تعظيم قدر الصلاة - 4
باب ذكر إكفار تارك الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن ابن شهاب، أن سليمان بن يسار أخبره أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ طعن دخل عليه هو وابن عباس رضي الله عنهم فلما أصبح من غد فزعوه فقالوا: الصلاة ففزع فقال: «نعم لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى والجرح يثعب دما».
باب ذكر إكفار تارك الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه، عن أبيه عقيل، عن وهب بن منبه، قال: هذا ما سألت عنه جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما فأخبرني سألته في المصلين من طواغيت؟ قال: لا وسألته: هل فيهم من مشرك؟ قال: لا، وأخبرني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بين الشرك والكفر ترك الصلاة» وسألته: أكانوا يدعون الذنوب شركا؟ قال: معاذ الله ولم يكن يدعون في المصلين مشركا.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن الفيض بن إسحاق، قال: سمعت الفضيل، يقول: إذا خالطت فخالط حسن الخلق فإنه لا يدعو إلا إلى خير ثم قال: {الذين يمشون على الأرض هونا} [الفرقان: 63] قال: بالسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان: 63] قال: إن جهل عليه حلم، وإن أسيء إليه أحسن، وإن حرم أعطى، وإن قطع وصل أولئك ".
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن طفيل بن سخبرة رضي الله عنه أخي عائشة رضي الله عنها لأمها قال: " رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت بها من أخبرت، ثم أخبرت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أخبرت بها أحدا؟» فقلت: نعم رأيت كأنني مررت برهط من اليهود فقلت: من أنتم فقالوا: نحن اليهود، فقلت: أنتم القوم لولا أن تقولوا عزير ابن الله فقالوا: وأنتم القوم لولا أن تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ثم أتيت على رهط من النصارى فقلت: ما أنتم؟ فقالوا: نحن النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولوا: المسيح ابن الله فقالوا: وأنتم القوم لولا أنكم تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر قام خطيبا فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: «[أما بعد] فإن طفيلا رأى رؤية أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد».
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، عن أبيه، عن جده رضي الله، عنه قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها أم ما نذر فقال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» فقلت: يا رسول الله فإذا كان القوم بعضهم مع بعض؟ قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها»، قلت: فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: «فالله أحق أن يستحى من الناس».
[حسنه الترمذى وصححه الحاكم واقره الذهبي وقواه ابن دقيق العيد فى الالمام وخرجه الالبانى فى صحيح الجامع وحسنه].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: فالحياء خير كله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه أمر يدعيه الصادق والكاذب، وأصله فعل من الطبيعة الكريمة غريزة خير يختص الله تعالى به من يشاء من خلقه، ينفع العاصي والمطيع، أما المطيع فقد زال كل خلق دني، وأما الفاسق فلم يجمع مع فسقه تهتكا، وإذا هاج الحياء من المطيع وجد العدو سبيلا إلى الدعاء إلى الرياء فإن أطاعه العبد اعتقد الرياء، واعتل بالحياء وصدق هاجه أولا الحياء، ثم أخطر العدو بالرياء، ولم يفطن له بقلبه فصار مرائيا وقد يهيجه الحياء على أن يريد الله تعالى فيضم الإخلاص إلى الحياء، فإن فعل الفعل للحياء وتركه لغير ذكر إخلاص ولا رياء فهو دين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لم يكن شيء الحياء من الله أولى به فيه».
