13. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
حسن الخلق: قال لقمان - عليه السلام - لابنه: يا بُنَيَّ! لِتكُن كَلمتكَ طيبةً، ووجهك منبسطًا، تكن أحبَّ إلى الناس ممن يعطيهم الذهب والفضة. " قال ابن رجب رحمه الله: وربما كان معاملة الناس بالقول الحسن أحب إليهم من إطعام الطعام والإحسان بإعطاء المال ". الجامع المنتخب/ 66. [الجامع المنتخب / 66].
حكمــــــة
حسن الخلق: قال الوزيرُ أبو الفرج يعقوبُ بنُ يوسف رحمه الله: قال لي الأستاذ كافور: اجتمع بالقاضي أبي الطاهر، فسلِّم عليه وقل له: إنه بلغني أنَّك تنبسط مع جلسائِك، وهذا الانبساطُ يُقِلُّ هَيْبَةَ الحكم، فأعلمتُه بذلك، فقال رحمه الله: قل للأستاذ: لستُ ذا مالٍ أفيضُ به على جلسائي، فلا أقلَّ من خُلقي، فأخبرتُ الأستاذ، فقال: لا تعاوِدْهُ. [السير (تهذيبه) 3/1288].
حكمــــــة
حسن الخلق: عن أبي عبيدة، أنه قال: كان المهدي رحمه الله يصلي بنا الصلوات في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها، فأقيمت الصلاة يومًا، فقال أعرابي: يا أمير المؤمنين، لست على طهر وقد رغبت إلى الله في الصلاة خلفك فأمر هؤلاء ينتظروني، فقال: انتظروه رحمكم الله، ودخل المحراب ووقف إلى أن قيل له: قد جاء الرجل، فكبر فتعجب الناس من سماحة أخلاقه. [المنتظم 8 / 214].
حكمــــــة
حسن الخلق: قال عبد الله بن طاهر: كنا عند المأمون يوما فنادي بالخادم: يا غلام، فلم يجبه أحد، تم نادي ثانيا وصاح: يا غلام، فدخل غلام تركي وهو يقول: ما ينبغي للغلام أن يأكل ولا يشرب، كلما خرجنا من عندك تصيح: يا غلام يا غلام، إلى كم يا غلام؟! فنكس المأمون رأسه طويلا، فما شككت أنه يأمرني بضرب عنقه، ثم نظر إلي فقال: يا عبد الله إن الرجل إذا حسُنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه، وإذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خدمه، وإنا لا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لنحسن أخلاق خدمنا. [المستطرف/ 166].
حكمــــــة
حسن الخلق: عن منصور بن عمار قال: دخل رجلٌ من الزهاد على هارون الرشيد رحمه الله يومًا، فقال: يا هارون، اتق الله، فأخذه فخلا به، وقال: يا هذا أنصفني، أنا شرٌ أم فرعون؟ قال: بل فرعون، قال: فأنت خير أم موسى؟ قال: بل موسى، قال: أفما تعلم أن الله تعالى لما بعثه وأخاه إليه قال: " فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا " [طه: 44] وقد جبهتني بأغلظ الألفاظ، فلا بأدب الله تأدبت، ولا بأخلاق الصالحين أخذت. قال: أخطأت وأنا أستغفر الله، فقال: غفر الله لك، وأمر له بعشرين ألف درهم، فأبى أن يأخذها. فهذه الأخلاق الطيبة. [المنتظم 8 / 328].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه: عن سفيان قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين رحمه الله، فقال له: إن فلانًا قد آذاك، ووقع فيك. قال: فانطلق بنا إليه، فانطلق معه، وهو يرى أنه سينتصر لنفسه فلما أتاه قال: يا هذا إن كان ما قلتَ فيّ حقًا، فغفر الله لي، وإن كان ما قلتَ فيَّ باطلاً، فغفَر الله لك. [صفة الصفوة 2/448].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه: عن عبد الغفّار بن القاسم قال: كان علي بن الحسين رحمه الله خارجًا من المسجد، فلقيه رجل فسبّه، فثارث إليه العبيد والموالي، فقال علي بن الحسين: مهلاً على الرجل. ثم أقبل على الرجل، فقال ما سُتِر عنك من أمرنا أكثر. ألكَ حاجة نعينك عليها؟ فاستحْيا الرجل، فألقى عليه خَمِيصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسول. [صفة الصفوة 2/451].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه: عن رجل من ولَد عماّر بن ياسر قال: كان عند علي بن الحسين رحمه الله قومٌ، فاستعجل خادمٌ له بشِواء كان له في التنّور، فأقبل به الخادم مسرعًا وسقط السّفود من يده على بُنيٍّ لعلي أسفلَ الدّرجة، فأصاب رأسه فقتله، فقال علي للغلام: أنت حرٌ، لم تعمده، وأخذ في جهاز ابنه. [صفة الصفوة 2/451].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه: شكا رجل إلى أبي مسلم الخولاني رحمه الله ما يلقى من الناس من الأذى، فقال له أبو مسلم: إن تناقد الناس يناقدوك، وإن تتركهم لا يتركوك، وإن تفر منهم يدركوك، قال: فما أصنع؟ قال: هب عرضك ليوم فقرك، وخذ شيئا من لا شيء، يعني الدنيا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/538].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه: عن إبراهيم بن أبي عَبْلة قال: غضب عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوما على رجل غضبًا شديدًا فبعث إليه فأتى به فجرده ومده في الحبال ثم دعا بالسياط حتى إذا قلنا: هو ضاربه قال: خلوا سبيله أما إني لولا أني غضبان لسؤته، قال: وتلا هذه الآية: " وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [آل عمران: 134]. [الزهد للإمام أحمد / 504].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه: قال الفضيل بن عياض رحمه الله: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلاً فقل: يا أخي اعف عنه، فإن العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو ولكن أنتصر كما أمرني الله - عزَّ وجلَّ - قل: فإن كنت تحسن تنتصر مثلاً بمثل وإلا فارجع إلى باب العفو فإنه باب أوسع، فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام الليل على فراشه، وصاحب الانتصار يقلب الأمور. [الحلية (تهذيبه) 3 / 28].
