تحروا رشدا
المؤمن الحق يسير إلى ربه، ويطلب منه الصراط المستقيم، بل في كل صلاة يدعو هذا الدعاء، وفي وجهة نظري أن طلبه للصراط
المستقيم، وهو على الإسلام في معنى التثبيت، وفيه معنى الطريق الأمثل في الصراط المستقيم.
استوقفتني آية في سورة الجن وهي قوله تعالى ” وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ”
سبحان الله يخبر الله عزوجل أن من أسلم فهو فإنه لا يضمن نفسه أن يكون من أهل الرشد وإنما قصد الرشد، وفيه معنى أنه
الانسان ربما يقصد الرشد فيما يظهر للناس، وهو قاصد لغير هذا ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم “إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة
حتى مايكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الأجل فيعمل بعمل أهل النار فيكون من أهلها ” وفي بعض روايات البخاري “فيما يبدو للناس “.
وفيها أيضاً: أن طريق الجنة غير مضمون ليكون الإنسان، ليس قولي هذا أن ييئس الناس من رحمة الله وإنما منهج النبي صلى الله عليه وسلم
“لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ” لأن المتأمل في قوله تعالى ” تحروا “يقول أهل اللغة “توخَّوا وعَمَدوا ”،ومعلوم أن التوخي
لايضمن لصاحبه الهدف وهذا مذهب أهل السنة، لايشهدون لأحد في جنة ولا نار ولوكان من أتقى أهل الأرض إلا من ورد فيهم نص.
والعجيب أن ترد هذه الآية في سورة “الجن”فهم من المخلوقات التي لا يراه بني البشر، فناسب أن يذكر التحري وهي الموضع الوحيد -فيما أعلم-
التي وردت بهذا اللفظ فناسب أن يذكر هذا الغير مضمون في سورة الجن الذين لا نراهم.
مختارات