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: وأما ما يهيج من الحياء عند ذكر دوام النعم وكثرة الإحسان، وتضييع الشكر وذلك موجود في الفطر أن من دام إحسانه إليك وكثرت أياديه عندك وقلت مكافأتك له غضضت طرفك إذا رأيته حياء منه فكيف بمن خلقك ولم تك شيئا، ولم يزل محسنا إليك منذ خلقك يتبغض إليه العبد، ويتهتك فيما بينه وبينه، وهو يستر عليه حتى كأنه لا ذنب له لم يتهاون بنظره، وإن تغير العبد أو لم يتغير فنعم الله تعالى عليه دائمة وإحسانه إليه متواصل، وذلك كله مع تضييع الشكر بل ما رضي بالتقصير عن الشكر حتى نال معاصي ربه بنعمه، واستعان على مخالفته بأياديه فإذا ذكر المستحي دوام النعم، وتضييع الشكر، وكثرة الإساءة مع فقره إلى الله تعالى، وإحسان [ص:845] الله تعالى إليه هاج منه الحياء والحصر من ربه عز وجل حتى كاد أن يذوب حياء منه فإذا هاج ذلك منه استعظم كل نعمة وإن صغرت إذ عرف تضييعه للشكر فيستكثر ويستعظم أقل النعم له إذ علم أنه أهل أن يزال عنه النعم فكيف بأن يدام عليه، ويزداد فيها لأن من أسأت إليه فعلمت أنك قد استأهلت منه الغضب فألطفك لكلمة استكثرتها لعلمك بما قد استوجبت منه من الغضب والعقوبة فإن سأل الله تعالى دوام النعم والزيادة فيها سأله بحياء وانكسار قلب، لولا معرفته بجوده وكرمه وتفضله ما سأله فيكاد أن ينقطع عن الدعاء حياء من الله تعالى ثم يذكر تفضله وجوده وكرمه فيدعوه بقلب منكسر من الحياء خوفا أن لا يجاب ويبعثه ذلك على الشكر لما لزم قلبه الحياء من تضييع الشكر فإذا لزمت هذه الذكور قلبه، وأهجن الحياء منه فاستعملهن كما وصفت لك فقد استحيى من الله تعالى بحقيقة الحياء، وإن كان لا غاية لحقيقة الحياء إذ المستحيى منه لا غاية لعظمته عند المستحيي منه.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
أبو بكر رضي الله عنه حين عوتب في استخلافه عمر رضي الله عنه فقال: هل تخوفوني إلا بالله فإني أقول لربي إذا سألني استخلفت عليهم خير أهلك قال أبو عبد الله: فالمستحي من سؤال الله تعالى غدا يعد الجواب والتطهر من كل ما يكره الله ثم لا يفارقه الحياء مع الطهارة إذ قد علم أنما ترك من الذنوب وتاب منه لن ينجو من الله أو يسأله عنه.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن جعفر بن زيد، أن أباه، أخبره قال: خرجنا في غزوة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم فنزل الناس عند العتمة، فقلت: لأرمقن عمله وأنظر ما يذكر الناس من عبادته، فصلوا العتمة، ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس حتى إذا قلت: هدأت العيون وثب فدخل غيصة قريبا منه ودخلت في إثره فتوضأ ثم قام يصلي، فافتتح وجاء الأسد حتى دنا منه، وصعدت في شجرة قال: فنراه التفت أو عده جرذا حتى سجد، فقلت: الآن يفترسه فلا ينثني، فجلس ثم سلم فقال: «أيها السبع، اطلب الرزق من مكان آخر»، فولى وإن له أزيزا أقول تصدعت الجبال منه، فما زال كذلك يصلي حتى لما كان عند الصبح جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله، ثم قال: «اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار، أومثلي يجترئ أن يسألك الجنة؟»، ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا وأصبحت وبي من الفترة ما الله به عليم فلما دنوا من أرض العدو، وقال الأمير لا يشذن أحد من العسكر فذهبت بغلته بثقلها فأخذ يصلي فقيل له إن الناس قد ذهبوا قال: «دعوني أصلي ركعتين»، قالوا: إن الناس قد ذهبوا، قال: «إنما هما خفيفتان»، قال: فدعا، ثم قال: «إني أقسم عليك أن ترد علي بغلتي وثقلها»، قال: فجاءت حتى قامت بين يديه، قال: فلما لقيه العدو حمل هو وهشام بن عامر فطعنا بهم طعنا وضربا وقتلا قال: فكسرا ذلك العدو، وقالوا: رجلان من العرب صنعا هذا فكيف لو قاتلونا فأعطوا المسلمين حاجاتهم، فقيل لأبي هريرة: إن هشام بن عامر وكان يجالسه ألقى بيده إلى التهلكة وأخبر بخبره، فقال أبو هريرة: لا، ولكنه التمس هذه الآية: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد} ".
