فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 4
حكمــــــة
عَن أبي عنبة الخولاني أنه كان في مجلس خولان في المسجد جالسا فخرج عَبد الله بن عَبد الملك هاربا من الطاعون فسأل عنه فقالوا خرج يتزحزح هاربا من الطاعون فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ما كنت أرى أني أبقى حتى أسمع بمثل هذا أفلا أخبركم عَن خلال كان عليها إخوانكم أولها لقاء الله كان أحب إليهم من الشهد والثانية لم يكونوا يخافون عدوا قلوا أو كثروا والثالثة لم يكونوا يخافون عوزا من الدنيا كانوا واثقين بالله أن يرزقهم والرابعة إن نزل بهم الطاعون لم يبرحوا حتى يقضي الله فيهم ما قضى
حكمــــــة
عَن عُمَر بن سَعِيد بن أبي حسين حدثني ابن سابط أو غيره أن أبا جهم بن حذيفة العدوي قَالَ انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي ومعي شنة من ماء وإناء فقلت إن كان به رمق سقيته من الماء ومسحت به وجهه فإذا أنا به ينشغ فقلت له أسقيك فأشار أن نعم فإذا رجل يقول آه فأشار ابن عمي أن انطلق به إليه فإذا هو هشام بن العاص أخو عَمْرو بن العاص فأتيته فقلت أسقيك فسمع آخر يقول آه فأشار هشام أن انطلق به إليه فجئته فإذا هو قد مات ثم رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات ثم أتيت ابن عمي فإذا هو قد مات
حكمــــــة
عَن مالك بن أنس - قَالَ حَدَّثَنَا عَبد الله بن أبي بكر أن رجُلاً من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف في زمن الثمر والنخل قد ذللت وهي مطوقة بثمرها فنظر إلى ذلك فأعجبه ما رأى من ثمرها ثم رجع إلى صلاته وهو لاَ يدري كم صلى فقال لقد أصابني في مالي هذا فتنة فأتى عثمان بن عفان فذكر له فقال له إنه صدقة فاجعله في سبل الخير فباعه عثمان رضي الله عنه بخمسين ألفا فكان اسم ذلك المال الخمسين
حكمــــــة
عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإنَاءِ يَصْطَبُّهَا صَاحِبُهَا وَأَنْتُمْ تَتَنَقَّلُونَ مِنْهُ إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لاَ يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا وَاللَّهِ لَتُمْلأَنَّ فَعَجِبْتُمْ وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظُ الزِّحَامِ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي سَابِعُ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا طَعَامٌ إِلا وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا وَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَاشْتَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ بِنِصْفِهَا فَمَا أَصْبَحَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ حَيًّا إِلا أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأمْصَارِ فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا وَعِنْدَ اللهِ صَغِيرًا وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إِلا تَنَاسَخَتْ حَتَّى تَصِيرَ عَاقِبَتُهَا مُلْكًا وَسَتُبْلَوْنَ أَوْ سَتُجَرِّبُونَ الأمَرَاءَ بَعْدِي
حكمــــــة
عَنِ الْحَسَنِ أنه كان إذا تلا هذه الآية فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ قَالَ من قَالَ ذا قَالَ من خلقها وهو أعلم بها قَالَ وقال الحسن إياكم وما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال لاَ يفتح رجل على نفسه باب شغل إلاَّ أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب
حكمــــــة
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنِي فُلانٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُوتِيتُ بِمَفَاتِيحِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ فَذَهَبَ نَبِيُّكُمْ بِخَيْرِ مَذْهَبٍ وَتُرِكْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَأْكُلُونَ مِنْ خَبِيصِهَا مِنْ أَصْفَرِهِ وَأَحْمَرِهِ وَأَخْضَرِهِ وَأَبْيَضِهِ وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَوَّثْتُمُوهُ الْتِمَاسَ الشَّهَوَاتِ
