الفصل الأول
الحديث الأولعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ له قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبُ أَنْ أَقُولَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ، وَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [صحيح، أخرجه: أحمد/ مسنده].
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:الْأُولَى: قَوْلُهُ: (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبُ.
.
) فِيهِ اسْتِحْبَابُ اهْتِمَامِ الْعَالِمِ بِالطَّالِبِ النَّجِيبِ، وَتَعْلِيمِهِ مَا يُعَانُ بِهِ وَيُسْعِفُهُ فِي مَسِيرِهِ الدَّعَوِيِّ، وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ بِهِ كَرْبَاً أَوْ تَفَرَّسَ أَنَّهُ سَيُكْرَبُ؛ عَلَّمَهُ دُعَاءَ تَفْرِيج الْكَرْبِ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبُ) أَيْ: إِذا حَلَّ بِيَ الْغَمُ الَّذِي يَأْخُذُ النَّفْسَ، وَقِيلَ: الْكَرْبُ أَشَدُّ الْغَم) (١).
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى الْكَرْبِ: "هُوَ مَا يَدْهَمُ الْمَرْءَ مِمَّا يَأْخُذُ بِنَفْسِهِ فَيَغُمُّهُ وَيُحْزِنُهُ (۲).
الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: (لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ) أَيْ: أَنْ يَفْزَعَ عِنْدَ الْكَرْبِ إِلَى الدُّعَاءِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ؛ فَإِنَّهَا خَيْرُ الْحُصُونِ وَأَمْنَعُهَا؛ فَهِيَ بَوَّابَةُ الْإِسْلَامِ، وَبِهَا تُحْقنُ الدَّمَاء وَالْأَمْوَالُ، وَبِهَا تُدْفَعُ الْكُرُوبِ وَالْأَهْوَالِ، وَبِهَا تُقْبَلُ الْأَعْمَالُ، وَبِهَا تَحْصُلُ النَّجَاةُ مِنَ النِّيرَانِ، وَمَعْنَاهَا: لَا أَحَدَ يَسْتَحِقُ أَنْ تَأْلهَهُ الْقُلُوبُ بِغَايَةِ الْحُبِ مَعَ غَايَةِ الْخُضُوعِ وَالذُّلِ إِلَّا اللَّهُ.
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: (الحَلِيمُ) مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: ذُو الصَّفْحِ وَالْأَنَاةِ الَّذِي لَا يَسْتَخِفه عِصْيَانُ الْعُصَاةِ، وَلَا يَسْتَفِزهُ الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِقْدَارًا، فَهُوَ مُنْتَهِ إِلَيْهِ (٣).
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: "(حَلِيمٌ غَفُورٌ) أَيْ: يَرَى عِبَادَهُ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِهِ وَيَعْصُونَهُ، وَهُوَ يَحْلُمُ فَيُؤَخِّرُ وَيُنْظِرُ وَيُؤَجِّلُ وَلَا يَعْجَلُ، وَيَسْتُرُ آخَرِينَ وَيَغْفِرُ (٤).
وَقَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "(الحَلِيْمُ): الذِي يَدُرُّ عَلَى خَلْقِهِ النَّعَمَ الظَّاهِرَةَ والبَاطِنَةَ، مَعَ مَعَاصِيْهِم وَكَثْرَةِ زَلَّاتِهِم، فَيَحْلُمُ عَنْ مُقَابَلَةِ العَاصِيْنَ بِعِصْيَانِهِم، وَيَسْتَعْتِبُهُم كَيْ يَتُوبُوا، وَيُمْهِلُهُم كَيْ يُنِيبُوا (٥).
الخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: (الْكَرِيمُ) الَّذِي يُعْطِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَبِدُونِ مِنَّةٍ (٦)، قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى الْكَرِيمِ: إِنَّهُ النَّفَّاعُ (٧)، أَيْ: كَثِيرُ النَّفْعِ.
وَالْكَرِيمُ: عِنْدَ الْعَرَبِ مُسْتَعْمَلْ فِي ثَلَاثَةِ مَعَانٍ أَحَدُهَا: الْكَرِيمُ: هُوَ الْجَوَادُ كَثِيرُ الْخَيْرِ عَظِيمُ النَّفْعِ دَائِمُهُ وَاسِعُ الْعَطَاءِ، وَالْكَرِيمُ المُطْلَقُ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ، أَجْوَدُ مَنْ سُئِلْ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى، إِذَاأَعْطَى زَادَ عَلَى مُنْتَهَى الرَّجَاءِ، يَبْدَأُ عَبْدَهُ بِالنَّعْمَةِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ، وَيَتَبَرَّعُ لَهُ بِالْإِحْسَانِ مِنْ غَيْرِ استتابة (٨).
