كيف يؤدي المسلم مناسك الحج والعمرة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فإن أحسن ما يؤدي به المسلمُ مناسكَ الحج والعمرة، أن يؤديَها على الوجه الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينال بذلك محبة الله ومغفرته: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31].
وأكمل صفة في ذلك التمتعُ لمن لم يَسُقِ الهديَ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به أصحابه، وأكَّده عليهم، وقال: (لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت، ما سقتُ الهدي، ولأحللت معكم).
* والتمتع: أن يأتي الحاجُّ بالعمرة كاملة في أشهر الحج، ويحل منها، ثم يحرم بالحج في عامه.
العمرة
1- إذا وصلتَ إلى الميقات، وأردت الإحرام بالعمرة، فاغتسل كما تغتسل من الجنابة إن تيسر لك، ثم البس ثيابَ الإحرام إزارًا ورداء، والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غيرَ متبرجة بزينة، ثم قل: " لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ".
* ومعنى " لبيك ": أجبتك إلى ما دعوتني إليه من الحج أو العمرة.
2- فإذا وصلتَ إلى مكة، فطُف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة، تبتدئ من الحجر الأسود وتنتهي إليه، ثم صلِّ ركعتين خلف مقام إبراهيم قريبًا منه إن تيسر أو بعيدًا.
3- فإذا صليتَ الركعتين فاخرج إلى الصفا، واسْعَ بين الصفا والمروة سبعَ مرات سعي العمرة، تبتدئ بالصفا، وتختم بالمروة.
4- فإذا أتممت السعي، فقصر شعر رأسك.
وبذلك تمت العمرة، ففُك إحرامك، والبسْ ثيابك.
الحج
إذا كان ضحى اليوم الثامن من ذي الحجة، فأحرِمْ بالحج من مكانك الذي أنت نازل فيه، فاغتسل إن تيسر لك، والبس ثياب الإحرام، ثم قل: لبيك حجًّا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
1- ثم اخرُج إلى منًى، وصلِّ بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء والفجر، قصرًا بلا جمع.
2- فإذا طلعت الشمس، فسِرْ إلى عرفة، وصلِّ بها الظهر والعصر جمعَ تقديم على ركعتين ركعتين، وامكث فيها إلى غروب الشمس، وأكثِرْ من الذِّكر والدعاء هناك مستقبِلَ القبلة.
3- فإذا غربت الشمس، فسِر من عرفة إلى مزدلفة، وصلِّ بها المغرب والعشاء والفجر، ثم امكث فيها للدعاء والذكر إلى قرب طلوع الشمس، وإن كنت ضعيفًا، لا تستطيع مزاحمة الناس عند الرمي، فلا بأس أن تسير إلى منى آخر الليل؛ لترمي الجمرة قبل زحمة الناس.
4- فإذا قرب طلوع الشمس، فسِر من مزدلفة إلى منى، فإذا وصلت إليها فاعمل ما يلي:
أ- ارمِ جمرة العقبة - وهي أقرب الجمرات إلى مكة - بسبع حصيات متعاقبات، واحدة بعد الأخرى، وكبِّر مع كل حصاة.
ب- اذبح الهدي، وكُلْ منه، ووزِّع على الفقراء، والهديُ واجب على المتمتع والقارن.
ج- احلقْ رأسك أو قصِّره، والحلق أفضل (المرأة تقصر منه بقدر أنملة).
تعمل هذه الثلاثة، مبتدئًا بالرمي، ثم الذبح، ثم الحلق إن تيسر، وإن قدمتَ بعضها على بعض فلا حرج.
وبعد أن ترمي وتحلق أو تقصر، تُحل التحلل الأول؛ فتَلبس ثيابك، ويحل لك جميع محظورات الإحرام؛ إلا النساء.
5- ثم انزل إلى مكة، وطُف طواف الإفاضة (طواف الحج)، واسعَ بين الصفا والمروة سعيَ الحج.
وبهذا تحل التحلل الثاني، ويحل لك جميع محظورات الإحرام حتى النساء.
6- ثم اخرج بعد الطواف والسعي إلى منى، فبِتْ فيها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر.
7- ثم ارمِ الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال، تبتدئ بالأولى، وهي أبعدهن عن مكة، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، تكبر مع كل حصاة، وتقف بعد الجمرة الأولى والوسطى تدعو الله مستقبلَ القبلة، ولا يجزئ الرميُ قبل الزوال في هذين اليومين.
