متفرقات
حكمــــــة
قال ابن رجب (كان السَّلف يخافون عَلى عطاء السلمي من شدة خوفه الَّذِي أنساه القرآن، وصيره صاحب فراش، وهذا لأنّ خوف العقاب ليس مقصودًا لذاته، إنَّما هو سوط يساق به المتواني عن الطاعة إليها، ومن هنا كانت النار من جملة نعم الله عَلى عباده الذين خافوه واتقوه، ولهذا المعنى عدها سبحانه من جملة آلائه عَلى الثقلين في سورة الرحمن.) مجموع الرسائل ١١٢/٤
حكمــــــة
وقال ابن القيم: وعن الأوزاعي، قال: (كان السلفُ إذا صَدَعَ الفجر أو قبله كأنّما على رؤوسهم الطَّيْرُ، مُقْبِلين على أنفسهم، حتّى لو أنّ حبيبًا لأحدهم غاب عنه حينًا ثُمَّ قَدِمَ؛ لَما التفتَ إليه. فلا يزالون كذلك إلى طلوعِ الشمس، ثُمَّ يقوم بعضهم إلى بعفبى فَيَتَحلَّقُونَ، فأوَّلُ ما يُفِيضُون فيه أمرُ مَعادِهم، وما هم صائرون إليه، ثُمَّ يأخذون في الفقه) التبيان في أيمان القرآن ٦٤٢/١
حكمــــــة
قال ابن رجب:
والسُّنة: هي الطريقة المسلوكةُ، فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الرّاشدونَ مِنَ الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنةُ الكاملةُ، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنَّةِ إلا على ما يشمل ذلك كلَّه، ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفُضيل بن عياض.
جامع العلوم ٧٧٣/٢
حكمــــــة
قال ابن رجب:
وكان يقال: (من أمر أخاه على رؤوس الملأ فقد عيَّره) أو بهذا المعنى .
(وكان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذا الوجه ويحبون أن يكون سرًا فيما بين الآمر والمأمور فإن هذا من علامات النصح فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها. وأما إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله)
الفرق بين النصيحة والتعيير ١٧
حكمــــــة
قال ابن رجب :
وقد كانَ السلف الصالح ينجلي الغيب لقلوبهم فِي الصلاة ، حَتّى كأنهم ينظرون إليها رأى عين ، فمن كانَ يغلب عَلِيهِ الخوف والخشية ظهر لقلبه فِي الصلاة صفات الجلال من القهر والبطش والعقاب والانتقام ونحو ذَلِكَ، فيشهد النار ومتعلقاتها وموقف القيامة، كما كانَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز - صاحب الأوزاعي - يَقُول: ما دخلت فِي الصلاة قط إلا مثلت لِي جهنم.
ومن كانَ يغلب عَلِيهِ المحبة والرجاء، فإنه مستغرق فِي مطالعة صفات الجلال والكمال والرأفة والرحمة والود واللطف ونحو ذَلِكَ، فيشهد الجنة ومتعلقاتها، وربما شهد يوم المزيد وتقريب المحبين فِيهِ . \
الفتح ٤٣٦/٦
حكمــــــة
قال ابن رجب:
وقد كانَ السلفُ الصالحُ يُحذِّرون منهمُ-يقصد أصحاب الأغاني -ويفسِّقون من جرَّدَ، وأعرضَ عن الخشيةِ إلى الزندقةِ.
فإنّ أكثرَ ما جاءتْ به الرّسُلُ، وذكرَ في الكتابِ والسنةِ: هو خشيةُ
اللَّهِ وإجلالِهِ وتعظيمِهِ، وتعظيم حرماتِهِ وشعائِرهِ، وطاعتِهِ.
والأغاني لا تحرّكُ شيئا من ذلكَ، بلْ تُحدِثُ ضدَّهُ من الرعُونَةِ والانبساطِ .
