظر لك ويطلع على عملك وعلى ما في قلبك فتستحي أن يراك وأنت على ما يغضبه، أن تتحسس قربه فتجتهد في تجويد العمل عسى أن تتقرب منه أكثر.
هل جال بخواطركم على مدى سبعة أيام وثماني ليال من ذلك شيء؟
هل صرتم تخافون ربكم من فوقكم؟ هل صرتم تخافون يوم الحشر ليس لكم من دون الله ولي ولا شفيع " لعلكم تتقون "
رمضان مداره على " لعلكم تتقون " فماذا حصلتم من صفات المتقين؟ ومن معاني التقوى
تعالوا إلى واجب عملي سريع لبلوغ أعظم ثمرات رمضان " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "
تعالوا نضع صفات المتقين نصب العين، في كل رسالة من الآن فصاعدا نلحظ معنى منها ونضيفه في عناصر الرسالة مع التدبر والأعمال والمناجاة.
الصفة التي نريد الاجتهاد في تحصيلها اليوم:
قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
في تفسيرها قالوا: اعبدوا ربكم راجين أن تنخرطوا في سلك المتقين الفائزين بالهدي والفلاح، المستوجبين جوار الله تعالى، نبّه به على أن التقوى منتهى درجات السالكين ؛ وهو التبري من كل شيء سوى الله تعالى - إلى الله تعالى.
فالمطلوب: كل عبادة تقوم بها من صيام وقيام وتلاوة قرآن ودعاء وذكر اجعلها بنية " لعلكم تتقون "
وقال " اعبدوا ربكم " لتجعلوا العبادة تربية لكم، فلابد من التربية بالصيام والقيام وسائر العمل الصالح، يعني إذا اعتدت الصيام الآن واعتدت القيام وأصيبت بمرض " الروتين الرمضاني " فاجتهد أكثر لتحل هذه المشكلة، زد في وردك، ادفع بنفسك بعزيمة الرجال لمسابقة العباد الذين سبقوك إلى الله، وقل في نفسك: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " والتقوى تأتي بالعبادة والمجاهدة فهيا للعمل !!
وآية التدبر
ورد " لعلكم تتقون " في الجزء في قوله تعالى: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
قالوا في تفسيرها: {وأنَّ هذا} أي: ما تقدم في سورة الأنعام كلها، {صراطي مستقيمًا فاتبعوه} ؛ لأن السورة بأسرها إنما هي في إثبات التوحيد، والنبوة، وبيان الشريعة، {ولا تتبعوا السُّبل} ؛ الأديان المختلفة والطرق التابعة للهوى.
وللمتدبرين: هذه من آيات المنهج في القرآن، من سار على هذا الدرب نال الكرامة، منهج الكتاب والسنة وفهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فعليك بمتابعة السبيل بما تشير إليه لوائح الدليل، فتنال التقوى فتكون عند الله وجيهًا.
في الأسحار قل:
يا ذا الجلالِ والإكرام، يا عزيزُ لا تحيطُ بجلالِه الأوهام، يا مَن لا غِنىً لشيءٍ عنه، وهو الغنيّ عن كُلّ شيءٍ، يا مَن لابُدَّ لِكلِّ شَيءٍ منه، يا مَن رِزقُ كلِّ شَيءٍ عليه، ومَصيرُ كُلِّ شيءٍ إليه، يا مَن يُعطي مَن لا يَسألُه، ويجودُ على مَن لا يُؤمِّلُه، ها نحنُ عبيدُكَ الخاضعونَ لهيبتِك، المتذلّلونَ لعزِّك وعظمتِك، الراجُون جميلَ رَحمتِك وعَفوِك، أمرتَنا ففرَّطنا، ولم تَقطَعْ عنّا نِعمَك، ونَهيتَنا فعَصينا ولم تَقطَعْ عنّا كرمَك، وظلَمْنا أنفسَنا مَعَ فقرِنا إليك، فلم تقطَعْ عنّا غِناكَ يا كريم.
اللهُمَّ أنتَ أحقُّ مَن ذُكر، وأحقُّ مَن عُبِد، وأنصرُ مَن ابتُغِيَ، وأرأفُ مَنْ ملَكَ، وأجودُ مَن سُئل، وأوسعُ مَن أعطى.
اللهم ! حُجّتي حاجَتي، وعُدَّتي فَاقَتي، وأنتَ رَجائي فارحمني.
مختارات