الولد
الولد:
أ- الولد نعمة:
إذا أحسنت تربيته، فكل حسنة يعملها توضع في ميزان أبويه اللذين ربيا و علما، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام يخبر في حديث يحفز كل واحد على إحسان تربية أبنائه و تقويمهم فيقول: " إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى لي هذا؟! فيقال: باستغفار ولدك لك ".
فبفضل ولده الصالح ترتفع درجته بعد انقطاع عمله و يأسه من العودة إلى الدنيا ليعمل صالحا غير الذي كان يعمل، و ياله من استثمار !!أربح استثمار.
هل تحب ولدك؟!
إذا كنت تحبه بالفعل فاحرص على أن تزوده بالزاد الذي يبقى لينفعه في الحياة الأبدية لا أن تكتفي بالزاد الذي يفنى فلا يصل إليه منه شيء في الآخرة.
إذا كنت تحب ولدك فحفظه القرآن، فإن الولد إذا حفظ القرآن ألبس والداه تاجا ضوؤه مثل الشمس، و يكسى والداه حلتين لا تقوم بهما الدنيا جزاء ما قدما و غرسا في ابنهما، و لعل هذا هو الذي دفع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أن يقول: " أني لأكره نفسي على الجماع، رجاء أن تخرج نسمة تسبح الله ".
ما أحلى موت الأبناء!!
دخل أبو إسحاق الجبنياني على ابنه عبد الله وهو يحتضر،فلقنه الشهادة..فنطق بها ثم مات، فخرج على أمه فقال لها: أبشري يا أم عبد الله...، لقد مات ابنك على الإسلام، و جعل ثوابه في صحيفتك، فتطيبي و ارتدي أجمل ثيابك و أظهري شكر نعمة الله، ثم دخل حجرته و صلى ركعتين و ارتدى ثوبا جديدا و خرج على الناس و البشر ظاهر عليه!!
و ليس أبو إسحاق وحده بل كذلك الفضيل بن عياض حيث يقول عنه صاحبه ابو علي الرازي، صحبت الفضيل بن عياض ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكا مبتسما إلا يوم مات ابنه علي، فقلت له في ذلك: فقال: إن الله أحب أمرا فأحببت ما أحب الله.
حل اللغز!!
و السبب في هذا السرور العجيب هو ما أخبر به النبي عليه الصلاة و السلام: " إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم، فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك و استرجع، فيقول الله عز وجل: " ابنوا لعبدي بيتا في الجنة و سموه بيت الحمد ".
هل عرفت الآن لماذا وهبك الله العيال؟!يا أبا العيال...
أبناؤك جواهرك
قال أبو حامد الغزالي: الصبي أمانة عند والديه، و قلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش و صورة، و هو قابل لكل ما نقش عليه، و مائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود خيرا أو علمه نشأ عليه، و سعد في الدنيا و الآخرة أبواه، و إن عود شرا و أهمل إهمال البهائم شقي وهلك، و كان الوزر في رقبة القيم عليه.
ب- الولد نقمة:
لقول النبي عليه الصلاة والسلام: " الولد ثمرة القلب، و إنه مجبنة مبخلة محزنة ".
مجبنة: تجعل الإنسان يسكت عن النطق بكلمة الحق خوفا من أن يلحقه سوء أو يلحق ولده، فيسكت عن منكر و يغض الطرف عن باطل.
مبخلة: تدفع الإنسان إلى الضن بأمواله عن الإنفاق في سبيل الله، إتباعا لقول العامة، و بئس ما قالوا: ما احتاجه البيت حرم على الجامع.
محزنة: فإذا شيك ابنه بشوكة، أو ديس له طرف، أو مرض امتلأ فؤاد أبيه حزنا و شفقة عليه.
أين هؤلاء من حال علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي رزقه الله أربعة عشر ولدا و خمس عشرة بنتا، و مع ذلك قال: " و الله ما طمع الشيطان أن يوسوس لي يوما في أرزاقهم ".
و غير علي يسرق من اجل أبنائه، و يبيع آخرته بدنيا زائلة و يذوق عذاب النار بنعيم فان و ليت هذا النعيم كان له بل لغيره.
احفظ الله يحفظك
دخل مقاتل بن سليمان على المنصور يوم بويع بالخلافة، فقال له المنصور: عظني يا مقاتل، قال: أعظك بما رأيت أم بما سمعت؟!قال: بما رأيت. قال: يا أمير المؤمنين... عمر بن عبد العزيز أنجب احد عشر ولدا و ترك ثمانية عشر دينارا، كفن بخمسة دنانير، و اشتري له قبر بأربعة دنانير ووزع الباقي على أولاده، و هشام بن عبد الملك أنجب احد عشر ولدا و كان نصيب كل ولد من التركة مليون دينار و الله يا أمير المؤمنين لقد رأيت في يوم واحد ولدا من أولاد عمر يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله، و احد أولاد هشام يتسول في الأسواق!!
مختارات