8- فإذا أتممتَ الرمي في اليوم الثاني عشر، فإن شئت أن تتعجل فاخرج من منًى قبل غروب الشمس، وإن شئت أن تتأخر - وهو أفضل - فبِتْ في منى ليلة الثالث عشر، وارمِ الجمرات الثلاث في يومها بعد الزوال؛ كما رميتها في اليوم الثاني عشر.
9- فإذا أردت الرجوع إلى بلدك، فطُف عند سفرك بالكعبة طوافَ الوداع سبعة أشواط، والحائض والنفساء ليس عليهما طواف الوداع.
زيارة المسجد النبوي في المدينة
1- تتوجه إلى المدينة قبل الحج أو بعده، بنيَّةِ زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه؛ لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام.
2- فإذا وصلت إلى المسجد، فصلِّ فيه ركعتين تحية المسجد، أو صلاة الفريضة إن كانت قد أقيمت.
3- ثم اذهب إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقف أمامه، وسلم عليه قائلاً: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، صلَّى الله عليك وجزاك عن أمتك خيرًا.
ثم اخطُ عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام أبي بكر، وسلم عليه قائلاً: السلام عليك يا أبا بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا.
ثم اخطُ عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام عمر، وسلم عليه قائلاً: السلام عليك يا عمر أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا.
4- واخرج إلى مسجد قباء متطهرًا وصلِّ فيه.
5- واخرج إلى البقيع، وزُرْ قبر عثمانَ - رضي الله عنه - فقف أمامه، وسلم عليه قائلاً: السلام عليك يا عثمان أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا، وسلِّم على من في البقيع من المسلمين.
6- واخرج إلى أُحُد، وزر قبر حمزةَ - رضي الله عنه - ومَن معه من الشهداء هناك، وسلِّم عليهم، وادع الله - تعالى - لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان.
فائدة:
* يجب على المحرم بحج أو عمرة ما يلي:
1- أن يكون ملتزمًا بما أوجب الله عليه من شرائع دينه؛ كالصلاة في أوقاتها مع الجماعة.
2- أن يتجنب ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والعصيان: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].
3- أن يتجنب أذية المسلمين بالقول أو الفعل عند المشاعر أو غيرها.
4- أن يتجنب جميع محظورات الإحرام:
أ- فلا يأخذ شيئًا من شعره أو ظفره، فأما نقشُ الشوكة ونحوه؛ فلا بأس به وإن خرج الدم.
ب- ولا يتطيب بعد إحرامه في بدنه أو ثوبه، أو مأكوله أو مشروبه، ولا يتنظف بصابون مطيب، فأما ما بقي من أثر الطيب الذي تطيب به عند إحرامه؛ فلا يضر.
ج- ولا يقتل الصيد، وهو الحيوان البري الحلال، المتوحش أصلاً.
د- ولا يباشر لشهوة بلمس أو تقبيل أو غيرهما، وأشدُّ من ذلك الجماع.
هـ- ولا يعقد النكاح لنفسه ولا غيره، ولا يخطب امرأة لنفسه ولا غيره.
و- ولا يلبس القفازين، وهما شراب اليدين، فأما لفُّ اليدين بخرقة فلا بأس به، وهذه محظورات على الذكر والأنثى.
* ويختص الرجل بما يلي:
أ- لا يغطي رأسه بملاصق، فأما تظليله بالشمسية، وسقف السيارة، والخيمة، وحمل العفش عليه؛ فلا بأس به.
ب- لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا السراويل، ولا الخِفَاف؛ إلا إذا لم يجد إزارًا، فيلبس السراويل، أو لم يجد نعلين، فيلبس الخفاف.
ج- لا يلبس ما كان بمعنى ما سبق، فلا يلبس العباءة، ولا القباء، ولا الطاقية، ولا الفنيلة ونحوها.
* ويجوز أن يلبس النعلين، والخاتم، ونظارة العين، وسماعة الأذن، وأن يلبس الساعة في يده، أو يتقلدها في عنقه، وأن يلبس الهميان والمنطقة، وهما ما تجعل فيه النفقة، ولو كان فيهما خياط.
* ويجوز أن يتنظف بغير ما فيه طيب، وأن يغسل ويحك رأسه وبدنه، وإن سقط بذلك شعر بدون قصد، فلا شيء عليه.
* والمرأة لا تلبس النقاب، وهو ما تستر به وجهها منقوبًا لعينيها فيه، ولا تلبس البرقع أيضًا، والسُّنة أن تكشف وجهها؛ إلاَّ أن يراها رجال غير محارم لها، فيجب عليها ستره في حال الإحرام وغيره.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مختارات