تابع " من أشراط السَّاعة الصغرى "
تابع " من أشراط السَّاعة الصغرى "
6- ظهور مدَّعي النبوَّة:
ومن العلامات التي ظهرت: خروج الكذَّابين الذين يدعون النبوة، وهم قريبٌ من ثلاثين كذابًا، وقد خرج بعضهم في الزمن النبويِّ وفي عهد الصحابة، ولا يزالون يظهرون.
وليس التحديد في الأحاديث مرادًا به كل من ادعى النبوة مطلقًا؛ فإنهم كثيرٌ لا يُحصون، وإنما المراد من قامت له شوكة، وكَثُر أتباعه، واشتهر بين الناس (انظر: فتح الباري).
ففي " الصحيحين " عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم السَّاعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين؛ كلهم يزعم أنه رسول الله " (صحيح البخاري وصحيح مسلم).
وعن ثوبان رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم السَّاعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون من أمتي ثلاثون كذابون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي " (قال الألباني: صحيح. انظر: " صحيح الجامع الصغير).
والأحاديث في ظهور هؤلاء الدجاجلة كثيرة، وفي بعضها وقع أنهم ثلاثون بالجزم؛ كما في حديث ثوبان، وفي بعضها أنهم قريب من الثلاثين؛ كما في حديث " الصحيحين " ولعل رواية ثوبان على طريقة جبر الكسر (انظر: " فتح الباري).
وممن ظهر من هؤلاء الثلاثين مسيلمة الكذاب، فادعى النبوة في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماه مسيلمة الكذاب، وقد كثر أتباعه، وعظم شره على المسلمين، حتى قضى عليه الصحابة في عهد أبي بكر الصديق رضى الله عنه، في معركة اليمامة المشهورة.
وظهر كذلك الأسود العنسي في اليمن، وادعى النبوة، فقتله الصحابة قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم.
وظهرت سجاح، وادعت النبوة، وتزوجها مسيلمة، ثم لما قتل؛ رجعت إلى الإسلام.
وتنبأ أيضًا طليحة بن خويلد الأسدي، ثم تاب ورجع إلى الإسلام، وحسن إسلامه.
ثم ظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي، وأظهر محبة أهل البيت، والمطالبة بدم الحسين، وكثر أتباعه، فتغلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، ثم أغواه الشيطان، فادعى النبوة ونزول جبريل عليه (انظر: " فتح الباري).
والذي يقوي أنه من الدجالين ما رواه أبو داود بعد سياقه لحديث أبي هريرة الذي في " الصحيحين " في ذكر الكذابين: " عن إبراهيم النخعي أنه قال لعبيدة السلماني: أترى هذا منهم – يعني: المختار-؟ قال: فقال عبيدة: أما إنه من الرؤوس " (سنن أبي داود، مع عون المعبود).
ومنهم الحارث الكذاب، خرج في خلافة عبد الملك بن مروان، فقتل.
وخرج في خلافة بني العباس جماعة (فتح الباري).
وظهر في العصر الحديث ميرزا أحمد القادياني بالهند، وادعى النبوة، وأنه المسيح المنتظر، وأن عيسى ليس بحي في السماء.... إلى غير ذلك من الادعاءات الباطلة، وصار له أتباع وأنصار، وانبرى له كثير من العلماء، فردوا عليه، وبينوا أنه أحد الدجالين.
ولا يزال خروج هؤلاء الكذابين واحدًا بعد الآخر، حتى يظهر آخرهم الأعور الدجال، فقد روى الإمام أحمد عن سمرة بن جندب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم كسفت الشمس على عهده: " وإنه – الله - لا تقوم السَّاعة حتى يخرج ثلاثون كذابًا، آخرهم الأعور الكذاب " أحمد- بهامشه منتخب كنز العمال).
ومن هؤلاء الكذابين أربع نسوة، فقد روى الإمام أحمد عن حذيفة رضى الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: في أمتي كذابون ودجالون سبة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين، لا نبي بعدي " (مسند أحمد وهو صحيح.انظر: صحيح الجامع الصغير).
7- انتشار الأمن:
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم السَّاعة حتى يسير الراكب بين العراق ومكة، لا يخاف إلا ضلال الطريق " (مسند أحمد- بهامشه منتخب الكنز) قال الهيثمي: " رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح " " مجمع الزوائد).
وهذا قد وقع في زمن الصحابة رضى الله عنهم، وذلك حينما عم الإسلام والعدل البلاد التي فتحها المسلمون.
وسيكون ذلك في زمن المهدي وعيسى عليه السلام حينما يعمُّ العدلُ مكان الجور والظلم.
8- ظُهورُ نارِ الحجازِ:
عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم السَّاعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز؛ تضيء أعناق الإبل ببصرى " (صحيح البخارى وصحيح مسلم).
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام أربع وخمسين وست مئة، وكانت نارًا عظيمة، أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم في وصفها.
قال النووي: " خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وست مئة، وكانت نارًا عظيمة جدًا، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة " (شرح النووي لمسلم).
ونقل ابن كثير أن غير واحد من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز (انظر: " النهاية/ الفتن والملاحم).
وذكر القرطبي ظهورَ هذه النار، وأفاض في وصفها في كتابه " التذكرة " (انظر: " التذكرة) فذكر أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى.
وقال ابن حجر: " والذي ظهر لي أن النار المذكورة... هي التي ظهرت بنواحي المدينة؛ كما فهمه القرطبي وغيره " (فتح الباري).
وهذه النار ليست هي النار التي تخرج في آخر الزمان، تحشر الناس إلى محشرهم (انظر: " شرح النووي لمسلم)؛ كما سيأتي في الكلام عليها في الأشراط الكبرى.
9- قِتالُ التُّرك:
روى مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم السَّاعة حتى يقاتل المسلمون الترك؛ قومًا وجوههم كالمجان (جمع مجن، وهو الترس،انظر: النهاية في غريب الحديث) المطرق: هي التي عليت بطارق، وهي الجلد الذي يغشاه، ومنه طارق النعل) يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر " (صحيح مسلم،مع شرح النووي).
وللبخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم السَّاعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف (الذلف بالتحريك: قصر الأنف وانبطاحه، وقيل: ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته. و(الذلف): بسكون اللام، جمع أذلف؛ كأحمر وحمر)، كأن وجوههم المجان المطرقة " (صحيح البخاري).
وعن عمرو بن تغلب قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أشراط السَّاعة أن تقاتلوا قومًا عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة " (مسند أحمد- بهامشه منتخب الكنز) واللفظ له، و " صحيح البخاري،مع الفتح).
مختارات