الثَّانِي: الْكَرِيمُ هُوَ الْعَزِيزُ، يُقَالُ: فُلَانٌ أَكْرَمُ عَلَيَّ مِنْ فُلَانٍ أَيْ: هُوَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: ١٣].
أَيْ: إِنَّ أَعَزَّكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.
وَالْعَزِيزُ كَامِلُ الْعِزَّةِ الذِي لَا يَقْهَرُهُ أَحَدٌ وَلَا يَغْلِبُهُ، يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذْلُ مَنْ يَشَاءُ، وَكُلُّ مَنْ أَكْرَمَهُ اللهُ عَزَّ، وَلَا يُطِيقُ أَحَدٌ أَنْ يُذْلَهُ، وَمَنْ أَهَانَهُ ذَلَّ، وَلَا يُطِيقُ أَحَدٌ أَنْ يُعِزَّهُ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْيُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: ۱۸].
الثَّالِثُ: الْكَرِيمُ: هُوَ الصَّفُوحُ، يُظْهِرُ الجَمِيلَ وَيَسْتُرُ الْقَبِيحَ، لَا يَأْخُذُ بِالْجَرِيرَةِ، وَلَا يَهْتِكُ السَّتْرَ، عَظِيمُ الْعَفْوِ، وَحَسَنُ التَّجَاوُزِ، وَوَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ، بَاسِطُ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، وَمُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، وَصَاحِبُ كُلِّ نَجْوَى مِنْ كَرَمِهِ: إِذَا تَابَ الْعَبْدُ عَنِ السَّيِّئَةِ؛ مَحَاهَا وَكَتَبَ لَهُ مَكَانَهَا حَسَنَةٌ.
السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ اللَّهِ) أَيْ: أُنَزِّهُ اللَّهَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَنَقْصٍ، وَعَنْ كُلِّ نِدٌ وشَرِيكٍ، وَعَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، وَعَنْ كُلِّ مَا يَخْطِرُ بِبَالِي؛ فَإِنَّهُ وَرَاءَ ذَلِكَ (٩).
السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: (رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أَيْ: خَالِقِ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَمَالِكِهِ، وَخَالِقِ كُلُّ مَا دُونَهُ، وَالْإِضَافَةُ تَشْرِيفِيَّةٌ؛ لِتَنزُّهِهِ تَعَالَى عَنِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى شَيْءٍ، وَعَنْ جَمِيعِ سَمَاتِ الْحُدُوثِ (١٠).
قَالَ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَعْنَى (رَبِّ): أَيْ: الَّذِي يَمْلِكُ كُلَّ مَا دُونَهُ، وَالمُلُوكُ كُلُّهُمْ مَمَالِيكُهُ وَعَبِيدُهُ، وَإِنَّمَا عَنَى بِوَصْفِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الخَبَرَ عَنْ جَمِيعِ مَا دُونَهُ أَنَّهُمۡ عبيدُهُ، وَفِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ؛ لِأَنَّ الْعَرْشَ الْعَظِيمَ، إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُلُوكِ، فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ "ذُو الْعَرْشِ " دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ المَلِكُ الْعَظِيمُ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ مَنْ دُونَهُ فِي سُلْطَانِهِ وَمُلْكِهِ، جَارٍ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَقَضَاؤُهُ (١١).
وَقَوْلُهُ: (الْعَظِيمِ) صِفَةٌ لِلْمُضَافِ، أَيْ: لِلرَّبِّ، أَوِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيِ: لِلْعَرْشِ، وَالثَّانِي أَبْلَغُ،وَوَصْفُهُ - أَيِ الْعَرْشَ - بِالْعَظَمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَحِيطُ بِالْمُكَوِّنَاتِ (١٢)، وَأَنَّهُ إِذَا خَلَقَ الشَّيْءَ العَظِيمَ لَمْ يُعْجِزْهُ خَلْقُ مَا دُوْنَهُ، وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٍ.
الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُ: (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيْ: لَهُ الْحَمْدُ المُطلَقُ فِي أُلُوهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ؛ فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ: مَالِكُهُمْ وَخَالِقُهُمْ، وَمُرَبِّيهِمْ وَمُصْلِحُ أُمُورِهِمْ، وَمُعْطِي حَاجَاتِهِمْ، وَمُحِيبُ دَعَوَاتِهِمْ.