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن أبي الخير، عن سعيد بن يزيد، أنه سمعه يقول: إن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني؟ قال: «أوصيك أن تستحي الله كما تستحي رجلا صالحا من قومك»
قال أبو عبد الله: ألست ترى أن الإنسان إذا علم أن رجلا صالحا ينظر إليه أو يسمع كلامه أمسك عن كل ما يخاف أن يمقته عليه، أو يضع من قدره عنده، ولو علم أنه يطلع على ما في ضميره لما أضمر إلا على ما يعلم أنه يحسنه عنده ويجمل، وكذلك يستحي من الرجل الصالح من كل نقص في فضل إلا لمرض، فأجمل النبي صلى الله عليه وسلم تفسير الحياء من الله في هذه الكلمة فمن استحيى من الله فيما يظهر وكل شيء ظاهر له كما يستحي من الرجل الصالح فقد استحيى من الله حق الحياء لأنه عالم بأن الله مطلع على ما في قلبه فلا يدع قلبه يضمر على شيء مما يكره إن عرض له رياء في عمل، أو عجب، أو كبر ذكر نظر الله إليه فاستحيى منه أن يرى ذلك في قلبه فتركه، واستحيى أيضا من كل نقص يدخل فيه من فضول الدنيا، أو من فضول الكلام، وإن كان مباحا لأنه يعلم أن الله قد زهده في ذلك ورغبه في تركه فهو يستحي أن يراه راغبا فيما زهده فيه، وكذلك إن خاف غيره استحيى منه أن يراه يخاف غيره أو يرجوه أو يطمع فيه، وهذه فضيلة ليست بفرض من ذلك [اخرجه الالبانى فى الصحيحة وقال اسناده جيد رجاله كلهم ثقات].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن عبد الله بن فروخ، أنه سمع عائشة، تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبحه، واستغفره، وعزل شجرا عن طريق الناس، أو عزل شوكا عن طريق الناس، أو عزل عظما عن طريق الناس أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد ذلك الستين والثلاثمائة السلامى فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح عن النار» [اخرجه مسلم فى صحيحه]
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، أن أبا ذر، قال: على كل نفس كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه، فقلت: يا رسول الله من أين نتصدق، وليس لنا أموال؟ قال: «أوليس من أبواب الصدقة التكبير والحمد لله، ولا إله إلا الله، وسبحان الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوكة والحجر عن طريق الناس، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتهدي الأعمى، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشد ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشد ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر» قال أبو ذر: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره ثم مات أكنت تحتسبه؟» قال: نعم، قال: «فأنت خلقته؟» قلت: بل الله خلقه، قال: «فأنت هديته؟» قلت: بل الله هداه، قال: «فأنت كنت ترزقه؟» قلت: بل الله كان يرزقه، قال: «فكذاك فضعه في حلاله، وجنبه حرامه فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته ولك أجره» [اخرجه الالبانى فى الصحيحة وقال سنده صحيح رجاله كلهم ثقات].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل، من قومه قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن المعروف؟ قال: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحي الشيء عن طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان بنفسك في الأرض، وإن سبك رجل بشيء يعلمه فيك، وأنت تعلم فيه نحوه فلا تسبه ليكون لك أجر ذلك، ويكون عليه وزره، وما سر أذنك أن يسمعه فاعمله، وما ساءتك أن تسمعه فاجتنبه» [رجاله ثقات واسناده صحيح].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن همام بن منبه، قال: ثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، قال: يعدل بين اثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته ويحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة " [رواه البخاري ومسلم فى صحيحهما].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره شكر الله له فغفر له» قال أبو عبد الله: ففي هذا دليل أن الرجل لم يكن هو الملقي للغصن على الطريق فيكون واجبا عليه أن يميطها إنما كان متطوعا بإماطتها، وكذلك الأخبار التي جاءت في إماطة الأذى عن الطريق يدل على أنها فضيلة وتطوع من ذلك [رواه مالك فى الموطأ واحمد فى المسند والبخاري ومسلم فى صحيحهما].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: وقد قال الله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} [الأنفال: 2]. وقد أجمع المختلفون لو أن مؤمنا ذكر الله عنده وهو مشغول ببعض الحلال فلم يوجل قلبه ما كان تاركا فرضا، ولو تليت عليه آيات من القرآن فلم يتحرك قلبه لشغله بما هو فيه لم يترك فرضا، وقد سمى الله عز وجل من وجل قلبه عند ذكره وازداد إيمانا بتحرك قلب عند تلاوة آيات الله مزدادا من الإيمان ثم ختم ذلك بأن جعل له حقيقة الإيمان بعد ما وصفه بما قد أجمعوا أنه لو تركه لم يكن عاصيا من الوجل فذلك أن ذلك إيمان نفل لا فرض، وكذلك إماطة الأذى عن الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق».
