ما كل بيضاء الترائب زينب...
مع انفتاح الناس بوسائل التواصل على أحوال الأثرياء
يسمع ويرى الكثير منهم ما يتعجبون له
فيرون رجلا يذكر دعاءه لربه وتوكله عليه في أمور دنياه وكيف فتح الله عليه من الأرزاق والثروات والجاه والحضور.
بل ربما سمعوا من يحدث عن قصة دعائه لنجاح عمل في أصله محرم وكيف سهل الله أمره ويسر عليه حصول مقصوده عندما لجأ إلى الله واعتمد عليه
ويحدثون عن أمراض أو حوادث نجاهم الله منها أوصفقات ما تمت لهم إلا بدعاء ربهم وتوكلهم عليه.
فيعجب الخلق!
هؤلاء الناس مقصرون في الطاعة! متلبسون بكثير من المعاصي والذنوب بل والكبائر! وهم على هذه المنزلة من التعلق بربهم والتوكل عليه وإجابة الدعاء.
فينقسم الناس فيهم؛
فيقول بعضهم:
هؤلاء صالحون وعلامة صلاحهم استجابة الله لدعائهم فيستهين بما يرى من قصورهم أو معاصيهم وذنوبهم ويرى أن ما هم عليه من التوكل والتفويض الذي أجيب معه دعواتهم دليل على غلبة الصلاح فيهم ومحبة الله وقربهم منه وولايته لهم.
وبعضهم: يكذبونهم فيما يقصونه.
وقوم قالوا:
الله أعلم بأحوالهم وما يؤولون إليه عند ربهم فنكره ما أظهروه من معصية ولا نعلم أي موزازينهم أرجح عند ربهم
لكننا لا نحكم لهم بالصلاح لمجرد استجابة دعائهم فإن هذا توكل في أمور دنياهم واستعانة على شهواتهم وتوكل في تحصيل أهوائهم.
وهذا هو الصواب:
قال ابن القيم رحمه الله:
في تقسيم الناس في العبادة والاستعانة:
القسم الرّابع: وهو من شهد تفرُّدَ الله بالضَّرِّ والنَّفع، وأنّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولم يدُرْ مع ما يحبُّه ويرضاه، فتوكّل عليه، واستعان به على حظوظه وشهواته وأغراضه، وطَلبَها منه، وأنزلها به، فقُضِيت له، وأُسْعِفَ بها؛ ولكن لا عاقبة له، سواءٌ كانت أموالًا أو رياسات وجاهًا عند الخلق، أو أحوالًا من كشفٍ وتأثيرٍ وقوّةٍ وتمكينٍ، فإنّها من جنس المُلك الظّاهر والأموال، لا تستلزم الإسلام، فضلًا عن الولاية والقرب من الله؛
والحال يُعطاه البَرُّ والفاجر والمؤمن والكافر. فمن استدلَّ بشيءٍ من ذلك على محبّة الله لمن آتاه إيّاه ورضاه عنه وأنّه من أوليائه المقرَّبين، فهو من أجهلِ الجاهلين، وأبعدِهم معرفةً بالله ودينه، والتّمييز بين ما يحبُّه ويرضاه ويكرهه ويسخطه.
مختارات