التفسير ٣٨٤/٢
حكمــــــة
قال ابن القيم:
وكان السلف يُسَمُّون أهل الآراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسولُ في مسائل العلم الخَبَرِيَّة، ومسائل الأحكام العمَلية، يسمونهم أهل الشبهات والأهواء، لأن الرأي المخالف للسنة جهلٌ لا علم، وهَوًى لا دينٌ، فصاحبه ممن اتَّبعَ هواه بغير هُدًى من الله، واتَّبع هواه بغير علم، وغايتُه الضلالُ في الدنيا والشقاء في الآخرة .
إغاثة اللهفان ٨٦٢/٢
حكمــــــة
قال ابن القيم:
وفَصْلُ النِّزاعِ، أنْ يُقالَ: التَّطْرِيبُ والتَّغَنِّي عَلى وجْهَيْنِ، أحَدُهُما: ما اقْتَضَتْهُ الطَّبِيعَةُ وسَمَحَتْ بِهِ مِن غَيْرِ تَكَلُّفٍ ولا تَمْرِينٍ ولا تَعْلِيمٍ، بَلْ إذا خُلِّيَ وطَبْعَهُ، واسْتَرْسَلَتْ طَبِيعَتُهُ جاءَتْ بِذَلِكَ التَّطْرِيبِ والتَّلْحِينِ فَذَلِكَ جائِزٌ، وإنْ أعانَ طَبِيعَتَهُ بِفَضْلِ تَزْيِينٍ وتَحْسِينٍ كَما قالَ أبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ لِلنَّبِيِّ ﷺ («لَوْ عَلِمْتُ أنَّكَ تَسْمَعُ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا») والحَزِينُ ومَن هاجَهُ الطَّرَبُ والحُبُّ والشَّوْقُ لا يَمْلِكُ مِن نَفْسِهِ دَفْعَ التَّحْزِينِ والتَّطْرِيبِ فِي القِراءَةِ، ولَكِنَّ النُّفُوسَ تَقْبَلُهُ وتَسْتَحْلِيهِ لِمُوافَقَتِهِ الطَّبْعَ، وعَدَمِ التَّكَلُّفِ والتَّصَنُّعِ فِيهِ فَهُوَ مَطْبُوعٌ لا مُتَطَبَّعٌ، وكَلَفٌ لا مُتَكَلَّفٌ، فَهَذا هُوَ الَّذِي كانَ السَّلَفُ يَفْعَلُونَهُ ويَسْتَمِعُونَهُ، وهُوَ التَّغَنِّي المَمْدُوحُ المَحْمُودُ، وهُوَ الَّذِي يَتَأثَّرُ بِهِ التّالِي والسّامِعُ، وعَلى هَذا الوَجْهِ تُحْمَلُ أدِلَّةُ أرْبابِ هَذا القَوْلِ كُلُّها.
الوَجْهُ الثّانِي: ما كانَ مِن ذَلِكَ صِناعَةً مِنَ الصَّنائِعِ، ولَيْسَ فِي الطَّبْعِ السَّماحَةُ بِهِ، بَلْ لا يَحْصُلُ إلّا بِتَكَلُّفٍ وتَصَنُّعٍ وتَمَرُّنٍ، كَما يُتَعَلَّمُ أصْواتُ الغِناءِ بِأنْواعِ الألْحانِ البَسِيطَةِ، والمُرَكَّبَةِ عَلى إيقاعاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وأوْزانٍ مُخْتَرَعَةٍ، لا تَحْصُلُ إلّا بِالتَّعَلُّمِ والتَّكَلُّفِ، فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي كَرِهَها السَّلَفُ وعابُوها وذَمُّوها ومَنَعُوا القِراءَةَ بِها وأنْكَرُوا عَلى مَن قَرَأ بِها .
زاد المعاد ٤٧٤/١
حكمــــــة
قال ابن رجب:
ومن هنا كانَ السلف الصالحُ يكرهونَ الشُّهرةَ غايةَ الكَراهةِ، منهُم: أيوبُ والنخعيُّ وسفيانُ وأحمدُ وغيرُهم من العلماءِ الربّانيينَ، وكذلك الفُضَيلُ وداود الطّائيُّ وغيرُهما من الزُّهّادِ والعارفينَ، وكانوا يذُمُّونَ أنفسهُم غايةَ الذمِّ ويسترون أعمالهُم غايةَ السَّترِ.
