اسم الله الباسط 1
من أسماء الله الحسنى : ( الباسط ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " الباسط " القابض " الباسط " .
ورود اسم الباسط في السنة الصحيحة :
الباسط في اللغة :
بسط الكف على أنواع منها :
2 ـ الأخذ : تارةً للأخذ" وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ " [الأنعام:93] .من معاني الباسط :
1 ـ يبسط الرزق لعباده بجوده وكرمه : ولكن لو قلنا الله جلّ جلاله هو " الباسط " هو الذي يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته .
مرة أطلعتُ على سنبلة أصلها حبة قمح واحدة ، أنبتت هذه الجبة خمس وثلاثين سنبلة ، عددت إحدى السنابل فإذا فيها خمسون حبة ، ضربت خمسة وثلاثين بخمسين ، ألف وسبعمئة وخمسون حبة من حبة ، أحياناً يقول لك : الكيس أعطى مئة كيس ، أحياناً يعطي الكيس كيسين .
" الباسط " في الرزق الذي يعطي بلا حساب ، هو الذي يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته ، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته .
مرة طبيب توفي رحمه الله ، كان عضواً في لجنة حوض دمشق ، قال لي : انخفاض المياه في حوض دمشق ينبئ بمشكلة كبيرة جداً ، ربما اضطر أهل دمشق أن يغادروا دمشق ، تكلم كلاماً لم يمكّن الإنسان أن يقف على قدمه ، هذه قصة قديمة ، في العام الذي يليه نزل 350 مم ، والمعدل السنوي 200 ، هناك ينابيع تفجرت ، وقد انتهت من ثلاثين عام ، مياه بعض القرى وصلت إلى دمشق ، فإذا الله أعطى أدهش .
" الباسط " يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته ، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته ، فيبتليهم على ما تقتضيه مشيئته وحكمته ، فإن شاء وسع ، وإن شاء قتر ، فهو " الباسط " القابض .
تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز :
لكن يجب أن نعلم علم اليقين أنه إذا قبض ، أو إذا قنن فتقنين تأديب لا تقنين عجز ، إذا قبض بما تقتضيه حكمته الباهرة ، لا لشيء آخر ، لأن خزائن ملكه لا تفنى .
ومواد جوده لا تتناهى ، كما قال تعالى : " لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [الشورى:12] كنت مرة في العمرة ، فاطلعت على مجلة علمية رصينة فإذا فيها بحث لفت نظري ، قال:هناك في الفضاء الخارجي سحابة ، يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم الواحد بالمياه العذبة .طبعاً يؤكد أن تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز قوله تعالى : " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ " [الشورى:27] لذلك قالوا : الله سبحانه وتعالى علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون .
إنسان له دخل محدود ، صائم ، مصلٍّ ، صالح ، يا ترى لو كان دخله غير محدود كيف يكون ؟ لا أحد يعلم إلا الله ، لذلك في حكمة بالغة أن الحكيم عليم ، حكيم عليم . النمط الغربي في الحياة مع التفلت ، مع الإباحية ، هو النمط السائد في الأرض الآن ، النمط الغربي في الحياة ، انعدام الضوابط ، الاستمتاع بالحياة إلى أقصى درجة ، الصد عن سبيل الله ، هذا النمط إذا ساد في العالم الإسلامي الإنسان لن يتوب لأنه يرى هؤلاء هم القادة ، هم السادة ، هم الراقون .
اقتران الباسط مع القابض لأن الاسمين متكاملان :
بعض أهل العلم يرى أنه ينبغي أن نقول القابض " الباسط " الضار النافع ، المعطي المانع ، المعز المذل ، لأن كلاً من هذين الاسمين متكاملان ، هو يضر لينفع ، ويذل أحياناً ليعز ، ويأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي ، فقد ورد : " إن هذه الدنيا دار التواء لا در استواء " لا تستقيم لأحد نجح في زواجه ، ولم ينجح في عمله ، نجح في عمله لم ينجح في زواجه ، نجح في زواجه وفي عمله ويعاني من صحته .
" إن هذه الدنيا دار التواء لا در استواء ومنزل ترح لا منزل فرح فمن عرفها ـ عرف حقيقتها ـ لم يفرح لرخاء " لأنه مؤقت ، الموت ينهي الرخاء ، ينهي القوة ، ينهي الغنى ، يلغي الوسامة ، يلغي كل شيء .
" فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي " [من كنز العمال عن ابن عمر] .
الله عز وجل لا يسلب من مؤمن نعمة ما إلا ليزيده قرباً منه :
" أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده " .
أسماء الله كلها حسنى وكل واحد منها يفيد المدح والثناء على الله بنفسه :
لابدّ من أن تقول القابض الباسط ، والمعطي المانع ، والمعز المذل ، قال هذا كلام لا بأس به لكن فيه نظر ، أي يحتاج إلى تحفظ ، ما هو التحفظ ؟ قال : أسماء الله كلها حسنى ، الضار من أسمائه الحسنى ، لو لم تقرنه بالنافع أسماء الله كلها حسنى ، وكلها تدل على الكمال ، وكل واحد منها يفيد المدح والثناء على الله بنفسه ، من دون اسم آخر ، وإن ذُكرا مقترنين زاد الكمال فيهما ، في وصف رب العزة والجلال ، كما هو الحال عند اقتران الحي القيوم ، والرحمن الرحيم ، والغني الكريم ، والقريب المجيب ، هذه كلها من أسماء الله الحسنى .
