النسمة الخامسة - أين الله (6)
كيف تتعلم الحياء وتحسن المراقبة؟
1. أسلوب سهل سهل: قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل، فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك؟! فقلت: كيف أذكره؟! فقال: قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك: الله معي.. الله ناظري.. الله شاهدي.
فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته به، فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة، فقلته فوقع في قلبي حلاوة، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمت، ودم عليه حتى تدخل القبر؛ فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، تم قال لي خالي يوما: يا سهل، من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده، أيعصيه؟!.
إياك والمعصية: أخي الحيي.. إذا غاب العقل وغلبت الشهوة ودنا الذنب وسكر القلب.. تذكر: الله معي.. الله ناظري.. الله شاهدي.
إذا غاب الرقيب.. وفقد الشهيد.. ونامت العيون.. تذكر الله معي..الله ناظري.. الله شاهدي.
2. استحضار نعم الله: كم مرة مرضت فيها فشفاك، ونزلت بك نازلة فنجاك، وألم بك الجوع العطش فأطعمك وسقاك، وابتلاك المصائب ليغفر لك الذنوب، وقصدك بالبلايا ليمحو الخطايا، أنعم عليك بالإسلام وملايين البشر في بحار الكفر غارقون، وأفاض عليك بنعم السمع والبصر والفؤاد والمحرومون كثيرون، تبارزه بالمعاصي ويحبك، وتعصيه ويغفر لك، ستر الله عليك ويوالي أستاره عليك، تسيء فيحسن، وتذنب فينعم، وتقطعه فيصلك، لايمنعه إساءة لسانك بالكذب أن يحرمك نعمة الكلام، ولا إساءة بالنظر إلى الحرام إلى أن يحرمك نعمة الإبصار، ولا إساءة الأذن بالاستماع إلى المحرم والفحش من القول إلى إصابتك بالصم. أنعم عليك بنعم تعرفها ونعم لا تعرفها، نعم تشعر بها ولا تحس بها، نعم أورثك اعتياد رؤيتها نسيان شكرها، فلا تعرف ثمنها إلا بفقدها.
واعظ الرشيد: دخل محمد بن صبيح الشهير بابن السماك على هارون الرشيد وفي يده شربة ماء فقال: أرأيت إن حرمك هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟! قال: بنصف ملكي. قال: أرأيت إن حرمت خروجها منك بعد شربها فبكم كنت تشترى ذلك. قال: بملكي كله. قال ابن السماك: ملك لا يساوي شربة وبولة.
أربع وعشرون ألف نعمة يوميا!! قال ابن القيم: " ويكفي أن النفس من أدنى نعمة التي لا يكادون يعدونها، وهو أربعة وعشرون ألف نعمة كل يوم وليلة، ولكل نعمة من هذه النعم حق من الشكر يستدعيه ويقتضيه ".
أساتذة الأعراب يعلمون فيها ولا تعرف لتشكرها، فأعجبه ذلك وقال: ما أحسن تقسيمه!!. يحكي أن أعرابيا دخل على هارون الرشيد فقال له: يأمير المؤمنين.. ثبت الله النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها، وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به، وعرّفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها "، فأعجب الرشيد كلامه وقال: ما أحسن تقسيمه.
مختارات