المُعين السادس: التكرار والتوقف
.. المُعين السادس: التكرار والتوقف.
أي: التوقف حين القراءة، أو تكرار الآية؛ لاستحضار المعاني، والتعمُّق في فهمه.
وكلما طال التوقف وكثر التكرار، كلما زادت المعاني التي تفهم من النص، بشرط عدم شرود الذهن.
والتكرار - أيضًا - قد يحصل لا إراديًا تعظيمًا أو إعجابًا بما قرأ، وهذا مشاهد في واقع الناس، حينما يعجب أحدهم بجملة أو قصة فإنه يكثر من تكرارها على نفسه أو غيره.
التكرار: نتيجة وثمرة للفهم والتدبر، وهو أيضًا وسيلة إليه حينما لا يوجد.
قال ابن مسعود رضي الله عنه:
" لا تهذوه هذو الشعر ولا تنثروه نثر الدقل (التمر الرديء)، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن هَمُّ أحدكم آخر السورة ".
وقال ابن قدامة:
" وليعلم أن ما يقرأه ليس كلام بشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، ويتدبر كلامه؛ فإن التدبر هو المقصود من القراءة، وإن لم يحصل التدبر إلا بترديد الآية فليرددها "
[مختصر منهاج القاصدين: 68]
قال أبو ذر رضي الله عنه:
" قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها: { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (118:المائدة)
صححه الألباني.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عباد بن حمزة قال:
" دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ: { فَمَنَّ اللهُ عَلينا وَوَقانا عَذابَ السَّمُوم } (27:الطور)
قال: فوقفت عليها فجعلت تستعيذ وتدعو، قال عباد: فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو ".
وفيه عن القاسم بن أبي أيوب أن -سعيد بن جبير- ردَّدَ هذه الآية:
{ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } (281:البقرة) بضعًا وعشرين مرة.
وردَّدَ الحسن البصري ليلة: { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } (18:النحل)
حتى أصبح، فقيل له في ذلك، فقال: إن فيها معتبرًا ما نرفع طرفًا ولا نرده إلا وقع على نعمة، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر ".
وقام تميم الداري رضي الله عنه بآية حتى أصبح:
{ أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ } (21:الجاثية)
مختارات