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: وزعم بعض المرجئة أن الإقرار باللسان هو التصديق فهو وتصديق القلب معنى واحد، وإن اختلفا في أعيانهما. يقال لهم: كيف يختلف شيئان في أعيانهما ويتفقان في الاسم من جهة ما اختلفا؟ فإن قالوا: ذلك موجود في اللغة، كما يقول القائل: ديني ودين محمد صلى الله عليه وسلم واحد، وفعل محمد غير فعله لأن ضميره غير ضميره، وقوله غير قوله.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، قال: " كنت في المسجد فقرأ رجل قراءة أنكرتها وقرأ صاحبه غيرها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرآ» فقرآ، فقال: أحسنتما وأصبتما، فلما رأيت ذلك سقط في نفسي شيء ووددت أني كنت في الجاهلية فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب بيده في صدري فارفضيت عرقا وكأني أنظر إلى ربي، ثم قال لي: «يا أبي إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف» وذكر الحديث ".[اخرجه مسلم فى صحيحه].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: فإن كان البغض ليس بكفر فجائز أن يبيح الله بغضه لمن اعتقد معرفته. فإن قالوا: ذلك محال أن يفارق الكفر البغض. قيل لهم: وكذلك محال أن يفارق الإيمان الحب وكان عزيزا أن يفارق أحدهما الآخر، فإذا لم يجز أن يفارق البغض الكفر، فالحب الإيمان لا غيره، والبغض من الكفر جزء لا غيره.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن مجاهد، في قوله: " {باتخاذكم العجل} [البقرة: 54] قال: كان موسى أمر قومه عن أمر ربه أن يقتل بعضهم بعضا بالخناجر فجعل الرجل يقتل أباه ويقتل ولده فتاب الله عليهم قال: والعجل حلي استعاروه من آل فرعون فقال لهم هارون: أحرقوه فأحرقوه، وكان السامري أخذ قبضة من أثر فرس جبريل صلى الله عليه فطرحها فيه فانسبك فكان له كالجوف تهوي فيه الريح، فقال السامري: هذا إلهكم وإله موسى ".
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن قتادة، في قوله: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} [البقرة: 54] ابتلوا - والله - بشديدة من البلاء تناحروا بالشفار صفين فلما بلغ منهم نقمته سقطت الشفار من أيديهم فكان للمقتول منهم شهادة وللحي توبة ".
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب، قال: " قالوا: يا موسى سل ربك: ما توبتنا؟ فسأل ربه، فقال: توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا، فقالوا: هذا ولكن أمر أهون من هذا؟ فقال: ما هو غيره، فقتل بعضهم بعضا بالخناجر، ما يبالي الرجل من قتل أباه أو ابنه أو أخاه حتى قتل سبعون ألفا، وموسى قائم ينظر فأوحى الله إليه أن مرهم أن يرفعوا أيديهم فقد غفر لمن قتل، وتبت على من بقي منهم فكفوا أيديهم ".
