" قبل الانطلاق "
" قبل الانطلاق "
أذكركم بقول ربنا تبارك وتعالى: " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ " [فصلت: 30].
نعم، إنه الفائز الموفق الرشيد الذي عرف ربه وآمن به، ثم استقام على طاعته حتى الممات، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه وإحسانه " وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " [فصلت: 35] " وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا " [الإنسان: 12].
تأمل – أيها الموفق – كلمة «صبروا»
صبروا على طاعة ربهم في زمن الغربة !
صبروا وابتعدوا عن الآثام والملذات والمغريات في حياتهم الدنيا !
صبروا على ما نزل بهم من الأقدار والأكدار !
ولا يوفق لهذه الأنواع الثلاثة إلا من وفقه ربه العلي العظيم.
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: " فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا " [المعارج].
إن من أول معالم توفيق الله لعبده المؤمن أن يرزقه اليقظة والمحاسبة في حياته الدنيا، فتراه خائفًا أن يزيغ قلبه، أو تزل قدمه بعد ثبوتها، تراه يجأر إلى الله؛ يسأله الثبات والتوفيق في كل ساعة وحين، غير مبدل ولا مغير " رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ " [آل عمران: 8].
نعم، لقد كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمكان يقول: «يا وليَّ الإسلام وأهله، ثبِّتني به حتى ألقاك» [السلسلة الصحيحة].
هكذا الموفق يسير في حياته الدنيا، موفقًا مُسددًا حتى يلقى ربه على خاتمة طيبة وعمل صالح.
يسير في الدنيا، يأكل ويشرب، وينكح ويتمتع، ويعمل ويكدح ويسافر هنا وهناك، لكن قلبه معلق بدار القرار.
" يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ " [غافر: 39].
ويقول ربنا في محكم التنزيل: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [النحل: 97].
مختارات