مجموع الرسائل ٨٧/١
حكمــــــة
قال ابن القيم:
وكانَ السَّلَفُ مِن الصَّحابَةِ والتّابِعِينَ يَكْرَهُونَ التَّسَرُّعَ فِي الفَتْوى، ويَوَدُّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمْ أنْ يَكْفِيَهُ إيّاها غَيْرُهُ: فَإذا رَأى أنها قَدْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بَذَلَ اجْتِهادَهُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِها مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ أوْ قَوْلِ الخُلَفاءِ الرّاشِدِينَ ثُمَّ أفْتى.
إعلام الموقعين ٢٧/١
حكمــــــة
قال ابن رجب:
وكان بعضُ السَّلف يقصِدُ السُّوق ليذكر الله فيها بين أهل الغفلة.
والتقى رجلان منهم في السوق، فقال أحدهما لصاحبه: تعالَ حتّى نذكر الله في غفلة الناس، فخلَوا في موضع، فذكرا الله، ثم تفرَّقا، ثم ماتَ أحدهما، فلقيه الآخر في منامه، فقال له: أشعرت أنّ الله غفر لنا عشية التقينا في السُّوق.
جامع العلوم والحكم ١٢٩٨/٣
حكمــــــة
قال ابن القيم :
وقد كان السَّلفُ الطَّيِّبُ يشتدُّ نكيرُهم وغضبُهم على مَن عارض حديثَ رسول اللَّه -ﷺ- برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يضرب له الأمثال، ولا يسوِّغون غير الانقياد له والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان .
إعلام الموقعين ٦٩/١
حكمــــــة
قال ابن رجب:
وقد كان بعضُ السَّلف يَستَحِبُّ أنْ يُجْهَدَ عند الموت، كما قال عمر بن عبد العزيز: ما أحبُّ أنْ تُهَوَّنَ عليَّ سكراتُ الموت، إنّه لآخر ما يُكفر به عن المؤمن. وقال النَّخعي: كانوا يستحبون أنْ يجهدوا عند الموت.
وكان بعضهم يخشى من تشديد الموت أنْ يُفتن، وإذا أراد الله أنْ يهوِّن على العبد الموت هوَّنه عليه .
جامع العلوم والحكم ١١٠١/٣
حكمــــــة
قال ابن رجب :
وأكْثَرُ مَن كانَ مُجابَ الدَّعْوَةِ مِنَ السَّلَفِ كانَ يَصْبِرُ عَلى البَلاءِ، ويَخْتارُ ثَوابَهُ، ولا يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِالفَرَجِ مِنهُ. وقَدْ رُوِيَ أنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وقّاصٍ كانَ يَدْعُو لِلنّاسِ لِمَعْرِفَتِهِمْ لَهُ بِإجابَةِ دَعْوَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لِبَصَرِكَ، وكانَ قَدْ أُضِرَّ، فَقالَ: قَضاءُ اللَّهِ أحَبُّ إلَيَّ مِن بَصَرِي.
جامع العلوم والحكم ٣٥٤/٢
حكمــــــة
-قال ابن رجب :
كان بعضُ السلفِ الصالحينَ كثيرُ التعبدِ، فبكى شوقًا إلى اللهِ ستينَ سنةً فرأى في منامهِ كأنّهُ على ضفةِ نهر يجرِي بالمسكِ حافتاهُ شجرُ لؤلؤ،ونبتٌ من قضبانِ الذهبِ، فإذا بجوارٍ مُزَيَّناتٍ يقلنَ بصوتٍ واحد:
سبحانَ المسبَّح بكل لسانٍ سبحانَهُ. سبحان الموحَّدِ بكل مكانٍ سبحانه. سبحان الدائم في كلِّ الأزمانِ سبحانه. فقال لهنَّ: ما تصنعن ههنا؟
فقلن:
برانا إلهُ الناسِ ربّ محمدٍ… لقومٍ على الأقدامِ بالليلِ قوَّمُ
يناجونَ ربَّ العالمينَ إلههم… وتسري همومُ القومِ والناسُ نوَّمُ
فقال: بَخ بَخ لهؤلاءِ، من هم، لقد أقر اللَّهُ أعينهُم بكنَّ؟
فقلنَ: أو ما - تعرفَهم؟
قالَ: لا، فقلنَ: بلى هؤلاءِ المتهجدونَ أصحابُ القرآنِ والسهرِ.
