اسم الله الفتاح 2
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الفتاح ) :
أيها الأخوة الأكارم ، لا زلنا في اسم " الفتاح " .
حرص الإنسان على وجوده وسلامة وجوده و على رزقه :
قبل أن نتابع الحديث عن هذا الاسم العظيم لابدّ من مقدمة : الله عز وجل أراد أن يكون الإنسان كائناً متحركاً ، ما الذي يبعثه على الحركة ؟ حاجات أودعها فيه ، حاجاته إلى الطعام والشراب ، حفاظاً على وجوده ، وحاجاته إلى الطرف الآخر، إلى المرأة، وحاجة المرأة إلى الرجل حفاظاً على بقاء النوع ، وحاجات إلى تأكيد ذاته حفاظاً على الذكر ، فالآن الله سبحانه وتعالى أودع بالإنسان هذه الحاجات الأساسية لذلك هو كائن متحرك يبحث عن عمل ليأكل ، يبحث عن زوجة لينجب ، يبحث عن عمل يرفع ذكره بين الناس .
الشيء الآخر : أن هذا الكون تنتظمه قوانين بالغة الدقة ، مليارات القوانين ، وأن الله سبحانه وتعالى لحكمته البالغة ثبت كل هذه القوانين تثبيتاً مطلقاً ، فالحديد حديد لا يتبدل والذهب ذهب ، خصائص المعادن ثابتة ، خصائص المواد ثابتة ، حركة الأفلاك ثابتة ، ملايين القوانين ثابتة ، كي تنتظم الحياة ، ولكن لحكمة بالغةٍ بالغة ، حرك شيئين ، حرك الصحة ، وحرك الرزق ، لتكون الصحة والرزق وسيلتين لتأديب الإنسان ، فالإنسان حريص حرصاً لا حدود له على بقائه ، وعلى وجوده ، وعلى سلامة وجوده ، وعلى كمال وجوده ، وعلى استمرار وجوده ، وحريص على رزقه .
فلذلك هذه القضية الأولى قضية الوجود ، وسلامة الوجود ، وكمال الوجود ليست ثابتة ، والقضية الثانية قضية الرزق ليست ثابتة ، تجد إنساناً أموره ميسرة ، وإنساناً أموره معسرة .
الله عز جل بيده أبواب كل شيء : أيها الأخوة ، الآن قد تُغلق أمام إنسان أبواب الرزق ، كلما طرق باباً أُغلق يعني أن الله سبحانه وتعالى يفتح لعبده المؤمن باب رزق حلال ، هو " الفتاح " يفتح باب الرزق ، قد يأتي عضال مستحكم ، يجمع الأطباء على أنه لا أمل في الشفاء فيفتح الله لهذا المؤمن باب الشفاء .
أعرف صديقاً ، أجمع الأطباء وهم قمم على أن الورم الخبيث في الرئة ليس هناك من أمل في الشفاء ، والقضية قضية وقت ، يعني أشهر ، والقصة طويلة ، والله سبحانه وتعالى فتح له باب الشفاء والقصة من اثنتين وعشرين عاماً ، والآن حي يرزق يتمتع بأعلى صحة ، والذين أجمعوا على أنه لا أمل في شفائه أطباء كبار ، من هذا البلد ومن بلد بعيد .
فتح باب الشفاء ، فتح باب الرزق .
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظن أنها لا تفرج
* * *
من فتح لك باب الشفاء ؟ من فتح لك باب الرزق ؟ من فتح لك باب الزواج ؟ من فتح لك باب الإنجاب أنجبت أولاداً أبراراً ؟ من فتح لك باب العمل ؟ من فتح لك باب العمل الصالح ؟ من فتح لك باب الدعوة إلى الله ؟ من أطلق لسانك ؟ من جعلك تعلو عند الناس ؟ هو " الفتاح " ، " الفتاح " العليم ، العوام يقولون : يا فتاح يا عليم ، يا رزاق يا كريم هو يعلم ما أنت عليه ، يعلم نواياك ، يعلم إخلاصك .
الأمر بيده، هذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
مهمة الإنسان الأولى طاعة الله عز وجل والانصياع لأوامره : الحقيقة التوحيد مريح ، أنت حينما تجمع كل علاقاتك مع جهة واحدة ترتاح .
" فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ " [الشعراء:213] .
المؤمن علاقته بربه ، وكأن مهمة المؤمن محصورة في شيئين ، لا ثالث لهما والدليل :
" بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ " [الزمر:66] تنتهي مهمتك في طاعة الله ، عليك أن تطيعه والله سبحانه وتعالى متكفل لك بكل شيء .
" ابن آدم اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء " [تفسير ابن كثير] .
ويا رب ماذا فقد من وجدك ، وماذا وجد من فقدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ .
ارتباط اسم الفتاح بالمؤمن أشد الارتباط :
إذاً حينما تغلق أبواب الرزق يفتح الله لك باباً واسعاً من رزق حلال وفير ، وحينما تغلق أبواب الأمل في شفاء من مرض عضال يفتح الله لك باب الشفاء التام ، علاقتك بالله عز وجل ، وحينما تحصر علاقتك بالله وحده لا يخيب ظنك ، وهذا أدق ما في اسم " الفتاح " .
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت و كان يظن أنها لا تفرج
* * *
أعرف صديقاً آخر أنجب مولود بولادة عسرة ، واضطر الطبيب أن يسحبه بآلة شفط، سببت له أذية في الدماغ ، فأنا سمعت من أطباء كُثر وكبار هذا الطفل من أذية الدماغ إما أنه سيصاب بالشلل ، أو بالعمى ، أو بأمراض وبيلة ، وتواترت أقوال الأطباء ، واستحكم الألم بنفس أبيه ، وتمنى أن يأتي ميتاً ، أما هذا سيعيش معاقاً ، وسيكون عبئاً على والديه لكن الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، والثقة بالله فتح له باب الشفاء ، والآن يحمل شهادة عليا من الأزهر ، ويعمل في عمل طيب .
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت و كان يظن أنها لا تفرج
* * *
حينما تعقد الأمل على الله ، وحينما لا ترجو غير الله ، ولا تدعو غير الله ، ولا تثق بغير الله ، أنت حينما تتوجه إلى الله، فالله فتاح عليم ، يعلم إخلاصك في الدعاء ، ويعلم استقامتك ، والأمر بيده ، أنت قوي بالله ، الله عز وجل بيده كل شيء ، الله غني ، أنت غني بالله ، الله قادر أنت قادر بالله ، الله عليم أنت تعلم بالله .
فلذلك باب الغنى يفتحه " الفتاح " وباب النجاة من الظلام يفتحه " الفتاح " وباب الزواج يفتحه " الفتاح " وباب العمل يفتحه " الفتاح " وباب الدراسة العليا يفتحها " الفتاح " وباب النجاح في العمل يفتحه " الفتاح " هذا الاسم يرتبط أشد الارتباط بالمؤمن .
" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " :
الآن كلمة : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " [الطلاق:2] بالآية معنى ظني ، أنه أنت وجدت في مكان ولم تجد مخرجاً ، أنت في حيرة ، في حيص بيص كما يقال ، في قلق شديد ، ليفتح لك باباً ليفرج عنك يجب أن تكون متقياً لله ، هذا الذي عليك .
الإنسان مخير والاختيار يثمن عمله :
الآن نعود للآية مرة ثانية : " بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ " مهمتك أن تطيعه ، وأن تعبده، والعبادة كما تعلمون طاعة طوعية ، وليست قسرية ، الأقوياء يطاعون قسراً ، لكن الله سبحانه وتعالى ما أرادك أن تطيعه قسراً .
" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ " [البقرة:256] أرادك أن تأتيه بمبادرة منك ، أرادك أن تحبه ، أرادك أن تكون حراً ، تطيعه أو لا تطيعه ، تصلي أو لا تصلي ، تصوم أو لا تصوم ، تصدق أو لا تصدق ، ترحم أو لا ترحم أنت مخير ، والاختيار يثمن عملك .
" فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " [الكهف:29] .
" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً " [الإنسان:3] .
" وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ " [البقرة:148] .
جعلك مريداً وجعلك مختاراً ، ليثمن عملك ، ولولا أنك مختار ، لولا أنك مريد لولا أن الله سبحانه وتعالى منحك إرادة لا قيمة لا لطاعتك ، ولا لانضباطك ، تطيعه مختاراً تلتزم منهجه مختاراً ، تقبل عليه مختاراً ، تصلي له مختاراً ، تتقرب له مختاراً ، لأن الله سبحانه وتعالى منحك إرادة حرة إذاً عملك له قيمة .
إذاً حينما تثق به يفتح لك ما أغلق من الأبواب ، بل يفتح لك ما استعصى عليك من الأبواب ، بل يفتح لك أبواب كل شيء .
أمور كل إنسان بيد الله عز وجل :
اليوم انتقلنا إلى التوحيد ، التوحيد واضح جداً في هذه الآية : " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا " [فاطر:2] .
أي إذا أرادك الله بخير لو اجتمع أهل الأرض ليمنعوا عنك هذا الخير لن يستطيعوا ، وإذا أراد الله أن يعالج إنساناً لحكمة بالغةٍ بالغة لو اجتمع أهل الأرض على أن يمنعوا هذه المعالجة أن تصيبه لن يستطيعوا .