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: ويقال لهم أخبرونا عن الحب لله إيمان هو؟ فإن قالوا: لا، قيل لهم: فما ضد الحب؟ فإن قالوا: البغض، ولابد لهم من ذلك، قيل لهم: فالبغض لله إذا ليس بكفر لأن الكفر ضد الإيمان، وما ليس بكفر ليس ضده إيمانا لأن اسم الطاعة عندكم تجمع الأعمال كلها المفترضة وغيرها فاسم الإيمان طاعة، وضده معصية كفر والفرائض طاعة وضدها معصية، لا كفر، والنوافل طاعة وضدها نقص لا معصية ولا كفر فإذا كان الحب طاعة لا إيمانا فالبغض لله معصية لا كفر.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: ليس يعني أن الوسوسة في نفسها هي صريح الإيمان، إنما يعني ما أظهروا له من الكراهة عن الخوف من الله عز وجل، إذ اختاروا لأن يخروا من السماء على أن يتكلموا به ولا تطيب نفس أحد بأن تخر من السماء وأن تصير حممة إلا من شدة الخوف، فذلك الخوف هو صريح الإيمان، لأنه إذا وجد الوسوسة من طريق الشرك نظر إلى ما أعد الله لأهل الشرك من العذاب، وطابت نفسه أن تكون حممة لأن من نظر إلى شيء من عذاب الله باليقين كان ما دونه أهون عليه وأخف.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أحدنا يحدث نفسه بالشيء يعرض له لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» [رجاله ثقات واسناده صحيح].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا الشيء نتعاظم أن نتكلم به؟ فقال: «أوقد وجدتموه؟» قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان» [اسناده حسن].
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها فإنها مثل للمسلم فحدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: «هي النخلة».
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: فقد أخبر الله المؤمنين عن القيامة فصدقوا، ولم يشكوا فإذا عاينوها كانوا بها أعظم إيمانا ويقينا، ولم يكن يدخلهم الشك في دنياهم قبل ذلك ولكن لما عاينوا الأمر عظم في قلوبهم أكثر مما كانوا يصدقون به في الجملة حتى ذهلت عقول الرسل فمن دونهم، وأن ذلك لموجود في فطرنا يأتينا الصادق بالخبر بأن حبيب أحدنا قد مات فنصدقه ونستثير منه الحزن ثم نتابع الأخبار عليه، فكل ما أخبره مخبر ازداد يقينا وتصديقا من غير شك منه في الخبر الأول فإذا عاينه امتلأ قلبه يقينا بأنه قد مات، ثم أثار من قلبه من الحزن ما لم يكن من قبل حتى كأنه كان شاكا في خبر المخبرين، فكذلك يزداد العبد بصيرة ويقينا وتصديقا من غير أن يكون دخل في أصل تصديقه شك، وعن ذلك يكون الإجلال والهيبة، وعن الإجلال والهيبة يزداد خضوعا بالطاعة، ومسارعة إلى رضا طلب رضا المولى.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قالوا: والإيمان في اللغة هو التصديق، والإسلام في اللغة هو الخضوع، فأصل الإيمان هو التصديق بالله، وما جاء من عنده وإياه أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «الإيمان أن تؤمن بالله» وعنه يكون الخضوع لله لأنه إذا صدق بالله خضع له، وإذا خضع أطاع فالخضوع عن التصديق، وهو أصل الإسلام ومعنى التصديق هو المعرفة بالله، والاعتراف له بالربوبية بوعده ووعيده، وواجب حقه، وتحقيق ما صدق به من القول والعمل، والتحقيق في اللغة تصديق الأصل فمن التصديق بالله يكون الخضوع لله وعن الخضوع تكون الطاعات، فأول ما يكون عن خضوع القلب لله الذي أوجبه التصديق من عمل الجوارح الإقرار باللسان لأنه لما صدق بأن الله ربه خضع لذلك العبودية مخلصا، ثم ابتدأ الخضوع باللسان، فأقر بالعبودية مخلصا كما قال الله عز وجل لإبراهيم: {أسلم قال أسلمت} [البقرة: 131] أي أخلصت بالخضوع لك. قالوا: والدليل على ذلك ما وصف الله عن إبليس بقوله: {خلقتني من نار} [الأعراف: 12]، وقوله {فبعزتك لأغوينهم أجمعين} [ص: 82] فأخبر أنه قد عرف أن الله قد خلقه، ولم يخضع لأمره فيسجد لآدم كما أمره فلم ينفعه معرفته إذ زايله الخضوع، ولم تكن معرفته إيمانا إذ لم يكن معها خضوع بالطاعة فسلبه الله اسم الإيمان والإسلام إذ لم يخضع له فيطيعه بالسجود فأبى وعاند، ولو عرف الله بالمعرفة التي هي إيمان لخضع لجلاله، وانقاد لطاعته، ولم يرد عليه أمره، والدليل على ذلك أيضا شهادة الله على قلوب بعض اليهود أنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليهم كما يعرفون أبناءهم فلا أحد أصدق شهادة على ما في قلوبهم من الله إذ يقول لنبيه: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} [البقرة: 89] وقال: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} [البقرة: 146] وقال: {ليكتمون الحق وهم يعلمون} [البقرة: 146] فشهد على قلوبهم بأنها عارفة عالمة بالنبي صلى الله عليه وسلم قال: وما أنزل إليه أنه الحق من عند الله ثم أكفرهم مع ذلك، ولم يوجب لهم اسم الإيمان بمعرفتهم، وعلمهم بالحق إذ لم يقارن معرفتهم التصديق، والخضوع لله ولرسوله بالتصديق له والطاعة لأن من صدق خضع قلبه ومن خضع قلبه أقر وصدق بلسانه وأطاع بجوارحه.