حكمــــــة
عَن يزيد بن أبي حبيب أن ربيعة بن لقيط أخبره أنه كان مع عَمْرو بن العاص عام الجماعة وهم راجعون من مسكن وأمطروا دما عبيطا قَالَ ربيعة ولقد رأيتني أنصب الإناء فيمتلئ دما عبيطا فظن الناس أنها هي وماج الناس بعضهم في بعض فقام عَمْرو بن العاص فأثنى على الله عز وجل بما هو له أهل ثم قَالَ يا أيها الناس أصلحوا ما بينكم وبين الله تعالى ولا يضركم ولو اصطدم هذان الجبلان
حكمــــــة
عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَقُولُ لأَصْحَابِهِ اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ مَسَاكِنَ وَالْبُيُوتَ مَنَازِلَ وَكُلُوا مِنْ بَقْلِ الْبَرِيَّةِ وَانْجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِسَلامٍ قَالَ شَرِيكٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُلَيْمَانَ فَزَادَنِي وَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ الْقَرَاحِ
حكمــــــة
عَن مصعب بن سعد أن حفصة قالت لعمر ألا تلبس ثوبا لينا ألين من ثوبك وتأكل طعاما أطيب من طعامك هذا فقد فتح الله عليك الأرض وأوسع عليك من الرزق قَالَ سأخصمك إلى نفسك. فذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وما كان يلقى من شدة العيش ولم يزل يذكر حتى بكت ثم قَالَ عُمَر لأشركنهما في مثل عيشهما الشديد لعلي أدرك معهما مثل عيشهما الرخي
حكمــــــة
عَن أسلم مولى عُمَر قَالَ قدم عليه معاوية بن أبي سفيان وهو أبيض وأبض الناس وأجملهم فخرج إلى الحج مع عُمَر بن الخطاب فكان عُمَر بن الخطاب ينظر إليه فيعجب له ثم يضع أصبعه على متنه ثم يرفعها عَن مثل الشراك فيقول بخ بخ نحن إذا خير الناس إن جمع لنا خير الدنيا والآخرة فقال معاوية يا أمير المؤمنين سأحدثك إنا بأرض الحمامات والريف فقال عُمَر سأحدثك ما بك إلطافك نفسك بأطيب الطعام وتصبحك حتى تضرب الشمس متنك وذوو الحاجات وراء الباب قَالَ فلما جئنا ذا طوى أخرج معاوية حلة فلبسها فوجد عُمَر منها ريحا كأنه ريح طيب فقال يعمد أحدكم فيخرج حاجا تفلا حتى إذا جاء أعظم بلدان الله حرمه أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما فقال معاوية إنما لبستهما لأن أدخل فيهما على عشيرتي أو قومي والله لقد بلغني أذاك ههنا وبالشام والله يعلم لقد عرفت الحياء فيه ونزع معاوية الثوبين ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما
حكمــــــة
عَن نافع قَالَ سَمِعْتُ ابن عُمَر يحدث سَعِيد بن جبير قَالَ بلغ عُمَر بن الخطاب أن يزيد بن أبي سفيان يأكل ألوان الطعام فقال عُمَر لمولى له يقال له يرفأ إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني فلما حضر عشاؤه أعلمه فأتى عُمَر فسلم واستأذن فأذن له فدخل فقرب عشاءه فجاء بثريدة لحم فأكل عُمَر معه منها ثم قرب شواء فبسط يزيد يده فكف عُمَر ثم قَالَ عُمَر والله يا يزيد بن أبي سفيان أطعام بعد طعام والذي نفس عُمَر بيده لئن خالفتم عَن سنتهم ليخالفن بكم عَن طريقتهم.
حكمــــــة
عَن جرير بن حازم قَالَ سَمِعْتُ الحسن يقول قدم على أمير المؤمنين عُمَر وفد من أهل البصرة مع أبي موسى الأشعري قَالَ فكنا ندخل عليه وله كل يوم خبز يلت وربما وافيناه ما دوم بسمن وأحيانا بزيت وأحيانا باللبن وربما وافقنا القدائد اليابسة قد دقت ثم أغلي بماء وربما وافقنا اللحم الغريض وهو قليل فقال لنا يوما إني والله لقد أرى تعذيركم وكراهيتكم طعامي وإني والله لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقكم عيشا أما والله ما أجهل عَن كراكر وأسنمة وعن صلاء وعن صلائق وصناب - قَالَ جرير الصلاء الشواء والصناب الخردل والصلائق الخبز الرقاق - ولكني سمعت الله تعالى عير قوما بأمر فعلوه