من أقوال السلف في أهمية السؤال وآدابه
حكمــــــة
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: التفقه في الدين، والسؤال عن العلم إنما يحمد إذا كان للعمل، لا للمراء والجدال.
ولهذا المعنى كان كثير من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك، وكان زيد بن ثابت إذا سئل عن الشيء، يقول: كان هذا؟ فإن قالوا: لا، قال: دعوه حتى يكون.
حكمــــــة
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: السؤال له حدود، ما كل شيء يُسأل عنه، إنما يُسأل عن ما أشكل مما يحتاجه الناس من أمور عباداتهم وأمور معاملتهم، السؤال عن هذا محمود ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:43] أما السؤال عن الأغاليط وعن الأشياء التي لا حاجة للناس بها، وإنما هي من باب التكلف وإشغال الوقت والتضليل والتشويش على الناس، فهذا السؤال محرم يجب الكف عنه وتعزيز من يفعل هذا. كما فعل عمر رضي الله عنه بصَبِيغ الذي كان يسأل عن أشياء من متشابه القرآن، ليس للناس بحاجة إليها، فضربه عمر، وطرده من المدينة.
حكمــــــة
قال العلامة السعدي رحمه الله:
المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر، حتى يفرغ المملي والمعلم من كلامه، المتصل بعضه ببعض، فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال، ولا يبادر إلى السؤال وقطع كلام مُلقى العلم فإنه سبب للحرمان.
لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ المعلم من المسألة، التي شرع فيها، فإذا فرغ منها، سأله عما أشكل عليه، وكذلك إذا كان في أول الكلام ما وجب الرد أو الاستحسان أن لا يبادر برده أو قبوله قبل الفراغ من ذلك الكلام، ليتبين ما فيه من حق أو باطل، وليفهمه فهماً يتمكن فيه من الكلام فيه على وجه الصواب.
حكمــــــة
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: جبريل...سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الحقيقة عالم بالجواب، لكنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ليُعلم أصحابه، وهذا فيه التعليم بطريقة السؤال والجواب، لأنه أنبه للذهن، فتسأل الطالب أولاً ثم تجيب من أجل أن ينتبه، أما إذا ألقيت عليه العلم ابتداءً، فإنه قد لا ينتبه، فمن طُرُق تعليم العلم النافعة السؤال والجواب.
حكمــــــة
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: من عرض له شيء من المسائل، جاء إلى مجالس أهل العلم التي يجلسون فيها للعلم، والفتوى ليسأل عنها، أما الأوقات الأخرى التي ليست من أوقات جلوس العلماء للعلم والفتوى، فإنها خاصة بهم، لا يشرع أن يطلب العلماء فيها، لأن العلماء لهم حوائج خاصة بهم وبأهلهم كغيرهم من الناس، ولذلك لم يؤثر عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يطرقون على النبي صلى الله عليه وسلم في غير أوقات مجلس العلم، ولو كان من أجل مسألة شرعية، وقد عاب الله عز وجل على قوم كانوا يرفعون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج إليهم، وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ﴾ [الحجرات:5]
حكمــــــة
قال الشيخ رحمه الله: هذا الأخ السائل أشكره على هذا السؤال، وأرجو أن يكون السائلون صريحين كهذا الرجل، يعني كون الإنسان مثلًا يستنكر مني أو من غيري شيئًا، ولا سيماء الشيء العام، ويخاطبه بالسؤال عن السبب، هذا طيب، وأنا لست بمعصومٍ، فقد أُخطئُ فينبهني بعض الناس على خطئي. فهذه وجهة النظر حيثُ عدلت إلى قولي: صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
حكمــــــة
قال العلامة السعدي رحمه الله:
-إذا سئل المفتي وكان السائل في حاجة أشد لغير ما سأل عنه، أنه ينبغي أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله، فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته، وحسن إرشاده وتعليمه، فإن يوسف لما سأله الفتيان عن الرؤيا، قدّم لهما قبل تعبيرها، دعوتهما إلى الله وحده لا شريك له.
- ينبغي للمسئول أن يدلّ السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله، ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه، ودنياه، فإن هذا من كمال نصحه، وفطنته، وحسن إرشاده، فإن يوسف عليه السلام لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك. بل دلّهم مع ذلك على ما يصنعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع، وكثرة جبايته.
حكمــــــة
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: إن أجابك الذي سألتَ بما فيه كفاية لك، فاقطع الكلام، فإن لم يُجبك بما فيه كفاية، أو أجابك بما لم تفهم، فقل له: لم أفهم، واستزده، فإن لم يزدك بياناً، وسكت، أو أعاد عليك الكلام الأول ولا مزيد، فامسك عنه، وإلا حصلت على الشر والعداوة ولم تحصل على ما تريده من الزيادة
حكمــــــة
العلماء الربانيين يفرحون بكثرة الأسئلة، فقد أرسل أحد تلاميذ العلامة السعدي رسالة إلى الشيخ، فيها مجموعة من الأسئلة، كرر فيها اعتذارها من كثرة الأسئلة، فأجابه الشيخ برسالة له، قال فيها: أنا مسرور جداً بكثرة أسئلتكم، وممنون منها لأمور:
أولاً: ليس عندي أرغب من البحث في المسائل الدينية، والتعلم والتعليم مشافهه ومكاتبة.
ثانياً: تعرف أن الاشتغال بذلك أفضل الأعمال الصالحة، خصوصاً في هذه الأوقات التي قلً فيها الراغب وكاد العلم أن يضمحل، وهو دعامة الدين وأصل الأمور كلها. ثالثاً: اعلم ن السؤال لمسائل العلم يقع من أحد اثنين:
إما مِن مَن وقعت له حادثة في دينه أو عبادته أو معاملته من عامي أو غيره، وليس له قصد إلا حلُّ ما نزل به، والإفادة عما يعمل به، أو عن ما عمله، هل وقع على الصحة والسداد، أم على ضد ذلك، فهذا إفتاؤه وإفادته من أفضل الأعمال الصالحة، وهي متعينة، ونتيجة ذلك أن يهتدي بحادثته، فقط بالهداية الشرعية، وليس ثم نتيجة فوق ذلك، ونعم النتيجة.
ولكن أكمل من ذلك وأعظم أن يقع السؤال من طالب علم مسترشد يريد الاستفادة بنفسه والنفع لغيره، فهذا جوابه وإفادته أعظم بكثير من الأول، وأكثر فائدة وثمرة، لأنه مع مشاركته الأول في المقصود الذي ذكرنا، يزيد عليه بأنه يتنور فيما أجيب به، ويهتدي بمسألته الخاصة، وينجر إلى غيرها، ويزيد أن قصده الفائدة والإفادة، وأن العلم الذي حصل له يسعى على بقائه في ذهنه، وفي إيصاله إلى من أراد الله تعالى نفعه من جهته.