قول الله تعالى : ﴿ أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون . ولا يستطيعون لهم نصرا ﴾
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى : ﴿ أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون . ولا يستطيعون لهم نصراً ﴾
----------------
قال المفسرون في هذه الآية : هذا توبيخ وتعنيف للمشركين في عبادتهم مع الله تعالى ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون ، والمخلوق لا يكون شريكاً للخالق في العبادة التي خلقهم لها ، وبيّن أنهم لا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون ، فكيف يشركون به من لا يستطيع نصر عابديه ولا نصر نفسه ؟! وهذا برهان ظاهر على بطلان ما كانوا يعبدونه من دون الله ، وهذا وصف كل مخلوق حتى الملائكة والأنبياء والصالحين .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قوله : ﴿ والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ﴾ .
----------------
( والذين تدعون من دونه ) أي الذين تدعونهم غير الله ، من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرهم . ( قطمير ) القطمير هو اللفافة التي تكون على نواة التمر . المعنى الإجمالي : يخبر تعالى عن حال المدعوين من دونه ـ من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرها ـ مما يدل على عجزهم وضعفهم ، وأنهم قد انتفت عنهم الأسباب التي تكون في المدعو، وهي : الملك ، وسماع الدعاء ، والقدرة على الاستجابة . فمتى لم توجد هذه الشروط تامّة بطلت دعوته ، فكيف إذا عدمت بالكلية .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وفيا لصحيح عن أنس قال : ( شُجَّ النبي يوم أحد ، وكُسِرَت رباعيته ، فقال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ، فنزلت : ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾.
----------------
قوله ( شُجَّ النبي ) الشج : في الرأس خاصة ، وهو أن يضربه بشيء فيجرحه فيه ويسقه . وروى الطبراني من حديث أبي أمامة قال : ( رمى عبد الله بن قمئة رسول الله يوم أحد ، فشجّه في وجهه ، وكسر رباعيته ، فقال : خذها وأنا ابن قمئة ، فقال رسول الله : مالك أقماك الله ، فسلط الله عليه تيس جبل ، فلم يزل ينطحه حتى قطّعه قطعة قطعة ) . ( وكسرت رباعيته ) قال القرطبي : ” الرباعية بفتح الراء ، كل سنٍ بعد ثنية . قال النووي : ” وللإنسان أربع رباعيات “ . قوله ( يوم أحد ) جبل معروف إلى الآن ، كانت عنده الوقعة المشهورة ، فأضيفت إليه . قوله ( فقال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ) زاد مسلم من طريق ثابت عن أنس : ( وكسـروا رباعيته وأدموا وجهه ) . والاستفهام يراد به الاستبعاد ، أي : بعيد أن يفلح قومٌ شجّوا نبيهم . قوله ( فنزلت : ليس لك من الأمر شيء ) قال ابن عطية : ” كان النبي لحقه في تلك الحال يأسٌ من كفار قريش ، فقيل له بسبب ذلك : ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ أي : عواقب الأمور بيد الله ، فامض أنت لشأنك ، ودُمْ على الدعاء لربك “ . وقال غيره : ” المعنى : أن الله تعالى أمرهم ، فإما أن يهلكهم ، أو يكبتهم ، أو يتوب عليهم إن أسلموا ، أو يعذّبهم إن أصروا ، وليس لك من أمرهم شيء ، وإنما أنت عبد مأمور بإنذارهم وجهادهم “ .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمع النبي : ( يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر : اللهم العن فلاناً وفلاناً ، بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، فأنزل الله : ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ ) .رواه البخاري ( 4069 )
----------------
( اللهم العن فلاناً وفلاناً ) وفي رواية : ( على صفوان ابن أمية ، وسهل بن عمرو ، والحارث بن هشام . وأصل اللعن : الطرد والإبعاد من رحمة الله . ( بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده ) : ( سمع الله ) أي استجاب لمن دعاه وتقبل . ( لمن حمده ) الحمد ضد الذم ، وحقيقة الحمد : الثناء على المحمود مع المحبة له والإجلال . ( فأنزل الله : ليس لك من الأمر شيء ) فتاب الله عليهم وآمنوا مع أنهم فعلوا أشياء لم يفعلها أكثر الكفار
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة قال : ( قام رسول الله حين أنزل عليه ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ فقال : يا معشر قريش ـ أو كلمة نحوها ـ اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئاً ، يا عبّاس بن عبد المطلب ، لا أغني عنك من الله شيئاً ، يا صفية عمة رسـول الله لا أغني عنكِ من الله شيئاً ، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت ، لا أغني عنك من الله شيئاً ) . رواه البخاري ( 2753 ) ومسلم ( 1 / 192 ) .
----------------
( قام رسول الله ) في الصحيح من رواية ابن عباس : ( صعد النبي على الصفا ) . ( حين أنزل الله عليه : وأنذر عشيرتك الأقربين ) عشيرة الرجل بنو أبيه الأدنون أو قبيلته . ( الأقربين ) أي الأقرب فالأقرب منهم ، لأنهم أحق الناس ببرك . ( اشتروا أنفسكم ) أي بتوحيد الله وإخلاص العبادة له ، وعدم الإشراك به ، وطاعته فيما أمر والانتهاء عما عنه زجر . ( يا عباس بن عبد المطلب ) هو عم النبي ، وعبد المطلب جد النبي . فإن قيل : كيف يقول النبي عبد المطلب مع أنه لا يجوز أن يضاف عبد إلا إلى الله عز وجل ؟ الجواب : أن هذا ليس إنشاءً بل هو خبر ، فاسمه عبد المطلب ولم يسمه النبي ، لكن اشتهر بعبد المطلب ، ولهذا انتمى إليه النبي فقال : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وفي قوله ( اشتروا أنفسكم ) دفع ما عساه أن يتوهمه بعضهم أنه يغني عنهم من الله شيئاً بشفاعته ، فإذا كان لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ، ولا يدفع عن نفسه عذاب ربه ولو عصا ، فكيف يملك لغيره نفعاً أو ضراً ، أو يدفع عنه عذاب الله . وفي قوله ( لا أغني عنكم من الله شيئاً ) حجة على من تعلق على الأنبياء والصالحين ورغب إليهم ليشفعوا له وينفعوه ، أو يدفعوا عنه ، فإن ذلك هو الشرك الذي حرمه الله تعالى ، وأقام نبيه بالإنذار عنه ، كما أخبر تعالى عن المشركين بقوله : ﴿ الذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