فقال أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا قَالَ فكلمنا أبو موسى الأشعري فقال لو كلمتم أمير المؤمنين ففرض لكم من بيت المال طعاما تأكلونه قَالَ فكلمناه فقال يا معشر الأمراء أما ترضون لأنفسكم ما أرضى لنفسي قَالَ فقلنا يا أمير المؤمنين إن المدينة أرض العيش بها شديد ولا نرى طعامك يغشى ولا يؤكل وإنا بأرض ذات ريف وإن أميرنا يغشى وإن طعامه يؤكل قَالَ فنكس عُمَر ساعة ثم رفع رأسه فقال قد فرضت لكم من بيت المال شاتين وجريبين فإذا كان بالغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين فكل أنت وأصحابك ثم ادع بشراب فاشرب - قَالَ ابن صاعد يعني الشراب الحلال - ثم اسق الذي عَن يمينك ثم الذي يليه ثم قم لحاجتك فإذا كان بالعشي فضع الشاة الغابرة على الجريب الغابر فكل أنت وأصحابك ألا وأشبعوا الناس في بيوتهم وأطعموا عيالهم فإن تجفينكم للناس لاَ يحسن أخلاقهم ولا يشبع جائعهم والله مع ذلك ما أظن رستاقا يؤخذ منه كل يوم شاتان وجريبان إلاَّ يسرع ذلك في خرابه
حكمــــــة
عَن أيوب الطائي عَن قيس بن مسلم عَن طارق بن شهاب قَالَ لما قدم عُمَر أرض الشام أتي ببرذون فركبه فهزه فكرهه فنزل عنه وركب بعيره فعرضت له مخاضة فنزل عَن بعيره ونزع موقيه فأخذهما بيده وخاض الماء وهو ممسك بعيره بخطامه - أو قَالَ بزمامه - فقال له أبو عبيدة بن الجراح لقد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض قَالَ فصك في صدره ثم قَالَ أوه - يمد بها صوته - لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة إنكم كنتم أذل الناس وأقل الناس وأحقر الناس فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله
حكمــــــة
عَن هشام بن عروة عَنْ أَبِيهِ قَالَ قدم عُمَر بن الخطاب الشام فتلقاه أمراء الأجناد وعظماء أهل الأرض فقال عُمَر أين أخي قالوا من قَالَ أبو عبيدة قالوا يأتيك الآن قَالَ فجاء على ناقة مخطومة بحبل فسلم عليه وسأله ثم قَالَ للناس انصرفوا عنا فسار معه حتى أتى منزله فنزل عليه فلم ير في بيته إلاَّ سيفه وترسه ورحله فقال له عُمَر بن الخطاب لو اتخذت متاعا - أو قَالَ شيئا - قَالَ أبو عبيدة يا أمير المؤمنين إن هذا سيبلغنا المقيل
حكمــــــة
عَن هشام بن عروة عَنْ أَبِيهِ عَن عامل لعمر كان على أذرعات قَالَ قدم علينا عُمَر بن الخطاب وإذا عليه قميص من كرابيس فأعطانيه فقال اغسله وارقعه قَالَ فغسلته ورقعته ثم قطعت عليه قميصا فأتيته بهما فقلت هذا قميصك وهذا قميص قطعته عليه لتلبسه فمسه فوجده لينا فقال لاَ حاجة لنا فيه هذا أنشف للعرق منه
حكمــــــة
عَن يحيى بن أبي كثير عَن رجل من أهل الشام أنه دخل على أبي ذر وهو يوقد تحت قدر له من حطب قد أصابه مطر ودموعه تسيل فقالت له امرأته لقد كان لك من هذا مندوحة ولو شئت لكفيت فقال فأنا أبو ذر وهذا عيشي فإن رضيت وإلا فتحت كنف الله قَالَ فكأنما ألقمها حجرا حتى إذا أنضج ما في قدره جاء بصحفة فكسر فيها خبزا له غليظا ثم جاء بالذي كان في القدر فكدره عليه ثم جاء به إلى امرأته ثم قَالَ ادن فأكلنا جميعا ثم أمر جاريته أن تسقينا فسقتنا مذقة من لبن معزاه فقلت يا أبا ذر لو اتخذت في بيتك عيشا فقال عباد الله أتريدون من الحساب أكثر من هذا أليس هذا مثالا نرقد عليه وعباءة نبسطها وكساء نلبسه وبرمة نطبخ فيها وصحفة نأكل منها وبطة فيها زيت وغرارة فيها دقيق أتريد لي من الحساب أكثر من هذا قلت فإن عطاءك أربع مِئَة دينار وأنت في شرف من العطاء فأين يذهب عطاؤك فقال أما أني لن أعمي عليك لي بهذه القرية - وأشار إلى قرية بالشام - ثلاثون فرسا فإذا خرج عطائي اشتريت لهم علفا وأرزاقا لمن يقوم عليها ونفقة لأهلي فإن بقي منه شيء اشتريت به فلوسا فجعلت عند نبطي ههنا فإن احتاج أهلي إلى لحم أخذوا منه وإن احتاجوا إلى شيء أخذوا منه ثم أحمل عليها في سبيل الله ليس عند آل أبي ذر دينار ولا درهم
حكمــــــة
