(وَهَیِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدا)
من توفيق الله لفتية الكهف أن ألهمهم هذه الدعوة الصالحة؛
حيث كانوا في حالة من الانقطاع من جميع الأسباب وفي مكان لا يعلمون ما سيصير حالهم فيه وفي مضايق كثيرة من الخوف من قومهم والبعد عن أهلهم والوحشة في كهفهم بلا طعام ولا شراب ولا فراش ولا لحاف
مع كونهم فتية في مقتبل أعمارهم لم تعركهم التجارب والأسفار وبلايا الحياة ومصاعبها
وقد خرجوا في عجلة من أمرهم حتى لم يأخذوا زادا يكفيهم ولو عدة أيام لفجأة الأمر لهم.
فسألوا ربهم هذه الدعوة الجامعة الملهمة
التي فيها كمال التفويض والتسليم وغاية الافتقار
(هيء لنا)
سألوا الإعداد والتيسير والإصلاح والصنع والتجهيز وتولي الأمر كله
من (أمرنا)
جميع أمرنا في دنيانا وآخرتنا
في ديننا ودنيانا
في ثباتنا وهدايتنا وخوفنا وجوعنا ووحشتنا وغربتنا وتفاصيل قصتنا
فأجاب الله سؤالهم يإعداد رباني عجيب
تكاملت فيه أسباب السموات والأرض والشمس والظلال والحيوان والزمان والمكان
حتى مشهد الكلب وبسط يديه
في جمال التهيئة الربانية البديع الذي يأسر القلوب.
وأجسادهم التي أسلموا تهيئتها لربهم
هيأها أعظم تهيئة وأكملها وأنامها وقلبها
وانتظمت كلها في هيئة ربانية
لتجيب دعوة الفتية
ولما كانت دعوتهم (أن يهيء لهم)
وصف الله الهيئة وأفاض القرآن العظيم في تفاصيلها ووصفها وجمالها وإحكامها...
ونبه القاريء للنظر للمشهد
(وترى الشمس إذا طلعت....)
وقال سبحانه
(لو اطلعت عليهم....)...
يالها من دعوة
يارب هيء لنا من أمرنا رشدا
مختارات