قصص القرءان بين التأمل والاعتبار
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد،
ألا وإن المرء المؤمن حينما يغشى معالم كتاب ربه، بقلب غير مقفول، لهو كمتعبد يغشى في مصلاه، ولربما أكرمه مولاه جراء تدبره فلم يخطئ دمع عينه مجراه، يغدو في خمائل القصص والعبر، ينزح من هذه وينهل من تلك، متأول قول ربه سبحانه: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[يوسف:111].
إن مثل آيات القصص عباد الله، لجديرة بحق أن نقف عند معانيها، وما ترمي إليه من دروس وعظات، ينبغي ألا تذهب هدراً على ذوي الألباب، إذ ليس شيء أنفع للمرء من تدبر القرآن، وإطالة النظر في عواقب المثلات التي قد عفت، فيرى لعن اليهود ومسخهم، ويقرأ غرق فرعون ذي الأوتاد، وخسف قارون ويتأمل عذاب إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد.
فيعيش المرء مع القرآن حتى كأنه في الآخرة، ويغيب عن الدنيا حتى كأنه خارج عنها: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال:2].
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليم كثيرا.
مختارات