عَن حمزة بن عَبد الله بن عُمَر قَالَ لو أن طعاما كثيرا كان عند عَبد الله بن عُمَر ما شبع منه بعد أن يجد له آكلا قَالَ فدخل عليه ابن مطيع يعوده فرآه قد نحل جسمه فقال لصفية بنت أبي عُبَيد امرأته ألا تلطفينه لعله يرتد إليه جسمه وتصنعين له طعاما قالت إنا لنفعل ولكنه لاَ يدع أحدا من أهله ولا ممن بحضرته إلاَّ دعاه عليه فكلم أنت في ذلك فقال له ابن مطيع يا أبا عَبد الرحمن لو أكلت فيرجع إليك جسمك فقال إنه ليأتي علي ثماني سنين ما أشبع فيها شبعة واحدة - أو إلاَّ شبعة واحدة - فالآن تريد أن أشبع حين لم يبق من عمري إلاَّ ظمء حمار
حكمــــــة
عَن مُحَمد بن عَبد الرحمن بن نوفل الأسدي أن صفية بنت أبي عُبَيد قالت ما رأيته شبع فأقول قد شبع - تعني ابن عُمَر - فلما رأيته ذلك وكان له يتيمان صنعت له شيئا فدعاهما فأكلا معه فلما ناما جئته بشيء فقال ادع فلانة قلت قد ناما وقد أشبعتهما قَالَ فادعي لي بعض أهل الصفة فدعي له مساكين فأكلوا معه
حكمــــــة
عَن عَبد العزيز بن أبي رواد أن ابن عُمَر رضي الله عنه كان في مسير فنزل منزلا ولم يجئ ثقله فلما رأته الرفاق أرسلوا إليه من طعامهم فقعد ابن عُمَر وأصحابه قَالَ وجاءه المساكين فنظر ابن عُمَر إلى أفضل شيء بحضرته من الطعام فإذا قصعة فيها ثريد فرفعها ليناولهم فأخذ ابن له القصعة فقال هذا أفضل طعامك فدعه لنا وههنا من الطعام ما نطعم قَالَ فتنازع القصعة بينهما فقال ابن عُمَر إنما أجاحش بها عَن رقبتي
حكمــــــة
عَن أبي بكر بن حفص قَالَ كان ابن عُمَر لاَ يحبس عَن طعامه بين مكة والمدينة مجذوما ولا أبرص ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته فبينما هو يوما قاعد على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة فسلما فرحبوا بهما وحيوهما وأوسعوا لهما فضحك عَبد الله بن عُمَر فأنكر الموليان ضحكه فقالا يا أبا عَبد الرحمن ضحكت أضحك الله سنك فما أضحكك قَالَ عجبا من بني هؤلاء يجيء هؤلاء الذين تدمي أفواههم من الجوع فيضيقون عليهم ويتأذون بهم حتى لو أن لأحدهم أن يأخذ مكان اثنين فعل تأذيا بهم وتضييقا عليهم وجئتما أنتما قد أوفرتما الزاد فأوسعوا لكما وحيوكما يطعمون طعامهم من لاَ يريده ويمنعونه ممن يريده
حكمــــــة
عَنْ إبراهيم بن نشيط الوعلاني قَالَ حدثني رجل قَالَ دخل رجلان على عَبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي - صاحب النبي صلى الله عليه وسلم - فقال مرحبا بكما فنزع وسادة كان متكئا عليها فألقاها إليهما فقالا لاَ نريد هذا إنما جئنا نسمع شيئا ننتفع به قَالَ إنه من لم يكرم ضيفه فليس من مُحَمد ولا إبراهيم صلوات الله عليه طوبى لعبد أمسى متعلقا برسن فرسه في سبيل الله أفطر على كسرة وماء بارد ويل للواثين الذين يلوثون مثل البقر ارفع يا غلام ضع يا غلام في ذلك لاَ يذكرون الله تعالى
حكمــــــة
عَن عطاء الخراساني قَالَ مر نبي من الأنبياء بساحل فإذا هو برجل يصطاد حيتانا فقال بسم الله وألقى شبكته فلم يخرج فيها حوت واحد ثم مر بآخر فقال بسم الشيطان فخرج فيها من الحيتان حتى جعل الرجل يتقاعس من كثرتها فقال أي رب هذا الذي دعاك ولم يشرك بك شيئا ابتليته بأن لم يخرج في شبكته شيء وهذا الذي دعا غيرك ابتليته وخرج في شبكته ما جعل الرجل يتقاعس تقاعسا من كثرتها وقد علمت أن كل ذلك بيدك فأنى هذا قَالَ اكشفوا لعبديا عَن منزلهما فلما رأى ما أعد الله لهذا من الكرامة وما أعد الله لهذا من الهوان قَالَ رضيت يا ربي
حكمــــــة
عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ أُرَاهُ ذَكَرَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ يُؤْتَى بِأَنْعَمِ بأَهْلِ الدُّنْيَا مِنَ الْكُفَّارِ فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ نَعِيمًا قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ الْمُؤْمِنِينَ ضُرًّا فَيَقُولُ اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ ضُرًّا قَطُّ أَوْ مَسَّكَ بَلاءٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ
حكمــــــة
عَن إبراهيم المكي عَن وهب بن منبه قَالَ إني لأجد فيما أنزل الله في الكتاب إن الله يقول لاَ تعجبن برحب اليدين يسفك الدماء وإن له عند الله قاتلا لاَ يموت ولا تعجبن بامرئ أصاب مالا من غير حله فإن ما أنفق منه لم يبارك له فيه وما تصدق منه لم يتقبل الله منه وجعله زاده إلى النار ولا تعجبن لصاحب نعمة بنعمته فإنك لاَ تدري إلى ما يصير بعد الموت
حكمــــــة
عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ أَدْرَكَ سَلْمَانَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى سَلْمَانَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَبَكَى فَقُلْنَا مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَبْكِي صَبَابَةً إِلَيْكُمْ وَلا ضِنًّا بِصُحْبَتِكُمْ وَلَكِنْ أَبْكِي لَعَهْدٍ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ نَأْخُذْ بِهِ قَالَ لِيَكُنْ بَلاغُكُمْ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ فَلَمْ نَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى جَمَعَنَا مَا تَرَوْنَ قَالَ فَقَلَّبْنَا أَبْصَارَنَا فِي الْبَيْتِ فَلَمْ نَرَ إِلا إِكَافًا وَقُرْطَاطًا وَالْقُرْطَاطُ الْبَرْذَعَةُ الَّتِي يَكُونُ تَحْتَ الأكَافِ
حكمــــــة
عَن أبي عطية قَالَ دخلت أنا ومسروق على عائشة فقال مسروق قَالَ عَبد الله بن مَسْعود من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقالت عائشة يرحم الله أبا عَبد الرحمن حدث بأول الحديث ولم تسألوه عَن آخره إن الله إذا أراد بعبد خيرا قيض له قبل موته بعام ملكا فسدده ووفقه حتى يقول الناس مات فلان خير ما كان وإذا حضر ورأى ثوابه من الجنة تهوع بنفسه - أو قَالَ تهوعت نفسه - فذاك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه فإذا أراد الله بعبد شرا قيض له قبل موته بعام شيطانا فافتتنه حتى يقول الناس مات فلان شر ما كان فإذا حضر ورأى ما ينزل عليه من العذاب تبلغ نفسه فذاك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه
حكمــــــة
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُه يقول عاش الناس برهة من دهرهم وإن الرجل ليعظم غيبة - أو قَالَ عيبة أخيه شك ابن صاعد - ودرهمه وسوطه أن يجده ملقى في الطريق حتى يردها عليه فبينما هم كذلك إذ طعن الشيطان طعنة فنفرت القلوب فصارت وحشا فإذا هو يستحل دمه وماله وهو بالأمس يحرم غيبته - أو قَالَ عيبته - وديناره ودرهمه
حكمــــــة
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ جَلَسْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي الْحِجْرِ فَذَكَرَ حَدِيثًا ثُمَّ قَالَ ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُكَاءً فَتَبَاكَوْا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ الْعِلْمَ لَصَرَخَ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَنْقَطِعَ صَوْتُهُ وَصَلَّى حَتَّى يَنْكَسِرَ صُلْبُهُ
حكمــــــة
عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِلافٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لاَ يَغُرَّنَّكُمْ صَلاةُ امْرِئٍ وَلا صِيَامُهُ وَلَكِنِ انْظُرُوا مَنْ إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ أَدَّى وَإِذَا أَشْفَى وَرَعَ
حكمــــــة
عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ قَالَ حَمَّادٌ وَلا أَعْلَمُهُ إِلا رَفَعَهُ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ كَفَرَتْ جَوَارِحُهُ لِلِسَانِهِ فَقَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّكَ إِذَا اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا