" السَّفَه والحُمْق "
" السَّفَه والحُمْق "
ذَمُّ السَّفَه والحُمْق والنهي عنهما:
#### أولًا: في القرآن الكريم:
- قال تعالى: " فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ " [البقرة: 282].
قال الشَّافعي: (السَّفيه: المبَذِّر المفسد لماله أو في دينه) [تفسير البغوى].
- قال تعالى: " وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً " [النِّساء: 5].
قال البغوي: (والسَّفيه الذي لا يجوز لوليِّه أن يؤتيه ماله هو المستحِقُّ للحَجْرِ عليه، وهو أن يكون مبذِّرًا في ماله، أو مفسدًا في دينه) [تفسير البغوى].
#### ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة:
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصَّالح والجليس السُّوء، كمثل صاحب المسك وكِير الحدَّاد، لا يعدمك مِن صاحب المسك إمَّا تشتريه أو تجد ريحه، وكِير الحدَّاد يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة) [رواه البخارى ومسلم].
قال أبو حاتم: (والواجب على العاقل ترك صحبة الأَحْمَق، ومجانبة معاشرة النَّوكى، كما يجب عليه لزوم صحبة العاقل الأريب، وعشرة الفَطِن اللَّبيب؛ لأنَّ العاقل - وإن لم يصبك الحظُّ مِن عقله - أصابك مِن الاعتبار به، والأَحْمَق إن لم يَعْدِك حُمْقُه تدنَّستَ بعِشْرَته) [روضة العقلاء].
- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (يخرج في آخر الزَّمان أقوامٌ أحداث الأسنان، سُفَهَاء الأحلام، يقولون مِن خير قول البريَّة، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنَّ في قتلهم أجرٌ لمن قتلهم يوم القيامة) [رواه البخارى ومسلم].
قال ملا علي القاري: (أي: ضعفاء العقول، والسَّفَهُ - في الأصل -: الخِفَّة والطَّيش، وسَفِه فلان رأيه: إذا كان مضطربًا لا استقامة فيه، والأحْلَام: العقول، واحدها حِلْم، بالكسر) [مرقاة المفاتيح].
#### أقوال السَّلف والعلماء في السَّفَه والحُمْق:
- عن مجاهد قال: (كنت عند ابن عبَّاس، فجاءه رجل، فقال: إنَّه طلَّق امرأته ثلاثًا، فسكت حتى ظننت أنَّه سيردُّها إليه، فقال: ينطلق أحدكم فيركب الأُحْمُوقة، ثمَّ يقول: يا ابن عبَّاس ! يا ابن عبَّاس، إنَّ الله قال: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا " [الطلاق: 2] وإنَّك لم تتَّق الله، فلا أجد لك مخرجًا، عصيت ربَّك، وبانت منك امرأتك) [صححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود].
- وعن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر، قال: (طلَّق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ليراجعها، قلت: تُحْتَسب؟ قال: فمه، وعن قتادة، عن يونس بن جبير، عن ابن عمر، قال: مُرْهُ فليراجعها، قلت: تُحْتَسب؟ قال: أرأيت إن عجز واستَحْمَقَ؟ [رواه البخارى ومسلم].
- وعن يسير بن عمرو - وكان قد أدرك الصَّحابة - قال: (اهجر الأَحْمَقَ؛ فليس للأَحْمَق خيرٌ مِن هجرانه) [رواه ابن حبان فى روضة العقلاء].
- وعن وهب بن منبِّه قال: (الأَحْمَق كالثَّوب الخَلق: إن رفأته مِن جانبٍ انخرق مِن جانبٍ آخر، مثل الفَخَّار المكسور، لا يُرَقَّع ولا يُشعب ولا يُعاد طينًا) [رواه ابن حبان فى روضة العقلاء].
#### من آثار الحُمْق:
1- الأَحْمَق مُبْغَضٌ في النَّاس.
2- السَّفَه والحُمْق دليلٌ على سوء الخُلُق.
3- السَّفَه والحُمْق مِن خوارم المروءة.
4- السَّفِيه يقع في الغيبة وأعراض النَّاس.
5- السَّفِيه بذيء اللِّسان.
6- سرعة الانفعال والتدخل في شئون الناس.
7- الخفة وسرعة الجواب من غير روية.
#### أقسام السَّفَه:
السَّفَه ينقسم إلى قسمين:
1- سفه في الأمور الدُّنيويَّة، وهو التَّصرُّف في الأموال بالتَّبذير والإسراف، قال الله تعالى: " وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ " [النِّساء: 5].
2- سفه في الدِّين، قال تعالى: " أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء " [البقرة: 13] وقوله تعالى: " سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا " [البقرة: 142] والمراد بالسُّفَهاء هنا الكفَّار والمنافقين.
#### مِن علامات السَّفيه والأحمق:
من علامات السفيه:
1- الشُّح.
2- سوء الخُلُق.
3- إنفاق المال على وجه التَّبذير وفيما لا ينبغي.
4- الفُحْش وبذاءة اللِّسان.
مِن علامات الأَحْمَق:
1- التَّخلُّق بالعجلة، والخِفَّة، والجفاء، والغُرُور، والفجور.
2- التَّخَلُّق بالجهل، والتَّواني، والخيانة، والظُّلم، والضَّياع.
3- التَّخَلُّق بالتَّفريط، والغفلة.
4- التَّخَلُّق بالسُّرور، والخيلاء، والفجر، والمكر.
5- إذا استغنى بَطِر، وإن افتقر قَنَط، وإن فرح أَشَر.
6- إن قال فَحُش، وإن سأل ألحَّ.
7- إن قال لم يُحْسِن، وإن قيل له لم يَفْقَه.
مِن شيم الأَحْمَق:
قال أبو حاتم: (ومِن شيم الأَحْمَق: العجلة، والخِفَّة، والعجز، والفجور، والجهل، والمقت، والوَهَن، والمهابة، والتَّعَرض، والتَّحاسد، والظُّلم، والخيانة، والغفلة، والسَّهو، والغيِّ، والفُحْش، والفخر، والخيلاء، والعدوان، والبغضاء) [روضة العقلاء].
مِن أعظم أمارات الحُمْق:
قال أبو حاتم: (وإنَّ مِن أعظم أمارات الحُمْق في الأَحْمَق لسانه؛ فإنَّه يكون قلبه في طرف لسانه، ما خطر على قلبه نَطَق به لسانه، والأَحْمَق يتكلَّم في ساعة بكلام يعجز عنه سحبان وائل، ويتكلَّم في السَّاعة الأخرى بكلام لا يعجز عنه باقل، والعاقل يجب عليه مجانبة مَن هذا نعته ومخالطة مَن هذه صفته؛ فإنَّهم يجترئون على مَن عاشرهم) [روضة العقلاء].
#### مُعَاشَرة الأَحْمَق:
قال أبو حاتم: (مَثَلُ الأَحْمَق إن صَحِبته عنَّاك، وإن اعتزلته شتمك، وإن أعطاك مَنَّ عليك، وإن أعطيته كفرك، وإن أسرَّ إليك اتَّهمك، وإن أسررت إليه خانك، وإن كان فوقك حَقِرَك، وإن كان دونك غمزك) [روضة العقلاء].
قال أبو حاتم: (أظلم الظُّلمات الحُمْق، كما أنَّ أنفذ البصائر العقل، فإذا امتُحِن المرء بعِشْرَة الأَحْمَق كان الواجب عليه اللُّزوم لأخلاق نفسه، والمباينة لأخلاقه مع الإكثار مِن الحمد لله على ما وهب له مِن الانتباه لـمَّا حُرِمَ غيره التَّوفِيق له... والعاقل يجب عليه مجانبة مَن هذا نعته) [روضة العقلاء].
مختارات