دخلت لدائرة ، عشرة طوابق ، كل طابق فيه عشرات الموظفين ، وأمرك لا يوافق عليه إلا من قبل المدير العام ، هل يعقل أن تبذل ماء وجهك لغير المدير العام ؟ ما يبده شيء .
وأنت حينما تؤمن أن أمرك بيد الله ، زواجك بيد الله ، صحتك بيد الله ، من هم فوقك بيد الله ، من هم دونك بيد الله ، الطواغيت الكبار في الأرض بيد الله ، هم عصي بيد الله .
" فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " [هود:55-56] .
آيات قرآنية تبث الأمن في النفس : هناك آيات تبث الأمن بنفس الإنسان .
" اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " [الزمر:62] .
" لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ " [الأعراف:54] .
" مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً " [الكهف:26] .
" وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ " [الزخرف:84] .
" وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ " [هود:123] .
إذاً " الفتاح " ينقلك إلى التوحيد .
كل شيء في الحياة فتوح من الله عز وجل : " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [فاطر:2] كل علاقتك بيد الله عز وجل .
أيها الأخوة ، سمعنا كثيراً عن السلف الصالح عن علماء المسلمين السابقين ، أنهم إذا رأوا شاباً متفتحاً ، متوثباً لطاعة ، مشتاقاً لقرب الله عز وجل يقولون له : فتح الله عليك فتوح العارفين ، العلم فتح ، والتوفيق فتح ، والنجاح بالزواج فتح ، والنجاح بالعمل فتح ، والنجاح بامتلاك ثقة الناس فتح ، هذا كله فتح ، الله عز وجل فتاح ، كما تحدثنا في الدرس السابق فاتح اسم فاعل ، لكن الفتاح صيغة مبالغة لاسم الفاعل .
وكان بعض العلماء إن رأوا شاباً ليس صادقاً في طلبه،ليس منضبطاً يقولون له:يا ولدي فتوحك على يد غيرنا .
معاني اسم الفتاح :
1 ـ الفتاح يفتح لك أبواب كل شيء : الآن هناك موضوع آخر " الفتاح " بالمعنى الأول يفتح لك باب العلم ، باب الرزق باب العمل ، باب الدراسة ، باب الزواج ، باب الإنجاب ، باب إنجاب أولاد صالحين .
2 ـ الله يفصل بين الصراعات بين الأفراد والصراعات بين الشعوب : المعنى الثاني : في الصراعات بين الأفراد ، في الصراعات بين الشعوب ، في الصراعات كما هو مصطلح حديث بين الحضارات ، الله هو " الفتاح " الآية : " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [الحج:17] .
الحياة مفعمة بالصراعات .
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
* * *
كل جهة تدعي أنها على حق ، وأنها المصيبة ، وأنها تعمل وفق المنطق ، ووفق المصلحة ، هذا ادعاء ، لكن من يفصل ؟ أحياناً يختلف زوجان ، تستمع إلى كل منهما تؤخذ بكل واحد منهما ، الأول معه الحق ، والثاني معه الحق .
يروى أن شخصاً عمل قاضياً ، فجاءه متخاصمان ، تكلم الأول فأفاض ، قال له : والله معك حق ، تكلم الثاني فأفاض ، قال له : معك حق ، فيبدو زوجته من وراء الستار تسمع كلامه ، قالت له : كيف تقول هذا الكلام لهذا ولهذا معاً ؟ قال له : والله أنت معك حق أيضاً .
الله عز وجل يفصل بين الناس في كل ما يختلفون فيه :
تجد كل شخص معه حجج ، كل شخص ينظر من زاويته ، شيء يحير ، من الذي يفصل بين هذه الخصومات ؟ هذه الصراعات ، هذه المنازعات ، هذا التنطع " اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
هناك آية ثانية : " إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " [السجدة:25] هذا المعنى أحياناً له حالات خاصة ، يعني زوجان يختلفان ، يتشاجران ، ينتهي الأمر بينهما بالطلاق ، الله كيف يفصل بينهما ؟ الطرف المظلوم يوفق في زواجه القادم وكـأن هذا حكم الله عز وجل ، شريكان يختلفان ، ثم يفترقان ، الشريك الظالم لا يوفق في عمله القادم ، والشريك المظلوم يوفق في عمله القادم ، فهذا واضح جداً في حالات الخلافات الزوجية ، والخلافات بين الشركاء ، الله عز وجل يفصل ، بمعنى يوفق ، من عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس به .
" قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ " [الأنعام:91] .
من عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس به :
إذا كان الله معك فمن عليك ، هذه تعمل قوة شخصية ، ما دام أنت مستقيم ، ما دام أنت واثق من استقامتك ، من التزامك ، واثق من نواياك الطيبة ، لا تعبأ بكلام الناس ، إرضاء الناس غاية لا تدرك ، لا تعبأ بهم " قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ " .
" فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " [النمل:79] أي من عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس به ، أنا أقول لا يعبأ لا استخفافاً بالناس ، ولكن وثوقاً باستقامته ، وثوقاً بنيته الطيبة ، لا تعبأ إلا أن هناك معنى فرعياً يقتضي أن يكون واضحاً ، لا تضع نفسك موضع التهمة ، ولو كنت نقياً نظيفاً ، لا تضع نفسك موضع التهمة ، ثم تلوم الناس إذا اتهموك .
هناك موقف للنبي الكريم رائع جداً ، يمشي في الليل مع زوجته صفية ، مرّ صحابيان كريمان ، فقال عليه الصلاة والسلام : على رسليكما ، انتظرا ، هذه زوجتي وضح ، البيان يطرد الشيطان .
في حساب بينك وبين إنسان ، لا تقول له الحساب أصبح واضح اً، لا ، بيّن له الحساب ، بيّن ، البيان يطرد الشيطان .
السعيد من أطاع الله عز وجل والشقي من بعد عن الله عز وجل :
إذاً المعنى الأول : " فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " .
" قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ " .
ولا تقلق إذا كنت على حق ، والناس توهموا أنك لست على حق ، أنا أضرب هذا المثل :
إذا عندك كيلو معدن ، وليكن ذهباً خالصاً ، واتهمك الناس أن هذا المعدن ليس ذهباً خالصاً ، بل هو معدن خسيس ، من الرابح ؟ أنت، مع أن الناس توهموا أن هذا المعدن الذي بحوزتك ليس ذهباً خالصاً ، وهو في الحقيقة ذهب خالص ، أنت الرابح الأول ، ولو كنت تملك معدناً خسيساً ، وبذكاء ، وطلاقة لسان أوهمت الناس أنه معدن ثمين أنت الخاسر الأول ، فالمشكلة معك .
" طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ " [النمل:47] .
" طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ " [يس:19] .
يعني أنت تكون سعيداً بطاعتك لله ، والإنسان يشقى ببعده عن الله ، وكلام الناس لا يقدم ولا يؤخر ، يعني بشكل أو بآخر لو أن أهل الأرض ذموك ، وأنت لست معنياً بهذه الصفات لا تقلق ، من عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس به ، ولو أن أهل الأرض مدحوك ولم تكن على حق ، هذا المديح لا يقدم ، ولا يؤخر ، علاقتك مع الله .
الأمر بيد الله فمن تعلق بالدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه شمله :
بعض الآثار القدسية : " عبدي خلقت لك السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن ، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين ، عبدي لي عليك فريضة ، ولك علي رزق ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ، وعزتي وجلالي ، إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية ، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي ، وكنت عندي مذموماً ، أنت تريد ، وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد " .
الأمر بيد الله ، أنت تريد يا عبدي " وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد " .
" من أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه ، وجمع عليه شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومـن أصبـح وأكبـر همــه الدنيـا جعــل الله فقــره بين عينيـه وشتت عليـه شملـه ، و لـم يؤتـه من الدنيـا إلا مـا قـدر لــه " [الترمذي] .
وقد قيل : ما تعلق أحد بحب الدنيا إلا أصيب منها بثلاث ، شغلٍ عناء ، وأملٍ لا يدرك منتهاه ، وفقر لا يدرك غناه .
" من أصبح وأكبر همه الآخرة تأتيه الدنيا وهي راغمة ، أما ومن أصبح وأكبر همه الدنيا ـ تتفلت منه ، يخسر الدنيا والآخرة " .
من بعض الأدعية :
اللهم إنا نعوذ بك من عضال الداء ـ من مرض وبيل ـ ومن شماتة الأعداء ومن السلب بعد العطاء .
على كل عبد ألا يخافن العبد إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه :
الشيء الأخير : أن المؤمن واثق من حفظ الله له ، وقد علمنا القرآن الكريم أن نكون بهذه الثقة ، قال : " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا " [التوبة:51] .
" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ " [فصلت:30-32] .
لذلك أيها الأخوة ، آية في كتاب الله وحيدة ، وهي : " وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ " [هود:88] .
لا يحقق شيء في الأرض إلا بتوفيق الله ، وإذا كنت في مشكلة " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " لذلك: لا يخافن العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه .
مختارات
-
كيف تتعلم لتكون أسعد؟
-
" الاهتمام بالأسرة وذوي القربى "
-
فضل صوم يوم عرفة
-
مِنْ أسْماءِ الله الحُسْنى العزيز
-
شرح دعاء " اللهم ثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة"
-
شرح دعاء: حسبي الله لا إلـه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
-
التوحيد
-
حال السابق بالخيرات
-
" اللهم عجَّل فَرَجه "
-
أحاديث شعبانية غير صحيحة منتشرة في بعض المنتديات