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله رحمه الله: فهذه مقالة من ذهب من أصحابنا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بقوله لجبريل صلوات الله عليهما: «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله» الإيمان الكامل. قال: وقوله: «فإذا فعلت ذلك فقد آمنت» يريد استكملت الإيمان المفترض كله، قالوا: وذلك لا يكون إلا بأداء الفرائض، واجتناب المحارم واحتجوا بالأخبار التي ذكرناها، والحجج التي قدمناها، قالوا: والإسلام هو الخصال التي ذكرت في حديث جبريل، وجعلوا الإيمان درجة فوق الإسلام. وقالت جماعة أخرى من أهل السنة: لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أن تؤمن بالله» كمال الإيمان، ولكنه أراد الدخول في الإيمان الذي يخرج به من ملل الكفر ويلزم من أتى به اسم الإيمان، وحكمه من غير استكمال منه للإيمان كله، وهو التصديق الذي عنه يكون سائر الأعمال، فقالوا: قال الله: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19] وقال: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85] وقال: {ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] قالوا: فالإسلام الذي رضيه الله هو الإيمان، والإيمان هو الإسلام بقوله: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85] فلو كان الإيمان غير الإسلام لكان من دان الله بالإيمان غير مقبول منه.
جماع تفسير النصيحة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: قال بعض أهل العلم: جماع تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له من كان، وهي على وجهين: أحدهما فرض، والآخر نافلة، فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض، ومجانبة ما حرم، وأما النصيحة التي هي نافلة فهي إيثار محبته على محبة نفسه، وذلك أن يعرض أمران أحدهما لنفسه والآخر لربه فيبدأ بما كان لربه، ويؤخر ما كان لنفسه فهذه جملة تفسير النصيحة له، الفرض منه، والنافلة وكذلك تفسير سنذكر بعضه ليفهم بالتفسير من لا يفهم الجملة فالفرض منها مجانبة نهيه، وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيعا له، فإن عجز عن القيام بفرضه لآفة حلت به من مرض أو حبس أو غير ذلك، عزم على أداء ما افترض عليه متى زالت عنه العلة المانعة له، قال الله عز وجل: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل} [التوبة: 91] فسماهم محسنين نصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم، وقد يرفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات، ولا يرفع عنهم النصح لله لو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ولا غيره، غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه وهو أن يندم على ذنوبه، وينوي إن يصح أن يقوم بما افترض الله عليه، ويتجنب ما نهاه عنه، وإلا كان غير ناصح لله بقلبه، وكذلك النصح لله ولرسوله فيما أوجبه على الناس على أمر ربه. ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي، ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله، وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض: فبذل المحمود بإيثار الله على كل محبوب بالقلب، وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره لأن الناصح إذا اجتهد لمن ينصحه لم يؤثر نفسه عليه، وقام بكل ما كان في القيام به سروره، ومحبته فكذلك الناصح لربه، ومن تنفل لله بدون الاجتهاد فهو ناصح على قدر عمله غير محق للنصح بالكمال وأما النصيحة لكتاب الله فشدة حبه وتعظيم قدره إذ هو كلام الخالق، وشدة الرغبة في فهمه، ثم شدة العناية في تدبره، والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه ويقوم له به بعد ما يفهمه، وكذلك الناصح من القلب يتفهم وصية من ينصحه وإن ورد عليه كتاب منه عنى بفهمه ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه، فكذلك