فالقول بالوجوب ذكر الاسمين معاً قال : وإن كان مستحسناً يعني المستحسن أن تقول الضار النافع ، والمعطي المانع ، والمعز المذل ، والخافض الرافع .
الأعمال الصالحة تجعل عمر الإنسان مديداً من حيث الثمرة :
فكيف يقول النبي الكريم : " مَن سَرّه أن يَبْسُط الله له في رزقه ، وأن يَنْسَأ له في أَثَره "[البخاري] فسر العلماء هذا الكلام، الإنسان فتح محله التجاري ساعة، ربح صفقة بمليون ، وإنسان فتح محله عشر ساعات ربح مئة ليرة ، الزمن ليس له قيمة ، القيمة بالربح .فالإمام الشافعي عاش أقل من خمسين عاماً ، هناك علماء كبار ، ابن باديس بالجزائر عاش أقل من خمسين عاماً ، هناك عمالقة في العلم عاشوا أقل منه ، وتركوا أثراً لا يمحى ، وهناك أناس يعيشون مئة وخمسة وعشرين عاماً ، ما قدموا شيئاً .
لذلك معنى " يَنْسَأ له في أَثَره " يعني يعطي أعمالاً صالحة تجعل عمره مديداً من حيث الثمرة ، وهناك حديث : "إن الله عز وجل يمهل حين يذهب ثلث الليل الأول ، ثم ينزل إلى السماء الدنيا فيقول : هل من مستغفر فأغفر له ، هل من سائل فأعطيه ، هل من تائب فأتوب عليه ، حتى ينفجر الفجر " [الدار قطني] وهذه والله نصيحة ، حينما تتعقد الأمور ، حينما تلوح أشباح المصائب ، حينما يضيق الأمر ، حينما تغلق الأبواب ، استقيظ قبل صلاة الفجر ، وصلِّ ركعتين واسأله في السجود حاجتك من خير الدنيا والآخرة .
التهنئة الحقيقية حينما يعرف الإنسان ربه ويصطلح معه ويتصل به :
وظيفة الإنسان في الدنيا معرفة الله والاستقامة على أمره :
إظهار الإنسان ما عنده والاستكبار على غيره صفة مذمومة :
مرة سألني أخ عن معنى هذه الآية ؟ قلت له : إذا شخص يُساق إلى الإعدام وعليه مخالفة سير يسامح بمخالفة السير " وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ " .الله عز وجل جعل الآخرة لمن لا يريد علواً ولا فساداً في الأرض :
أحياناً إنسان يقف أمام بيت جميل تذوب نفسه ألماً ، هنيئاً لأصحاب هذا البيت .
التعقيب :" تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [القصص:83-84] .
الشاهد في الآية " يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ " ولما كان يوم أُحد وانكفأ المشركون قال عليه الصلاة والسلام : " اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك ، اللهم إني أسألك النعيم يوم القيامة والأمن يوم الخوف ، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين ، غير خزايا ولا مفتونين "[أحمد عن ابن رفاعة الزرقي] .منهج الدعاة يقوم على التخويف وبث الرجاء في قلوب الناس في آن واحد :
أيها الأخوة ، قالوا القابض الذي يكاشفك فيقيك ، و " الباسط " الذي بجلاله يكشفك بجماله فيبقيك ، فأنت بين أن يقيك ، القابض ، وبين أن يبقيك ، بالقبض يقيك ، يمنعك أن تعصيه ، يمنعك أن تشقى إلى أبد الآبدين ، هو القابض " الباسط " القابض الذي يقبض الصدقات ، يأخذها بيمينه ، من أربابها فيربيها .
" الباسط " يبسط النعمة فينميها ، إذاً : يقبض الصدقات ، ويبسط النعم ، والقابض هـو الذي يخوفـك من فراقـه ، و " الباسط " يؤمن بعفوه وإطلاقه .
الإمام الغزالي يقول : القابض " الباسط " من العباد من أُلهم بدائع الحكم ، وأوتي جوامع الكلم ، داعية يخوف ويطمئن ، يعبد الله خوفاً وطمعاً ، يذكر أحوال أهل النار وأحوال أهل الجنة ، يذكر عقاب الله وعدله ، يذكر رحمته وفضله ، في توازن ، هناك دعاة يعتمد التخويف فقط ، تخرج محطماً من كلامه ، جهنم ، والثعابين ، غفور رحيم : يكون رحيماً حتى يدعو الناس إلى المعصية ، لا ، ينبغي أن تكون متوازناً بين التخويف وبث الرجاء في قلوب الناس .
على الإنسان أن يؤمن بالله العظيم من خلال آياته الكونية ويحبه من خلال نعمه :
طبعاً أختم هذا الاسم " الباسط " بأثر قدسي ، أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قال : " يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال : أحب عبادي إلي تقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحد بسوء ، أحبني ، وأحب من أحبني ، وحببني إلى خلقي " .
الأثر القدسي قال : " يا رب إنك تعلم إني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ـ هذا توجيه للدعاة ـ ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي " ذكرهم بآلائي كي يعظموني ، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني ، فلابد من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله ." ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي " هذا منهج للدعاة .