وكان بعضُ الصالحينَ ربما نامَ في تهجدهِ، فتوقظُه الحوراءُ في منامِهِ
فيستيقظُ بإيقاظها .
التفسير ١٨٥/٢
حكمــــــة
قال ابن القيم:
فكما يحبُّ أن يستغفر له أخوه المسلم، كذلك هو أيضًا ينبغي أن يستغفر لأخيه المسلم، فيصير هِجِّيراه: «ربِّ اغفر لي ولوالديَّ وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات.
وقد كان بعضُ السَّلف يستحبُّ لكلِّ أحدٍ أن يداوم على هذا الدُّعاء كلَّ يومٍ سبعين مرَّة، فيجعل له منه وِرْدًا لا يُخِلُّ به. سمعتُ شيخنا يذكُره، وذكَر فيه فضلًا عظيمًا لا أحفظُه .
مفتاح دار السعادة ٨٤٤/٢
حكمــــــة
قال ابن رجب :
واعلم أن علم الحلال والحرام علم شريف، ومنه ما تَعَلَّمُهُ فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية.وقد نص العلماء على أن تَعَلَّمُهُ أفضل من نوافل العبادات، منهم أحمد وإسحاق. وكان أئمة السلف يتوقون الكلام فيه تورعًا؛ لأنّ المتكلم فيه مخبر عن الله بأمره ونهيه، مبلغ عنه شرعه ودينه.
وكان ابن سيرين إَذا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الحَلاَلِ والحَرامِ تَغَيَّر لَوْنُهُ وتَبَدَّلَ، حَتّى كَأنَّهُ لَيْسَ بالَّذِي كانَ.
مجموع الرسائل ٢٣/١
حكمــــــة
قال ابن القيم:
ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ»: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: («مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، طَعْمُها طَيِّبٌ، ورِيحُها طَيِّبٌ»
فِي الأُتْرُجِّ مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وذكر منافعه ثم قال: وحَقِيقٌ بِشَيْءٍ هَذِهِ مَنافِعُهُ أنْ يُشَبَّهَ بِهِ خُلاصَةُ الوُجُودِ، وهُوَ المُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وكانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحِبُّ النَّظَرَ إلَيْهِ لِما فِي مَنظَرِهِ مِنَ التَّفْرِيحِ .
زاد المعاد ٢٦١/٤
حكمــــــة
قال ابن رجب :
ومِن هُنا كانَ يَشْتَدُّ خَوْفُ السَّلَفِ مِن سُوءِ الخَواتِيمِ، ومِنهُمْ مَن كانَ يَقْلَقُ مِن ذِكْرِ السَّوابِقِ. وقَدْ قِيلَ: إنَّ قُلُوبَ الأبْرارِ مُعَلَّقَةٌ بِالخَواتِيمِ، يَقُولُونَ: بِماذا يُخْتَمُ لَنا؟ وقُلُوبُ المُقَرَّبِينَ مُعَلَّقَةٌ بِالسَّوابِقِ، يَقُولُونَ: ماذا سَبَقَ لَنا .
جامع العلوم والحكم ١٧٣/١
حكمــــــة
قال ابن رجب:
ومتى كان العبدُ مشتغلًا بطاعةِ اللَّهِ فإنّ اللَّهَ تعالى يحفظُه في تلكَ الحالِ.
وكان شيبان الراعِي يرعى غنمًا، فإذا جاءتِ الجمعةُ خطَّ عليها خطًا
وذهبَ إلى الجمعةِ ثم يرجعُ وهي كما تركها.