الناصح لكتاب الله يعني يفهمه ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى، ثم ينشر ما فهم من العباد ويديم دراسته بالمحبة له، والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه. وأما النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فبذل المجهود في طاعته، ونصرته، ومعاونته، وبذل المال إذا أراده، والمسارعة إلى محبته، وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته، والبحث عن أخلاقه وآدابه، وتعظيم أمره ولزوم القيام به، وشدة الغضب والإعراض عن من يدين بخلاف سنته، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا، وإن كان متدينا بها، وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه. وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب طاعتهم ورشدهم، وعدلهم، وحب اجتماع الأمة كلهم وكراهية افتراق الأمة عليهم، والتدين بطاعتهم في طاعة الله، والبغض لمن رأى الخروج عليهم وحب إعزازهم في طاعة الله. وأما النصيحة للمسلمين: فأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويشفق عليهم ويرحم صغيرهم، ويوقر كبيرهم، ويحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم، وإن ضره ذلك في دنياه كرخص أسعارهم، وإن كان في ذلك ربح ما يبيع من تجارته، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ويحب صلاحهم، وألفتهم، ودوام النعم عليهم، ونصرهم على عدوهم، ودفع كل أذى ومكروه عنهم.
ادلة الكتاب والسنة على ان الايمان بالرسول انما هو بتصديقه واتباع ما جاء به
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: " خمس كان عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين بإحسان: اتباع السنة، ولزوم الجماعة، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله " قال أبو عبد الله: وأظن قال: وعمارة المساجد.
ادلة الكتاب والسنة على ان الايمان بالرسول انما هو بتصديقه واتباع ما جاء به
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن الحسن، أنه كان يقول: " إن الله لما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم قال: هذا نبيي، هذا خياري ائتسوا به خذوا في سنته وسبيله، أما والله ما كانت الأبواب تغلق دونه، ولا يكون دونه الحجاب كان يجلس بالأرض، ويوضع طعامه بالأرض، ويركب الحمار، ويردف خلفه، وكان - والله - يلعق يده، ولم يكن يغدى عليه ويراح بالجفان، وكان يقول: «من رغب عن سنتي فليس مني» فما أكثر التاركين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أكثر الراغبين عنها ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن قتادة، " قوله: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} [الأحزاب: 45] أي شاهدا على أمتك، وشاهدا على الأنبياء أنهم قد بلغوا، {ومبشرا} [الأحزاب: 45] يبشر بالجنة من أطاعه، {ونذيرا} [البقرة: 119] ينذر بالنار من عصاه قوله: {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه} [الفتح: 9] أمر الله بتفخيمه، وتسويده، وتشريفه، وتعظيمه، وكان في بعض القراءة: (ويسبحوا الله بكرة وأصيلا) ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن قتادة،: " {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: 63] قال: أمر الله تبارك وتعالى أن يهاب نبيه، وأن يعظم، وأن يبجل، وأن يسود وقوله: {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} [النور: 63] قال قتادة: عن نبي الله، وعن كتابه: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63] ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن مجاهد، " في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1] قال: لا تفتاتوا على رسول الله بشيء حتى يقضيه الله على لسانه. قوله: {كجهر بعضكم لبعض} [الحجرات: 2] قال: لا تنادوه نداء، ولكن قولوا قولا لينا: يا رسول الله {امتحن الله قلوبهم للتقوى} [الحجرات: 3] قال: أخلص ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال الله تبارك وتعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: 63]. فنهى الله المؤمنين أن يتقدموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهاهم أن يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم أو يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض إعظاما له وإجلالا وأعلم أن ذلك يحبط أعمالهم.