وَخَتَمَ الثَّنَاءَ بِمَا هُوَ مِنْ مَجَامِعِهِ، بَلْ قِيلَ: إِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ صِيَغِ الْحَمْدِ لِافْتِتَاحِ الْقُرْآنِ بِهِ؛ إِشَارَةً إِلَى التَّفَاؤُلِ بِزَوَالِ النِّقْمَةِ، وَحُصُولِ النِّعْمَةِ، وَإِيمَاء إِلَى أَنَّهُ حَامِدٌ لَهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَرَاضٍ عَنْهُ بِكُلِّفِعَالٍ (١٣).
التَّاسِعَةُ: قَالَ الْبَرْمَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "وَهَذَا الذِّكْرُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ؛ فَفِيهِ التَّوْحِيدُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ التَّنْزِيهَاتِ، المُسَمَّى بِالْأَوْصَافِ الْجَلَالِيَّةِ، وَفِيهِ الْعَظَمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَالْحِلْمُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ، وَهُمَا أَصْلُ الصَّفَاتِ الْوُجُودِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ المُسَمَّاةِ بِصِفَاتِ الْإِكْرَامِيَّةِ، وَعِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (١٤).
وَقَالَ ابْنُ الْمُلَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ: "وَهَذَا الذِّكْرُ مِنْهُ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إِزَالَةِ الْغَمِّ إِلَّا اللَّهُ؛ بذِكْرِ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى، وَصِفَاتِه العُظمى" (١٥).
وَقَالَ الصَّنْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فِي هَذِهِ الكَلِمَاتِ جِلَاءٌ لِلقَلْبِ عَنْ كُلِّ كَرْبِ، وَغَسْلُ لِأَدْرَانِهِ عَنْ أَحْزَانِهِ، فَهُوَ يَفْزَعُ عِنْدَ الهُمُومَ إِلَى أَحَدٍ أَمْرَيْنِ: إِمَّا الصَّلَاةِ، أَوْ هَذَا الذِّكْرِ (١٦).
وَقَالَ ابْنُ عَلَّانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فِي الْإِتيَانِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَوِ الدَّعَوَاتِ إِيمَاءُ إِلَى أَنَّ الدَّوَاءَ مِنَ الْكَرْبِتَوْحِيدُ اللَّهِ، وَعَدَمُ النَّظَرِ إِلَى سِوَاهُ أَصْلَا، فَمَنْ صَفَا لَهُ هَذَا الْمَشْرَبُ؛ فُرِجَ عَنْهُ الْكَرْبُ، وَنَالَ مِنَ الْفَضْلِ الْأَسْنَى مَا أَحَبَّ" (١٧).
الْعَاشِرَةُ: قَوْلُهُ: (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَنْ أَقُولَ:.
.
) دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِيَّةِ هَذَا الدُّعَاءِ فِي حَالِ الْكَرْبِ وَالْمِحْنَةِ، وَفِيهِ إِيمَاء إِلَى أَنَّ الْأَدْعِيَةَ مِنْهَا خَاصَّةٌ فِي أَحْوَالٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِذَا قِيلَتْ فِي أَحْوَالِهَا؛ كَانَتْ أَنْفَعَ بِإِذْنِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَمِنْهَا عَامَّةٌ كَالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَغَيْرُهَا كَثِير.
(۱) المباركفوري / تحفة الأحوذي (۹/ ۲۷۸).
(۲) المرجع السابق.
(٣) البغوي/ شرح السنة (٥/ ١٢٢).
(٤) ابن كثير/ تفسيره (٦ / ٥٥٧).
(٥) السعدي / تفسيره (ص٩٤٨).
(٦) القاري / مرقاة المفاتيح (۳/ ٩٩١).
(٧) البيهقي / الأسماء والصفات (١/ ١٤٥).
(٨) الخطابي/ شأن الدعاء (ص ۷۱).
(٩) القاري/ مرقاة المفاتيح(۳/ ٩٩١).
(١٠) المرجع السابق.
(١١) الطبري / تفسيره (١٤ / ٥٨٧).
(١٢) القاري/ مرقاة المفاتيح (۳/ ۱۱۷۱).
(١٣) القاري/ مرقاة المفاتيح (۳/ ۱۱۷۱).
(١٤) البرماوي / اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (١٥/ ٣٨٢).
(١٥) ابن الملك / شرح المصابيح (۳/ ۱۸۹).
(١٦) الصنعاني/ التنوير شرح الجامع الصغير (٣٦٩/٨).
(١٧) ابن علان دليل الفالحين (٣٠٥/٧).
مختارات