وكان بعضُ السلفِ بيدهِ الميزانُ يزنُ بها دراهِم فسمعَ الأذانَ فنهضَ ونفضَها .
التفسير ٥٧٧/١
حكمــــــة
قال ابن القيم:
وكانَ لِبَعْضِ السَّلَفِ حُلَّةٌ بِمَبْلَغٍ عَظِيمٍ مِنَ المالِ. وكانَ يَلْبَسُها وقْتَ الصَّلاةِ. ويَقُولُ: رَبِّي أحَقُّ مَن تَجَمَّلْتُ لَهُ فِي صَلاتِي.
ومَعْلُومٌ: أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى يُحِبُّ أنْ يَرى أثَرَ نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ. لاسِيَّما إذاوقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَأحْسَنُ ما وقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَلابِسِهِ ونِعْمَتِهِ الَّتِي ألْبَسَهُ إيّاها ظاهِرًا وباطِنًا .
مدارج السالكين ٣٦٣/٢
حكمــــــة
قال ابن رجب :
كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون،كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على
طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائما ولم يأكل شيئا
.
لطائف المعارف ١٦٨
حكمــــــة
قال ابن رجب:
ومِن هُنا كانَ بَعْضُ السَّلَفِ كَسُلَيْمانَ التَّيْمِيِّ يَرَوْنَ أنَّهُ لا يَحْسُنُ أنْ يُعْصى اللَّهُ. ووَصَّتِ امْرَأةٌ مِنَ السَّلَفِ أوْلادَها، فَقالَتْ لَهُمْ: تَعَوَّدُوا حُبَّ اللَّهِ وطاعَتَهُ، فَإنَّ المُتَّقِينَ ألِفُوا الطّاعَةَ، فاسْتَوْحَشَتْ جَوارِحُهُمْ مِن غَيْرِها، فَإنْ عَرَضَ لَهُمُ المَلْعُونُ بِمَعْصِيَةٍ، مَرَّتِ المَعْصِيَةُ بِهِمْ مُحْتَشِمَةً، فَهُمْ لَها مُنْكِرُونَ .
جامع العلوم والحكم ٣٤٧/٢
حكمــــــة
قال ابن القيم:
وكانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: ألا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وهُوَ يَزْعُمُ أنَّهُ لَها مُكْرِمٌ، ومُذِلٌّ لِنَفْسِهِ وهُوَ يَزْعُمُ أنَّهُ لَها مُعِزٌّ، ومُصَغِّرٌ لِنَفْسِهِ وهُوَ يَزْعُمُ أنَّهُ لَها مُكَبِّرٌ، ومُضِيعٌ لِنَفْسِهِ وهُوَ يَزْعُمُ أنَّهُ مُراعٍ لِحِفْظِها، وكَفى بِالمَرْءِ جَهْلًا أنْ يَكُونَ مَعَ عَدُوِّهِ عَلى نَفْسِهِ، يَبْلُغُ مِنها بِفِعْلِهِ ما لا يَبْلُغُهُ عَدُوُّهُ، واللَّهُ المُسْتَعانُ.
الجواب الكافي ١٠٣
حكمــــــة
قال ابن رجب :
وكان كثيرٌ منَ السلفِ يَكرهُ أن يُطلَبَ منهُ الدُّعاءُ، ويقولُ لمن يسألهُ الدُّعاء: أمِنِّي أنا؟!)
وها هنا نُكتةٌ دقيقة، وهي أن الإنسانَ قد يذُمُّ نفسهُ يين الناسِ يُريدُ بذلك أن يُرِي أنه مُتواضعٌ عندَ نفسهِ، فيرتفعُ بذلكَ عندَهُم ويمدحُونَهُ بهِ، وهذا من دَقائقِ أبوابِ الرِّياءِ وقد نَبَّه عليهِ السلفُ الصالحُ.
مجموع الرسائل ٨٨/١
حكمــــــة
قال ابن رجب:
وقد كان كثير من السلف يكتم حاجته ويظهر الغنى تعففًا وتكرمًا، منهم: إبراهيم النخعي كان يلبس ثيابًا حسناء، ويخرج إلى الناس وهم يرون أنه تحل له الميتة من الحاجة.