حكمــــــة
الحلم والعفو والصفح وذم الغضب وعلاجه:قال الفضيل بن عياض رحمه الله: حسناتك من عدوك أكثر منها من صديقك، قيل: وكيف ذاك يا أبا علي؟ قال: إن صديقك إذا ذكرت بين يديه قال: عافاه الله، وعدوك إذا ذكرت بين يديه يغتابك الليل والنهار. وإنما يدفع المسكين حسناته إليك، فلا ترض إذا ذكر بين يديك أن تقول: اللهم أهلكه لا بل ادع الله: اللهم أصلحه، اللهم راجع به، ويكون الله يعطيك أجر ما دعوت به، فإنه من قال لرجل: اللهم أهلكه فقد أعطى الشيطان سؤاله، لأن الشيطان إنما يدور على هلاك الخلق. [الحلية (تهذيبه) 3 / 16].
حكمــــــة
مداراة الناس: قال أبو الدرداء رضى الله عنه: إنْ ناقدت الناس ناقدوك وإن تركتهم لم يتركوك وإن هربت منهم أدركوك. قال رجل: يا أبا الدرداء فما تأمرني؟ قال: هب عِرضك ليوم فقرك، وما تجرَّع مؤمن جرعةً أحب إلى الله - عزَّ وجلَّ - من غيظٍ كظمه، فاعفوا يعزكم الله. [صفة الصفوة 1/301، موسوعة ابن أبي الدنيا 7/521].
حكمــــــة
الـورع: عن عامر: أن ابنًا لشريح رحمه الله قال لأبيه: بيني وبين قومٍ خصومة، فانظر فإن كان الحقّ لي خاصمتُهم، وإن لم يكن لي الحق لم أُخاصمهم. فقص قصته عليه، فقال: انطلق فخاصمْهم، فانطلق إليهم فخاصمهم إليه، فقضى على ابنه، فقال له: لما رجع إلى أهله: والله لو لم أتقدم إليك لم ألُمكَ. فضحتَني، فقال: والله يا بني لأَنت أحبّ إليّ من ملء الأرض مثلهم، ولكن الله هو أعز عليّ منك، أن أخبرك أن القضاء عليك فتصالحهم، فتذهب ببعض حقّهم. [صفة الصفوة 3/27].
حكمــــــة
الـورع: عن الشعبي قال: جاء رجلان إلى شريح رحمه الله، فقال أحدهما: اشتريت من هذا دارًا، فوجدت فيها عشرة آلاف درهم، فقال: خذها. فقال له: إنما اشتريتُ الدار، فقال للبائع: فخذها أنت، فقال: ولِمَ؟ وقد بعتُه الدار بما فيها، فأدار الأمر بينهما، فأبيا فأتى زيادًا، فأخبره فقال: ما كنت أرى أن أحدًا هكذا بقيَ. وقال لشريح: ادخل بيت المال فألقِ في كل جرابٍ فبضة حتى تكون للمسلمين. [صفة الصفوة 3/128].
حكمــــــة
الـورع: عن عمرو بن مهاجر قال: اشتهى عمر رحمه الله تفاحًا فقال: لو أن عندنا شيئًا من تفاح فإنه طيب؟ فقام رجل من أهله فأهدى إليه تفاحًا، فلما جاءه به الرسول قال: ما أطيبه وأطيب ريحه وأحسنه، ارفع يا غلام واقرأ على فلان السلام وقل له: إن هديتك قد وقعت عندنا بحيث تحب، قال عمرو بن مهاجر: فقلت له: يا أمير المؤمنين ابن عمك رجل من أهل بيتك، وقد بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، قال: إن الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية، وهي لنا رشوة. [الحلية (تهذيبه) 2 / 221].
حكمــــــة
الـورع: عن خالد بن دريك قال: خرج ابن محيريز رحمه الله إلى بزاز يشتري منه ثوبًا، والبزاز لا يعرفه، قال: وعنده رجل يعرفه، فقال: بكم هذا الثوب؟ قال الرجل: بكذا وكذا، فقال الرجل الذي يعرفه: أحسن إلى ابن محيريز، فقال ابن محيريز: إنما جئت أشتري بمالي، ولم أجيء أشتري بديني، فقام ولم يشتر. [الحلية (تهذيبه) 2 / 166].
حكمــــــة
الـورع: قال ابن كثير رحمه الله: خرج ابن حامد الورَّاق رحمه الله إلى الحج، فلما عطش الناس في الطريق استند هو إلى حجر هناك في الحرّ الشديد، فجاءه رجلٌ بقليل من ماء فقال له ابن حامد: من أين لك هذا؟ فقال: ما هذا وقته، اشربْ فقال: بلى، هذا وقته عند لقاء الله تعالى فلم يشرب ومات من فوره، رحمه الله [البداية والنهاية 12/61].