لماذا نتعرف على الله ؟
لا ينكر مسلم أن الغاية التي خلقنا الله من أجلها هي أن نعبده وحده لا شريك له.
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]
فهذه هي الغاية التي خلقنا الله من أجلها، وترى من حولك تخلف الكثير من المسلمين عن هذه الغاية التي خلقوا من أجلها، وهذا واضح في انتشار الذنوب والمعاصي والمنكرات والفساد في واقع حياة الناس.
فما هو السبب في هذا؟
العامل الأساس في هذا الذي نراه من كثرة الذنوب وانتشار الفواحش، هو
جهل الناس برب العالمين.
عدم معرفة الناس بربهم، وعدم التعرف عليه أصلا.
مع أن أغلى علم يمكن أن يتعلمه الإنسان في حياته بل هو المقصود من وجودنا في الحياة أن نتعرف على الله.
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[الطلاق:12]
يخبر تعالى أنه “خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن، وأنزل الأمر، وهو الشرائع والأحكام الدينية التي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم، وكذلك الأوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها، وإحاطة علمه بجميع الأشياء فإذا عرفوه بأوصافه المقدسة وأسمائه الحسنى وعبدوه وأحبوه وقاموا بحقه، فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين، وأعرض عن ذلك، الظالمون المعرضون”[تفسير السعدي]
فالإنسان في أوَّل الطريق عليه أن يتعرّف إلى الله رب العالمين وأن يلْتَفِت إلى الكون لِيَرى عظمة الخالق، فإذا عرف عظمة الخالق هانَ عليه طاعتهُ مهما كان ثمنها باهظًا
إذا عرفت الآمر قبل الأمر هان عليك أمرهُ، فإذا تعرَّفْت إلى أمرهِ قبل أن تتعرَّف إليه صَعُب عليك أمره وهذه هي المشكلة، أننا نستقبل الأوامر دون تعرف على الذي أمرنا بها فتهون علينا الأوامر فنتهاون في تطبيقها.
النبي عليه الصلاة والسلام أمضى مع صحابته الكرام بضْع عشرة سنة يُعَرِّفهم إلى الله سبحانه وتعالى، ويَلْفِتُ نظرهم إلى الكون، وإلى التعرف على رب العالمين.
والله تعالى دعانا في كتابه للتعرف عليه في آيات عديدة
قال تعالى: { قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]
{والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها}[الشمس:1-9]
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[النمل:60-63]
هذه الآيات وغيرها إذا الْتَفَتْنا إليها، وعرفنا مدلولاتها، وعرفنا الخالق العظيم الذي خلقها، والمُرَبِّي الكريم الذي أمدّها، والمُسيِّر الحكيم الذي سيَّرَها، إذا عرفناه حقّ المعرفة هان علينا أن نترك كلّ شيءٍ من أجله.
فإن العبد إذا عرف ربه معرفة حقيقية، سهل عليه تطبيق أمره طواعية.
مختارات