16 قاعدة في صفات الله تعالى
ينبغي على طالب العلم أن يضبط قواعد الأسماء والصفات لأنها تزيده علماً ويقيناً وتأصيلاً، وتحميه من شبهات المبتدعة الذين يخوضون في هذا الباب علم، وقد كتب جماعة من العلماء قواعد في الأسماء والصفات مثل ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وغيرهم رحمهم الله تعالى.
ومن ضبط هذه القواعد فإنه بإذن الله سيكون على رسوخ في باب الأسماء والصفات، وستكون عنده القدرة على مناقشة أهل الأهواء الذين ضلّوا في هذا الباب.
القاعدة الأولى:
إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، لأن الله أعلم بنفسه من غيره، ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بربه.
القاعدة الثانية:
نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، مع اعتقاد ثبوت كمال ضده لله تعالى، لأن الله أعلم بنفسه من خلقه، ورسوله أعلم الناس بربه ؛ فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته، ونفي الظلم يتضمن كمال عدله، ونفي النوم يتضمن كمال قيوميته.
القاعدة الثالثة:
صفات الله عز وجل توقيفية ؛ فلا يثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ينفى عن الله عز وجل إلا ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنه لا أحد أعلم بالله من نفسه تعالى، ولا مخلوق أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القاعدة الرابعة:
التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها، أما معناها ؛ فيستفصل عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ؛ رد، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله ؛ قبل، مع بيان ما يدل على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية، والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث.
مثاله: لفظة (الجهة): نتوقف في إثباتها ونفيها، ونسأل قائلها: ماذا تعني بالجهة ؟ فإن قال: أعني أنه في مكان يحويه.
قلنا: هذا معنى باطل ينزه الله عنه، ورددناه.
وإن قال: أعني جهة العلو المطلق ؛ قلنا: هذا حق لا يمتنع على الله، وقبلنا منه المعنى، وقلنا له: لكن الأولى أن تقول: هو في السماء، أو في العلو ؛ كما وردت به الأدلة الصحيحة، وأما لفظة (جهة) ؛ فهي مجملة حادثة، الأولى تركها.
القاعدة الخامسة:
قطع الطمع عن إدراك حقيقة الكيفية ؛ لقوله تعالى: ( ولا يحيطون به علماً ) وقوله تعالى ( ليس كمثله شيء ) وقوله تعالى ( هل تعلم له سمياً ).
القاعدة السادسة:
صفات الله عز وجل تُثبت على وجه التفصيل، وتُنفى على وجه الإجمال.
فالإثبات المفصل ؛ كإثبات السمع والبصر وسائر الصفات، والنفي المجمل كنفي المثلية في قوله تعالى " ليس كمثله شيء ".
القاعدة السابعة:
كل اسم ثبت لله عز وجل ؛ فهو متضمن لصفة، ولا عكس.
مثاله: اسم الرحمن متضمن صفة الرحمة، والكريم يتضمن صفة الكرم، واللطيف يتضمن صفة اللطف، وهكذا، لكن صفاته: الإرادة، والإتيان، والاستواء، لا نشتق منها أسماء، فنقول: المريد، والآتي، والمستوي، وهكذا.
القاعدة الثامنة:
صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
القاعدة التاسعة:
صفات الله عز وجل يجوز أن يُستعاذ بها ويحلف بها.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك. رواه مسلم.
ولذلك بوب البخاري في كتاب الأيمان والنذور: باب: الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته.
القاعدة العاشرة:
الكلام في الصفات كالكلام في الذات.
فكما أن لله ذات حقيقية لا تشبه الذوات ؛ فهذه الذات متصفة بصفات حقيقية لا تشبه الصفات، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات تكييف، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات تكييف.
القاعدة الحادية عشرة:
القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.
فمن أقر بصفات الله ؛ كالسمع، والبصر، والإرادة، بدون أي تمثيل أو تكييف، فيلزمه أن يقر بمحبة الله، ورضاه، وغضبه، وكراهيته كذلك بدون أي تمثيل أو تكييف.
القاعدة الثانية عشرة:
ما أضيف إلى الله مما هو غير بائن عنه ؛ فهو صفة له غير مخلوقة، مثل " سمع الله، قدرة الله "، وكل شيء أضيف إلى الله وهو بائن عنه ؛ فإنه مخلوق، مثل: بيت الله، وناقة الله.
القاعدة الثالثة عشرة:
صفات الله عز وجل وسائر مسائل الاعتقاد تثبت بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان حديثاً واحداً، وإن كان آحادا.
القاعدة الرابعة عشرة:
باب الأخبار أوسع من باب الصفات، وما يُطلق على الله من الأخبار ؛ لا يجب أن يكون توقيفياً ؛ مثل " القديم، والشيء، والموجود " فيجوز أن تضيف هذه الصفات لله من باب أنك تخبر عن الله تعالى.
القاعدة الخامسة عشر:
صفات الله عز وجل لا يقاس عليها.
فلا يقاس السخاء على الجود، ولا الاستطاعة على القدرة، ولا الرقة على الرحمة والرأفة، ولا المعرفة على العلم وهكذا ؛ لأن صفات الله عز وجل لا يتجاوز فيها التوقيف.
القاعدة السادسة عشر:
إذا كانت الصفة كمالاً من وجه ونقصًا من وجه لم تكن ثابتة لله تعالى ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، يعني: لا نثبتها مطلقًا، ولا ننفيها مطلقًا، بل لا بد من التفصيل.
وهذا كما جاء في لفظ المكر والاستهزاء والخداع، فهذه لا نثبتها مطلقًا ونقول: الله تعالى يخادع، ونسكت، ولا نقول: الله تعالى يستهزئ، أو يمُكر ونسكت، ولا ننفي ونقول الله تعالى: لا يوصف بالخديعة، أو الخداع، أو الاستهزاء، وإنما لا بد من التفصيل لأنها جاءت مقيدة في الكتاب والسنة لم تأت مطلقة.
والصواب أن نقول: الله يخادع من يحاول المخادعة ويمكر بمن يحاول المكر، وهكذا، ولهذا قال تعالى " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ".
مختارات