ما جاء في التطير
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وله من حديث الفضل بن العباس: (إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك). رواه أحمد (1/213)
----------------
قال ابن مفلح: ” وفيه انقطاع “. وقال الأرناؤوط: ” في سنده ضعف وانقطاع “. (ما أمضاك أو ردك) هذا حد للطيرة المنهي عنها، بأنها ما أوجب للإنسان أن يمضي لما يريده ولو من الفأل، وإن الفأل إنما يستحب لما فيه من البشارة الملائمة للنفس، فأما أن يعتمد عليه ويمضي لأجله مع نسيان التوكل على الله، فإن ذلك من الطيرة، وكذلك إذا رأى أو سمع ما يكره، فتشاءم به وردّه عن حاجته، فإن ذلك أيضاً من الطيرة
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
ولأحمد من حديث ابن عمرو: (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشــرك، قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك). رواه أحمد (2/220)
----------------
(من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك) لأن الطيرة هي التشاؤم بالشيء المرئي أو المسموع، فإذا رده شيء من ذلك عن حاجته التي عزم عليها، كإرادة السفر ونحوه، فمنعه عما أراده، وسعى فيه ما رأى وسمع تشاؤماً، فقد دخل في الشرك، فلم يخلص توكله على الله بالتفاته إلى ما سواه، فيكون للشيطان منه نصيب. (لا خير إلا خيرك) أي لا يرجى الخير إلا منك دون سواك. (ولا طير إلا طيرك) أي أن الطيور كلها ملكك لا تفعل شيئاً إنما هي مسخرة. قال تعالى: ﴿ أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير ﴾. وقال تعالى: ﴿ ألو يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله عن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ﴾
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وعن ابن مسعود مرفوعاً: (الطيرة شرك، وما منّا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل). رواه ابو داود والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود. رواه أبو داود (3910) والترمذي (1614) وابن ماجه (3538)
----------------
1- تحريم الطيرة والتصريح بأنها شرك، لما فيها من تعلق القلب على غير الله تعالى. 2- قال في شرح السنن: ” وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن الطيرة تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضراً إذا عملوا بموجبه، فكأنهم أشركوا مع الله. 3- قوله (وما منا) قال أبو القاسم الأصبهاني والمنذري: ” في الحديث إضمار، والتقدير: وما منا إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك، والمعنى: وما منا إلا ويعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف ذلك اعتماداً على فهم السامع. 4- (ولكن الله يذهبه بالتوكل) أي ما منا إلا من يقع في قلبه ذلك، لكن لما توكلنا على الله وآمنا به واتبعنا ما جاء به الرسول واعتقدنا صدقه، أذهب الله ذلك عنا. 5- أن الطيرة من الشرك. 6- استحباب تأكيد الأمر الهام. 7- فضيلة التوكل على الله. 8- أن التوكل مُذهب للتطير. 9- قوله (وما منّا إلا...) هذه من كلام ابن مسعود. قال ابن القيم: ” هو الصواب، فإن الطيرة نوع من الشرك “.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله فقال: (أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك). رواه أبو داود (39191
----------------
(أحسنها الفأل) أي أن الفأل من الطيرة، لكنه خيرها وأفضلها. (ولا ترد مسلماً) أي أن الطيرة لا تثني عزم المسلم ولا ترده عن تحقيق مقصوده. (فإذا رأى أحدكم ما يكره) فإذا رأى أحدكم ما يبعث على التشاؤم. (فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت) أي لا تأتي الطيرة بالحسنات، ولا تدفع السيئات والمكروهات، بل أنت وحدك لا شريك لك الذي تأتي بالحسنات وتدفع السيئات. (ولا حول ولا قوة إلا بالله) الحول: الانتقال من حال إلى حال. ولا قوة: لا قوة على ذلك الحول إلا بك
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
