الطفيل بن عمرو
اسمه ولقبه:
هو الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس الدوسي. لقبه: ذو النور.
سبب تلقيبه بذي النور:
روى الطبري من طريق بن الكلبي قال: " سبب تسمية الطفيل بذي النور، أنه لما وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا لقومه، قال له: ابعثني إليهم واجعل لي آية؟ فقال: (اللهم نور له). فسطع نور بين عينيه، فقال: يا رب أخاف أن يقولوا مُثْلة، فتحول إلى طرف سوطه، فكان يضيء له في الليلة المظلمة.
قصة إسلامه وبعض فضائله:
وعن الطفيل بن عمرو قال: " كنت رجلاً شاعراً سيداً في قومي، فقدمت مكة، فمشيت إلى رجالات قريش، فقالوا: إنك امرؤ شاعر، سيد، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه، فإنما حديثه كالسحر، فاحذره أن يدخل عليك، وعلى قومك ما أدخل علينا، فإنه فرق بين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وابنه، فوالله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت: والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني، قال: فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفاً، ثم غدوت إلى المسجد، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -قائماً في المسجد، فقمت قريباً منه، وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، فقلت في نفسي والله إن هذا للعجز، وإني امرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها، والله لأسمعنَّ منه، فإن كان أمره رشداً أخذت منه، وإلا اجتنبته، فنزعت الكرْسفة، فلم أسمع قط كلاماً أحسن من كلام يتكلم به، فقلت: يا سبحان الله! ما سمعت كاليوم لفظاً أحسن ولا أجمل منه، فلما انصرف تبعته، فدخلت معه بيته، فقلت: يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا لي: كذا وكذا، فأخبرته بما قالوا، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول، وقد وقع في نفسي أنه حق، فاعرض علي دينك فعرض علي الإسلام، فأسلمت ثم قلت: إني أرجع إلى دوس، وأنا فيهم مطاع، وأدعوهم إلى الإسلام لعل الله أن يهديهم، فادع الله أن يجعل لي آية، قال: ( اللهم اجعل له آية تعينه). فخرجت حتى أشرفت على ثنية قومي، وأبي هناك شيخ كبير، وامرأتي وولدي، فلما علوت الثنية، وضع الله بين عيني نوراً كالشهاب يتراءاه الحاضر في ظلمة الليل، وأنا منهبط من الثنية، فقلت: اللهم في غير وجهي فإني أخشى أن يظنوا أنها مُثلة لفراق دينهم، فتحول فوقع في رأس سوطي، فلقد رأيتني أسير على بعيري إليهم، وأنه على رأس سوطي كأنه قنديل معلق، قال: فأتاني أبي، فقلت: إليك عني فلست منك ولست مني، قال: وما ذاك؟ قلت: إني أسلمت واتبعت دين محمد، فقال: أيَّ بني ديني دينك، وكذلك أمي، فأسلما، ثم دعوت دوساً إلى الإسلام فأبت عليَّ، وتعاصت، ثم قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: غلب على دوس الزنا والربا، فادع عليهم، فقال: (اللهم اهد دوسا). ثم رجعت إليهم، وهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فأقمت بين ظهرانيهم أدعوهم إلى الإسلام، حتى استجاب منهم من استجاب، وسبقتني بدر وأحد والخندق، ثم قدمت بثمانين أو تسعين أهل بيت من دوس، فكنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى فتح مكة، فقلت: يا رسول الله ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه؟ قال: (أجل، فاخرج إليه ). فأتيت، فجعلت أوقد عليه النار، ثم قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقمت معه حتى قبض، ثم خرجت إلى بعث مسيلمة، ومعي ابني عمرو حتى إذا كنت ببعض الطريق، رأيت رؤيا، رأيت كأنَّ رأسي حلق، وخرج من فمي طائر، وكأنَّ امرأة أدخلتني في فرجها، وكأنَّ ابني يطلبني طلباً حثيثاً، فحيل بيني وبينه، فحدثت بها قومي، فقالوا: خيراً، فقلت: أما أنا فقد أولتها، أما حلق رأسي: فقطعه، وأما الطائر: فروحي، والمرأة: الأرض أدفن فيها، فقد روعت أن أقتل شهيداً، وأما طلب ابني إياي فما أراه إلا سيعذر في طلب الشهادة، ولا أراه يلحق في سفره هذا، قال: فقتل الطفيل يوم اليمامة، وجرح ابنه ثم قتل يوم اليرموك بعد. وروى البخاري في صحيحه من طريق الأعرج عن أبي هريرة قال: قدم الطفيل بن عمرو الدوسي على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إن دوساً قد عصت، فادع الله عليهم، فقال: (اللهم اهد دوساً ). وقال بن سعد: " أسلم الطفيل بمكة، ورجع إلى بلاد قومه، ثم وافى النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة القضية، وشهد الفتح بمكة ".
وفاته:
قيل: استشهد باليمامة. كما قاله بن سعد تبعا لابن الكلبي. وقيل: باليرموك كما قاله بن حبان. وقيل: بأجنادين كما قاله موسى بن عقبة عن بن شهاب وأبو الأسود عن عروة.
مصادر الترجمة:
السير (1/344). الإصابة (2/225 – 226). وأسد الغابة (3/78). والعبر (1/14).
مختارات