وكان بعض الصالحين يلبس الثياب الجميلة وفي كمه مفتاح دار كبيرة ولا مأوى له إلا المساجد، وكان آخر لا يلبس جبة في الشتاء لفقره، ويقول: بي علة تمنعني من لبس المحشو. وإنما يعني به الفقر
اختيار الأولى ١٠٧
حكمــــــة
قال ابن القيم:
وكانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ عِنْدَ الإفْتاءِ: سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلّا ما عَلَّمْتَنا إنّكَ أنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.
وكانَ مَكْحُولٌ يَقُولُ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاَللَّهِ، وكانَ مالِكٌ يَقُولُ: ما شاءَ اللَّهُ، لا قُوَّةَ إلّا بِاَللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، وكانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه ٢٥] ﴿ويَسِّرْ لِي أمْرِي﴾ [طه ٢٦] ﴿واحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسانِي﴾ [طه ٢٧] ﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه ٢٨] وكانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ وفِّقْنِي واهْدِنِي وسَدِّدْنِي واجْمَعْ لِي بَيْنَ الصَّوابِ والثَّوابِ وأعِذْنِي مِن الخَطَأِ والحِرْمانِ.
وكانَ بَعْضُهُمْ يَقْرَأُ الفاتِحَةَ، وجَرَّبْنا نَحْنُ ذَلِكَ فَرَأيْناهُ أقْوى أسْبابِ الإصابَةِ .
إعلام الموقعين ١٩٨/٤
حكمــــــة
قال ابن القيم:
والسلف الصالح كانوا يجدون الأذواق الصحيحة المتصلة بالله في الأعمال الصحيحة المشروعة، وفي قراءة كتاب الله وتدبره واستماعه، وفي مزاحمة العلماء بالركب، وفي الجهاد في سبيل الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الحب في الله والبغض فيه، وتوابع ذلك .
الكلام على مسألة السماع ٧٩
حكمــــــة
قال ابن رجب:
كان بعض التابعين إذا جلس إلَيْهِ أكثر من ثلاثة أنفس قام خوف الشهرة.
وكان علقمة يكثر الجلوس في بيته فقِيلَ لَهُ: ألا تخرج فتحدث الناس.
فَقالَ: أكره أن يوطأ عقبي ويقال: هذا علقمة، هذا علقمة.
كان كثير من الصادقين من السَّلف يجتنب لباس الثياب التي يُظنُّ بأصحابها الخير، إبعادًا لهذا الظن عن أنفسهم. مجموع الرسائل ٧٥٧/٢
حكمــــــة
قال ابن القيم :
وقد كان يُغنِي من كثير من هذا التطويل ثلاثُ كلماتٍ كان يكتب بها بعضُ السلف إلى بعض، فلو نَقَشَها العبدُ في لوح قلبه يقرؤها على عدد الأنفاس لكان ذلك بعض ما يستحقه، وهي: «مَن أصلحَ سَرِيرتَه أصلحَ أللهُ علانيتَه، ومَن أصلح ما بينه وبين الله أصلحَ اللهُ ما بينَه وبينَ الناس، ومَن عَمِلَ لآخرتِه كفاه الله مَؤُونةَ دنياه
.
الرسالة التبوذكية ٩٢
حكمــــــة
قال ابن رجب:
كان كثير من السلف إذا خرجوا من مجلس سماع الذكر خرجوا وعليهم السكينة والوقار فمنهم من كان لا يستطيع أن يأكل طعاما عقب ذلك ..
ومنهم من كان يعمل بمقتضى ما سمعه مدة ..
أفضل الصدقة: تعليم جاهل أو إيقاظ غافل ..
ما وصل المستثقل في نوم الغفلة بأفضل من ضربه بسياط الوعظة ليستيقظ ..
المواعظ كالسياط تقع على نياط القلوب فمن آلمته فصاح فلا جناح ومن زاد ألمه فمات فدمه مباح .
لطائف المعارف ١٦