كلنا أبي بن كعب
لو كنتَ مكانه وعلمتَ أنَّ الله ذكرَك باسمك، ماذا سيكون شعورُك؟
هل ستبكي شوقًا.. أم حياءً.. أم فرحًا؟!
هو شعورٌ وجدانيٌّ عزيزٌ لا أظنُّ أحدًا يقدرُ على وصفه.
فمن أكونُ أنا حتى يذكرَني الملكُ في عليائه، بعظمته وجلاله وكبريائه.
أيُّ مشاعر تفيضُ على قلب المخلوق الفقير وهو يحظى بذكر خالقه له!!
هذا هو شعورُ أبيّ بن كعبٍ عندما أخبرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الله أمرَه أن يقرأ عليه سورة البيِّنة.
يستفسرُ ويدققُ في المسألة: يا رسولَ الله، وسمّاني لك؟ فيقول: نعم، فيبكي أبيٌّ.
أتدرون ما الذي أبكاه؟
هو شعورُه بالعناية والاختصاص.
لسانُ حاله: اللهُ يعرفني باسمي ووصفي وخلجاتِ نفسي.
حقًا هو شعورٌ عظيمٌ بالفخر والشرف.
الله أكبر.. كيف لا؟
ألا يعلمُ من خلق وهو اللطيف الخبير.
بلى.. لكنَّ تصوُّرَ العبد لصِغره وضآلته أمام عظمة ربه، وأنَّ العبادَ سواه كثيرٌ يحجبُ عنه ذلك الشعور.
لك أخي المباركُ أن تعيشَ تلك المشاعرَ وتسعدَ بها حينما تستدعي من ذاكرتك أنَّ لك عنايةً واختصاصًا من ربك، حسبك أن تنظر في المرآة لترى الصورةَ التي اختارها الله لك، {هو الذي يصوِّركم في الأرحام كيف يشاء}.
هل تعلم أنَّ لك بصمةً خاصةً في خِلقتك ليس لها نظيرٌ في الخلق؟!
بصمةُ بنانك.. عينك.. أذنك.. صوتك.. عرَقك.. الحِمض النووي، كلُّ شيء فيك يقول لك إنك فردٌ في الخلق ليس منك نسخةٌ مطابقةٌ في كلِّ الكون.
أنتَ إرادةُ الله
فإن اختارك لهدايته وشرح صدرك لعبادته فقد حباك مزيدًا من العناية والاختصاص.
أتحبُّ أن يذكرك؟
اذكرْه.. {فاذكروني أذكركم}.
أتحبُّ أن تكلمه وتناجيه، وتكون لك به خلوةٌ في أيِّ ساعةٍ من ليلٍ أو نهار؟
استقبل قبلتَه مصليًا داعيًا تاليًا، فإنه قُبالةَ وجهك يسمعُك ويُدنيك ويجيبك، لا يزاحمُك عليه أحد.
تقرَّبْ إليه بالنوافل بعد الفرائض، يُحبَّكَ، ويكونَ سمعَكَ وبصرَكَ.
يااااه.. إي والله!!
اسمح لي أن أهمسَ في أذنكَ بالحقيقة الغائبة:
كلُّنا أُبيّ
مختارات