التسجيل في مدرسة الأجيال
يحلُّ الزائر الكريم ويبدأ الموسم العظيم … إنه شهر رمضان.
شهرٌ جاء التنويه به في القرآن والسنة، وتكاثرت فضائله والتي منها: أنه إذا حلَّ يقال: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
إنَّ هذا الشهر الذي الذي تكرر حلوله بساحة الأمة مرة فيما مضى، وهذه هي المرة الحادية والعشرين بعد الأربعمائة والألف، قد تخرَّج في مدرسته أجيالٌ وأجيال، حيث إنه يهيئ الفرصة (للجادين) لينتقلوا بأنفسهم من الخطأ إلى الصواب، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الفشل إلى النجاح، ومن الهزيمة إلى الفوز، ومن كل نقص إلى كلِّ كمال، ليس في مجال واحدٍ فحسب، ولكن في مجالات عديدة: دينية، واجتماعية، واقتصادية، وجهادية، وغير ذلك.
وحسبك منه ذلك: الانتصار على دعوات (النفس الأمَّارة بالسوء) حيث استطاع المسلم ـ بصيامه لربه ـ أن تنتصر إرادتُه انتصاراً يجد لَذَّتَهُ ويحسُّ بنشوته في مغرب كل يوم: " فرحةٌ عند فِطْرِه ".
** وإذا ما شئتَ مثالاً مؤكداً لما تقدم:
فلك أن تلاحظ ذلك المسلم العاصي الذي يدمن الخمر ولا يتورع عن شربها ليل نهار، لكن في رمضان لو أراد أحدٌ أن يجبره على رشفة ماء زلال حلال لخاصمه أشد مخاصمة !!.
إنها مدرسة ترتقي بالناس إلى كل فاضل، كما قال تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( [2].
ولكن ذلك إنما هو للجادين الصادقين. وهاهي تشرع أبوابها للتسجيل الذي قد لا تتهيأ فرصته في مرةٍ قادمة، فكم من مؤملٍّ لغدٍ لا يدركه، وكم من مقيم بين الأحياء في الصبح أمسى بين أهل القبور، وكم من مؤمل إدراك الشهر لا يبلغه. والله المستعان.
نسأل الله تعالى أن يَهَبَ لنا من لَدُنه رحمةَ، إنه هو الوهاب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[2]) سورة البقرة، الآية: 183.
مختارات