" تحصنوا بالأذكار الشرعية "
" تحصنوا بالأذكار الشرعية "
لعل من أعظم وسائل الحفظ للعبد المداومة على أذكار اليوم والليلة، ولعلنا نسمع في خضم الحوادث والقصص التي فيها من أنواع البلاء ودرجاته مما يصاب بها البشر، والتي يتبين أن أصحابها بعيدون كل البعد عن ما يحصنهم عنها ويقيهم من شرها.
كيف يكون للمسلم الحفظ من رب العالمين وهو لا يجري على لسانه بعض الأدعية المأثورة الواردة عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم؟ ليس المهم أن نقتني بطاقات توزع تعني بالأذكار، ولكن الأهم هو تفعيلها، وإدراك فضلها والمغزى منها، ويكفي من فوائدها أنها من الأعمال الصالحة التي تقرب المسلم إلى الله درجات ودرجات وتقربه من جنات النعيم، ويا حبذا لو حفظناها وعلمناها أهلينا وأولادنا، فأذكار الصباح والمساء أشد من سور يأجوج ومأجوج في التحصين لمن قالها بحضور قلب.
ولعلنا نقف هنا وقفة يسيرة نأخذ منها شيئًا يهمنا في اليوم والليلة، مثل قراءة آية الكرسي، والتي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها حصن حصين منيع لقارئها بإذن الله تعالى من كل شر.
وكذلك قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، ففي صحيح البخاري، عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه».
* إنك لو ذكرت ربك فقلت حين تصبح: «سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة وإذا أمسيت كذلك لم يوافِ أحد من الخلائق بمثل ما وافيت».
فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة وإذا أمسى كذلك لم يوافِ أحد من الخلائق بمثل ما وافى».
* إنك لو ذكرت ربك فقلت: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كان لك عدل عشر رقاب، وكتبت لك مائة حسنة، ومحيت عنك مائة سيئة، وكان لك حرزًا من الشيطان يومك ذلك حتى تمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جئت به إلا أحد عمل أكثر من ذلك».
وكذلك سورة الإخلاص والمعوذتان، ففيها جميعًا من الخير العظيم ما الله به عليم، والتي يغفل عنها بعض المسلمون بالرغم من أن حفظها ميسر – ولله الحمد – للصغير قبل الكبير؛ ولكن يا ترى هل فعلًا تقرأ في الصباح والمساء مع استشعار عظمتها وفائدتها المرجوة؟ ففي قراءتها التمسك بأعظم أسباب الحفظ من الخالق الجليل.
كما أن هناك أدعية مأثورة لها الأثر في حفظ العبد تقال في الصباح والمساء مثل دعاء: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات إلا لم يضره شيء» ثلاث مرات.
ففي هذا الدعاء الأثر العجيب والمجرب، وفيه بعض القصص التي يتبين لنا منها فائدة هذا الدعاء القوي في تأثيره، انظر لهذا الحديث الذي يرويه لنا عثمان بن عفان رضى الله عنه ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات إلا لم يضره شيء – ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي» [صححه الألباني في صحيح أبي داود].
وعن أبان بن عثمان قال: سمعت عثمان بن عفان رضى الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات إلا لم يضره شيء. وكان أبان قد أصابه طرف فالج فجعل الرجل ينظر إليه فقال له أبان: ما تنظر؟! أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله على قدره» [رواه البخاري].
وكما أخبر عنه الصحابي الجليل أنس بن مالك رضى الله عنه في بعض الروايات: «من دعا به في كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل وقد دعوت به في صباحي هذا».
وكذلك من الأدعية القوية في تأثيرها التي يتحصن بها العبد المسلم والتي لا ينبغي عليه أن يتركها: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق..» (ثلاث مرات).
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، فقال: «أما إنك لو قلت حين تمسي: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك إن شاء الله تعالى» [رواه مسلم].
ثم أين أنت أخي القارئ الكريم عن الدعاء المأثور الذي ينبغي علينا ذكره صباح مساء وهو: «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» فلو تدبرنا ما فيه من كلمات لتشبثنا به، وما تركنا قوله أبدًا في حياتنا اليومية.
وكذلك من الأدعية التي لها أثرها في حفظ المسلم قولك: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير " فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم: «من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه وحرز من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله عز وجل» [أخرجه أيضًا النسائي وزاد فيه: «بيده الخير» وعقب المغرب عند الترمذي، وحسنه الألباني].
ومما يجعل المسلم يحفظ نفسه وماله وولده وأهله بإذن الله تعالى – ومما يوصى ويعنى به في تحفيظه الأبناء – عندما يخرج من بيته فيقول: «بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيقال له: هديت وكفيت ووقيت، وتنحى عن الشيطان» [رواه أبو داود والترمذي].
أتمنى منك أخي القارئ الكريم ألا تفوت على نفسك مثل هذه الأدعية العظيمة التي فيها بإذن الله النفع المبارك والحصن الحصين؛ والتي يتبين فيها توطيد الصلة بين العبد وربه جل جلاله، فما أحلى أن نحفظها، وأن نقولها ونبدأ بها يومنا، ونعلمها أبناءنا وبناتنا، ولا يشغلنا عنها شاغل صباح مساء؛ حتى ننعم في حياة هنيئة سعيدة محفوفة بملائكة الرحمن.
مختارات