ولهما عن أنس قال: قال رســـــول الله: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة). رواه البخاري (5776) ومسلم (2224)
----------------
(ولهما) أي البخاري ومسلم. (الفأل) هو ما يحدث للإنسان من الفرح والسرور من صوت يسمعه، أو حال يتحرى عليه يؤمل منها الخير ونحو ذلك. (الكلمة الطيبة) لأن الكلمة الطيبة في الحقيقة تفتح القلب، وتكون سبباً لخيرات كثيرة. معنى الحديث: نفى النبي في هذا الحديث تأثير العدوى بنفسها، ونفى وجود تأثير الطيرة، وأقر التفاؤل واستحسنه، لأن التفاؤل حسن ظنٍّ بالله، وحافز للهمم على تحقيق المراد، بعكس التطير والتشاؤم. قال الحليمي: ” وإنما كان يعجبه الفأل، لأن التشاؤم سوء ظنٍّ بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظنٍّ به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال “.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (لا عدْوى ولا طِيرة ولا هامَّة ولا صَفَرَ). أخرجاه وزاد مسلم: (ولا نوْء ولا غُول). البخاري (5757) ومسلم (2221)
----------------
(لا عدوى) العدوى انتقال المرض من المريض إلى الصحيح. قوله (ولا طيرة) يحتمل: لا تتطيروا: نهي. ويحتمل: لا طيرة موجودة مؤثرة. (ولا هامة) قال الفراء: ” طيرٌ من طيور الليل، كأنه يعني البومة “. قال ابن الأعرابي: ” كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على بيت أحدهم، يقول: نعت إلى نفسي أو أحداً من أهل داري، فجاء الحديث بنفي ذلك وإبطاله “. والنفي في الحديث نفي لما كانت تعتقده العرب. (ولا صفر) قيل: هي حبة تكون في البطن تصيب الماشية والناس، وهي أعدى من الجرب عند العرب. فعلى هذا: فالمراد بنفيه ما كانوا يعتقدونه من العدوى، ويكون عطفه على العدوى من عطف الخاص على العام
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قوله: ﴿ قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قومٌ مسرفون ﴾. سورة يس (19)
----------------
في هذه الآية يبين الله سبحانه وتعالى أن الرسل الذين أرسلوا إلى القرية في قوله تعالى: ﴿ واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية ﴾ لما جاءوا قومهم بالوعظ والتذكير، تشاءموا وتطيروا بهم فقالوا: (إنا تطيرنا بكم) لكن الرسل رفضوا هذا التشاؤم وقالوا: ﴿ طائركم معكم ﴾ أي حظكم وما نابكم من خير وشر معكم بسبب أفعالكم وكفركم ومخالفتكم الناصحين، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وعدوانكم. وقيل المعنى: ﴿ طائركم معكم ﴾ أي راجع عليكم، فالتطير الذي حصل لكم إنما يعود عليكم. ذكره ابن القيم
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ ألا إنما طائرهم عند الله ولكنّ أكثرهم لا يعلمون ﴾ الأعراف
----------------
أول الآية: ﴿ فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ﴾. والمعنى: أن آل فرعون إذا أصابتهم الحسنة، أي الخصب والسعة والعافية ـ كما فسره مجاهد وغيره ـ قالوا لنا هذه، أي نحن الجديرون والحقيقون به ونحن أهله. وإن تصبهم سيئة، أي بلاء وقحط، يطيروا بموسى ومن معه، فيقولون هذا بسبب موسى وأصحابه أصابنا بشؤمهم. فقال الله تعالى: ﴿ ألا إنما طائرهم عند الله ﴾. (طائرهم) قال ابن عباس: ” ما قضى عليهم وقدر لهم “. وفي رواية: ” شؤمهم عند الله ومن قبله “ أي إنما جاءهم الشؤم من قبله بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله. وقيل: المعنى أن الشؤم العظيم هو الذي عند الله من عذاب النار لا هذا الذي أصابهم في الدنيا. والظاهر أن هذه الآية كقوله تعالى: ﴿ وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولون هذه من عندك قل كل من عند الله ﴾. أي أن الكل من عند الله، لكن هذا الشؤم الذي أجراه عليهم من عنده هو سبب أعمالهم لا بسبب موسى ومن معه. (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أي أن أكثرهم جهال لا يدرون، ولو فهموا أو عقلوا لعلموا أنه ليس فيما جاء به موسى شيء يقتضي الطيرة.