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن الشعبي، قال: " كان رجل من الأنصار ممن يزعم أنه مسلم بينه وبين رجل من اليهود خصومة، فجعل الذي من الأنصار يدعو اليهودي إلى أن يحاكمه إلى أهل دينه، لأنه قد علم أنهم يأخذون الرشوة في الحكم وكان اليهودي يدعوه إلى أن يحاكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو قال: إلى المسلمين لأنه قد علم أنهم لا يأخذون الرشوة في الحكم فاتفقا على أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة فنزلت: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} [النساء: 60] أي إلى الكاهن {وقد أمروا أن يكفروا به} [النساء: 60] قال: أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه، {ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} [النساء: 60] حتى بلغ: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} [النساء: 65] الآية ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: خاصم رجل من الأنصار الزبير في شرج من الحرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك» فقال الأنصاري: يا رسول الله أو أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك» قال: وكان أشار عليهم قبل ذلك بأمر كان لهما فيه سعة، قال الزبير: فما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65].
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن عبد الكريم بن عبد الله، قال: أخبرني وهب بن زمعة، قال: أخبرني محمد بن أعين، قال: سمعت عبد الله، يقول: " المرجئة تقول حسناتنا متقبلة، وأنا لا أدري تقبل مني حسنة أم لا، ويقولون إنهم في الجنة، وأنا أخاف أن أخلد في النار، وتلا عبد الله هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة: 264]، وتلا أيضا: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} [الحجرات: 2] إلى قوله: {أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} [الحجرات: 2] وما يؤمني ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن نافع، عن ابن عمر، قال: " كنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من حسناتنا إلا مقبول حتى نزلت: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد: 33] فقلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات، والفواحش حتى نزلت: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش، ونرجو لمن لم يصبها ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد: 33] فخافوا أن يبطل الذنب العمل ".
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
عن سعيد بن جبير، قال: بلغه أن الحسين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني مؤمن، ولا يسرق مؤمن، ولا يشرب الخمر مؤمن» قال سعيد بن جبير: رحم الله الحسين سمع، وليس هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزنين مؤمن ولا يسرقن مؤمن، ولا يشربن الخمر مؤمن» قال أبو عبد الله: فغلت الخوارج، والمعتزلة، والرافضة في تأويل هذه الأخبار، وكفرت بها المرجئة شكا منهم في قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو تكذيبا منهم لمن رواها من الأئمة الذين لا يجوز اتهامهم ولا الطعن عليهم، جهلا منهم بما يجب عليهم، وهكذا عامة أهل الأهواء والبدع إنما هم بين أمرين غلوا في دين الله وشدة ذهاب فيه حتى يمرقوا منه بمجاوزتهم الحدود التي حدها الله ورسوله أو إحفاء وجحودا به حتى يقصروا عن حدود الله التي حدها، ودين الله موضوع فوق التقصير، ودون الغلو، فهو أن يكون المؤمن المذنب خائفا لما وعد الله من العقاب على المعاصي راجيا لما وعد، يخاف أن تكون المعاصي التي ارتكبها قد أحبطت أعماله الحسنة فلا يتقبلها الله منه عقوبة له على ما ارتكب من معاصيه، ونرجو أن يتفضل الله عليه بطوله فيعفو له عما أتى به من سيئة، ويتقبل منه حسناته التي تقرب بها إليه فيدخله الجنة فلا يزال على ذلك حتى يلقى الله وهو بين رجاء وخوف.
فرق المرجئة وفساد مذهبهم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قالوا: ليس قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» خبرا إنما هو نهي لا خبر، فقالوا: «لا يزني» أي لا يأتي الزنا وهو مؤمن على معنى النهي، كما قال: «لا يصلي أحدكم وهو يدافع الأخبثين» ينهاه أن يصلي وهو حاقن للبول ممسك للغائط يدافعه، وكذلك نهى أن يزني وهو مؤمن تنزيها للإيمان، وتعظيما للمؤمن أن يأتي بالزنا وهو مؤمن.